أساتذة القانون: الدستور لم ينص علي ضرورة توقيع الكشف الطبي علي المرشحين قضاة سابقون: كان يجب ترسيم الحدود بين المحافظات قبل إصدار قانون تقسيم الدوائر
في الوقت الذي تستعد فيه مصر لإجراء انتخاب مجلس النواب التي ستنطلق الشهر القادم، برزت المخاوف من إمكانية تكرار سيناريو حل أول برلمان بعد ثورة 25يناير في عهد المجلس العسكري، والذي كان يهيمن عليه الإسلاميون.
ولم يستمر المجلس شهورًا حتى صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا ببطلان طريقة انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشعب المستقلين، الأمر الذي أدى بطلان المجلس وحله, مما أدى في النهاية إلى عودة الوضع إلى ما كان عليه. ورغم نص الدستور الحالي على إجراء الانتخابات البرلمانية بعد 6أشهر من إقراره إلا أنه منح الفرصة الكافية لرئيس الجمهورية لإصدار ما يشاء من القرارات والقوانين دون محاسبة أو مراجعة قد يستدعي تأجيله إلى أكبر فترة مقبلة أو ربما إلغائه، وهو ما جعل النظام الحالي يقوم بوضع عدة عراقيل قد تهدد بحل البرلمان المقبل على غرار البرلمان السابق، بحسب خبراء سياسيين وقانونيين. وتتمثل هذه العراقيل في إقرار الكشف الطبي على المرشحين دون إقرار الدستور عليه، بالإضافة إلى عدم دستورية قانون تقسيم الدوائر ومنح الغالبية لمرشحي المقاعد الفردي، مما يخالف مبدأ التعددية الحزبية, كذلك وضع شرط متناقض لانتخاب المقيمين في الخارج إلا أن البعض استبعد أن تؤدي هذه الخلافات القانونية على حد وصفهم إلى حل البرلمان. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء محللين حول إمكانية تكرار سيناريو البرلمان الماضي وحل المجلس القادم. وقال حمدي سطوحي، رئيس حزب العدل، إن البرلمان القادم مهدد بعدم الشرعية ويمكن حله في أي وقت وحزب العدل قد نبه المسئولين لهذا الأمر وطالبنا من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بأن يقوم بإحالة قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية قبل أن يتم إجراء الانتخابات البرلمانية، ولكن يبدو أن النظام الحالي يفضل إعادة سيناريو المجلس العسكري والذي وضع عدة ثغرات دستورية والتى تمثلت في قانون الانتخابات المعيب حتى يصل الحال في النهاية إلى حل البرلمان، وهو ما يشير إليه الوضع الحالي، خاصة أن الدستور الحالي يجعل البرلمان يشاطر رئيس الوزراء كل صلاحياته، إضافة إلى أن تعيينه سيكون من الأغلبية الحزبية، كما سيشكل رقابة كبيرة على قرارات الرئيس والحكومة، وهو ما لا تشجعه الحكومة أو رئيس الجمهورية. وأوضح رئيس حزب العدل أن من أهم النقاط التي قد تفقد البرلمان القادم شرعيته هي المسألة الخاصة بالمصريين في الخارج؛ حيث إن القانون يشترط أن يكون قد مضى 9 سنوات على بقائه بالخارج ولا يحمل جنسية أخرى فى حين أنه عندما يحصل على جنسية أخرى يكون قد حصل قبلها على موافقة وزارة الداخلية, وبالحصول عليها أصبح هناك تعارض لأنه لم يحصل على الجنسية الأخرى إلا بعد الموافقة عليها، كما أنه من الشائع أن أي مواطن مصري يعيش في دولة أوروبية لسنوات كثيرة فسوف يحصل على جنسية الدولة التي يعيش فيها. أيضًا هناك قانون تقسيم الدوائر لم يراعِ فيه تقسيم المقاعد بشكل يتناسب مع عدد المواطنين في الدوائر وهذا يتناقض مع الدستور الذي ضمن عدالة التوزيع, مشيرًا إلى أنه من لا يحالفه الحظ في النجاح في البرلمان سوف يطعن على عدم دستوريته ومن ثم سنجد كمًا هائلاً من الطعون والتي قد تؤدي إلى حل البرلمان والعودة إلى المربع صفر مرة أخرى. فهناك ثلاثة برلمانات تم حلها من قبل لعدم الدستورية، ومن المتوقع أن يكون البرلمان القادم هو الرابع وبذلك سوف يكبد الدولة مليارات الدولارات هي في غني عن تحملها، كما أنه سيحدث فوضى سياسية جديدة. فعدم وجود برلمان سيعني عدم شرعية الحكومة الحالية ويعني عدم استقرار وعدم وجود خطط واضحة ولكن وجوده حتى وإن كان ضعيفًا هو أفضل من عدم وجوده من الأساس. من جانبه، يرى الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطي، أن ما يثار حاليًا حول وجود ثغرات قانونية قد تهدد البرلمان بالحل ليس مؤكدًا، لا سيما أن الفقهاء الدستوريين قد أقروا