تفويض مرسى صلاحيته لرئيس انتقالي يشرف على انتخابات تشريعية ورئاسية وعودة الجيش لثكناته كشفت مصادر مطلعة عن تفاصيل المبادرة التي طرحها راشد الغنوشي، زعيم حزب "النهضة" التونسي على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومسئولين سعوديين كبار، والتي تتضمن تصورًا يحظى بقبول جماعة "الإخوان المسلمين"، يشكل إطارًا عامًا لإنهاء الأزمة في مصر. وتتضمن المبادرة، "طي صفحة الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي أطاح به الجيش من السلطة في 3يوليو 2013 عقب احتجاجات شعبية حاشدة، عبر إعلان استقالته أو عودته للحكم ليوم واحد، وتفويض صلاحيته لشخصية تحظى بتوافق وطني تتولى إدارة البلاد خلال مرحلة انتقالية يتم خلالها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة". وشدد الغنوشي في مبادرة على "ضرورة العودة للشعب لتحديد من يحكم مصر خلال الفترة القادمة، عن طريق انتخابات حرة تحظى برقابة وإشراف دولي وثقة الأممالمتحدة يشكل حزب الأغلبية فيها الحكومة التي ستضم جميع ألوان الطيف السياسي، وتعيد الجيش إلى ثكناته، مع محاسبة المسئولين عن كل أعمال العنف التي شهدتها البلاد منذ 3يوليو وعلى رأسها فض اعتصامي رابعة والنهضة". وبحسب المصادر، فإن المبادرة تحظى بدعم تركي قطري، فيما من المرجح أن تحظى بتأييد الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي الذي لايزال يعول كثيرًا على دور مهم لجماعة الإخوان في المشهد السياسي، وبعد أن نقل سفراء بريطانيا وإيطاليا وفرنسا لرؤساء أحزاب عدة خلال الأيام الماضية رغبة قوية في دمج الإخوان في المشهد السياسي. وقال الدكتور أحمد التويجري، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، إن جماعة الإخوان المسلمين، لا تعتبر "إرهابية"، واصفًا تصنيف الجماعة بالإرهابية ب"غير العاقل". وأضاف في مقابلة مع قناة "روتانا خليجية": "المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تنظر للإخوان بأنها إرهابية، ولكنها وصفت من يقوم بالعنف والتفجير ب"الإرهابيين، فالمملكة لا تعادي الإخوان". وتابع: "الحزب السياسي الذي يحكم المغرب الآن، من الإخوان المسلمين، وكذلك الكويت وتركيا، فهؤلاء لا مشكلة للمملكة معهم، موضحًا أن العلاقة بين الإخوان المسلمين والسعودية علاقة تاريخية فهناك "معروف كبير بينهم". وتابع: "تعكرت هذه العلاقة في الفترة الأخيرة، ولكن تظل هذه العلاقة مستمرة، ولا يمكن أن نصدر أحكام عليهم بأنهم "إرهابيين" فالمملكة تتحدث عن من يحترفون العنف والتفجير فقط، أما الذين يدعون للإصلاح وتحكيم شرع الله فلا مشكلة للملكة معهم". ولن تكتفي جماعة الإخوان بالتعويل على دور سعودي، ولا المبادرة التي طرحها الغنوشي، بل ستواصل الضغط على النظام بكل الوسائل في الداخل سواء عبر استمرار أذرعتها وفى مقدمتها "العقاب الثوري" و"الأيام الحاسمة" القيام بعمليات ضد الشرطة وتخريب مؤسسات حيوية وإحراق سيارات تابعة للقضاء ورجال الشرطة وكل من يمثل مؤسسات داعمة للنظام أو بالضغط الخارجي عليه. إلى ذلك، رأى الدكتور ناجح إبراهيم، منظّر "الجماعة الإسلامية" أن "تحقيق المصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان يبدو مستبعدًا في المستقبل المنظور نتيجة وجود خلافات جوهرية بين رؤية الطرفين للحل؛ فالجماعة لا تزال تراهن على استعادة حكم مرسي وهزيمة الدولة، وهو أمر يبدو مستحيلاً". وأضاف "استمرار الخلافات بين الطرفين يحتاج لتدخل قوى إقليمية ودولية لفرض تسوية على الطرفين أو إقناع كل طرف بالعودة خطوة للوراء لإيجاد مثل هذه التسوية"، محذرًا من أن "على رهان الجماعة على العنف والتفجير والتخريب لن يسفر عن شيء إلا تعزيز قوة التيار الداعم للمواجهة داخل السلطة". من جانبه، قال محمد توفيق، القيادي المنشق عن حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسية ل "الجماعة الإسلامية"، إن "هناك مساعي حثيثة من جانب الإخوان لتوظيف أحداث الألتراس لإشعال موجة من الغضب داخل الجامعات المصرية، وفي مقدمتها الأزهر والقاهرة وعين شمس". وأضاف: "جماعة الإخوان لن تألو جهدًا في إزعاج السلطة.. بعد أن وصلت إلى حد المواجهة المباشر والمفتوحة مع مؤسسات الدولة، فضلاً عن أن توسعها في التفجير والتخريب يأتي لإجبار الدولة على التفاوض وتقديم تنازلات لها". وأشار إلى أن "عمليات العنف التي لجأت إليها الجماعة خلال الفترة الأخيرة تأتي لتوصيل رسالة للقوى الإقليمية والدولية بأنها قادرة على إزعاج الدولة وإفشال مساعيها لتطبيع الأوضاع سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وعرقلة مساعيها لإنجاح مؤتمر الداعمين في شرم الشيخ نهاية سبتمبر القادم". وبحسب حسين عبدالرحمن مؤسس حركة "إخوان بلا عنف"، فإن "الجماعة ستتحرك في أكثر من اتجاه خلال المرحلة القادمة لإفشال المؤتمر الاقتصادي، حيث يحاول التنظيم الدولي، إشعال الساحة الداخلية وتوظيف أحداث العنف الأخيرة التي بدأت في سيناء واستمرت فى ملعب الدفاع الجوى لتوصيل رسالة للمستثمرين الدوليين بأن الأوضاع في البلاد لا توفر ملاذًا آمنًا للاستثمارات، وإعداد قائمة سوداء للمشاركين في المؤتمر". وأوضح أن "وفدًا من التنظيم الدولي زار عددًا من البلدان الأوروبية ومقر البرلمان الأوروبي لإقناع مزيد من الدول بعدم جدوى المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ، بل وسعت الجماعة لإثارة ملف حقوق الإنسان في مصر، عبر وثائق عدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون المصرية التي تضم 50ألف معتقل، وتتهم الشرطة بانتهاج سياسة قمعية تجاه المعارضة عمومًا والإخوان خاصة".