أنها لا ترتقي إلى الطعن في شرعية البرلمان، لكن في حالة أقرت المحكمة الدستورية وجود أخطاء فإن الجميع سوف يلتزم بالقرار. فلو افترضنا أن هناك قرارات مخالفة للقانون مثل إجراء الكشف الطبي وغيرها من القرارات فلن ترتقي إلى حل البرلمان، فالنظام الحالي إذا كان لا يرغب في عدم وجود برلمان فكان من الأولى عدم الدعوة إليه وتحديد مواعيد رسمية، وكان يستطيع تعطيل الإجراءات أو أن يدفع أحد ليقوم بالطعن على القانون منذ البداية إلا أن هذا مستبعد، فالوضع الحالي يسير وفق روئ واضحة بعكس ما كان يحدث من التخبط أثناء حكم المجلس العسكري والذي كان يسير في اتجاه واحد. بدوره، أكد الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أن هناك عدة أمور قد تتسبب في الطعن بعدم دستورية البرلمان المقبل أهمها إلزام مرشحي مجلس النواب القادم بالخضوع للكشف الطبي ووجوب تمتعهم باللياقة البدنية والذهنية، وهو مخالف للدستور الحالي ولم يصب عين الحقيقة". وأضاف فودة أن "المشرع اهتم بمسألة إخضاع رئيس الجمهورية لعملية الكشف الطبي والتأكد من صحته البدنية والذهنية ولم يهتم لأمر مجلس النواب، وهذا يدل على أنه كان متذكرًا لهذا الأمر ولم يكن عيبًا دستوريًا ورأى عدم جدواه بالنسبة للمرشحين". فالدستور نص على وجود "كوتة" لبعض الفئات في مجلس النواب، منها المرأة والشباب وذوو الاحتياجات الخاصة، وأن منع ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين ببعض الأمراض من مباشرة حقوقهم السياسية مخالف للقانون والدستور، فإذا جرت الانتخابات وفق هذه الشروط فإنها سوف تهدد البرلمان المقبل بالبطلان". من جانبه، قال المستشار سعيد الجمل، الفقيه الدستوري والقانوني، إن القانون الحالي عالج جميع السلبيات التى تم على أساسها حل البرلمان الماضي إبان حكم المجلس العسكري، فالخلاف الدائر حول عدم نص الدستور على إلزام المرشحين للبرلمان بإجراء الكشف الطبي هو خلاف مصطنع، لا سيما أن القانون له الحق في معالجة هذا الأمر دون ذكره في الدستور. حامد: قانون تقسيم الدوائر يمكن أن يكون طريقًا للطعن على شرعية البرلمان القادم فيما رأى قال المستشار محمد حامد، الجمل نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن عملية الكشف الطبي على المرشحين تتم بصورة دستورية وقانونية، فقانون الانتخابات البرلمانية أو الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية خالٍ من العيوب الدستورية، وحال وجود عيوب فإنها لا ترتقي إلى مرتبة عدم الدستورية، وإنما تكون في باب الملاءمات الخاصة بالتشريع. فقانون تقسيم الدوائر كان يجب أن يتم إقراره بعد ترسيم حدود المحافظات وإنشاء المحافظات الجديدة ومد حدود محافظات الصعيد إلى البحر الأحمر، وهذا لم يتم حتى الآن ولابد من إجراء هذا التحديد قبل الانتخابات حتى لا يوجد عوار قانوني يمهد للطعن على أساسه. فقانون الانتخابات البرلمانية الذي ينص على وجود 80% من المرشحين مستقلين و20% من خلال القوائم المجمعة للأحزاب غير مخالف لبند التعددية الحزبية الذي ينص عليه الدستور الحالى، خاصة أن من حق الأحزاب الموجودة طبقًا للقانون الترشح على المقاعد الفردي، خاصة أن إنشاء الأحزاب يتم بموجوب الإخطار. فكثرة عدد الأحزاب الموجودة في الشارع السياسي والتي تصل إلى 96 حزبًا سياسيًا لا يتفق مع أصول الديمقراطية الموجودة في جميع أنحاء العالم حيث يوجد حزبان أو ثلاثة على الأكثر يتم المنافسة بينها ولها قواعد شعبية واسعة، بينما الأحزاب الموجودة في الشارع المصري فيما عدا قلة قليلة معظمها أحزاب ورقية وليس لها قواعد شعبية ذات قيمة، مما قد يسبب مشكلة كبيرة في إجراء الانتخابات البرلمانية على عدد كبير من المقاعد إذا ما تمت زيادة نسبة القوائم الحزبية لأكثر من 20%. وأضاف نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن إغفال ذكر الكشف الطبي للمرشحين فى الدستور الحالي للمرشحين هو أمر طبيعي، خاصة أنه تم النص عليه في الدستور فيما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية للاطمئنان على صحته الذهنية والنفسية والعقلية، فإن ذلك يسري على جميع المناصب في الدولة كالوزراء والمحافظين وأعضاء البرلمان.