وضع ملحق تقرير أوضاع الحريات الدينية فى أنحاء العالم الصادر أمس عن وزارة الخارجية الأمريكية، مصر مع العراق وباكستان وروسيا ونيجيريا وطاجيكستان وتركمانستان وأفغانستان وفنزويلا وفيتنام، فى خانة الدول التى أخفقت فى حماية الحريات الدينية بشكل ناجع. الملحق الذى يتناول أحداث العنف الدينى التى وقعت فى مصر بعد الثورة، يأتى ضمن تقرير أوضاع الحريات الدينية فى أنحاء العالم نصف السنوى، الذى صدر فى أواخر إبريل الماضى. واستعرض الملحق أعمال العنف الطائفى التى وقعت فى مصر بعد سقوط الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وكان أعنفها ما حدث فى مايو الماضى بين مسلمين وأقباط، سقط خلاله 15 قتيلا. وأبدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، بمناسبة صدور الملحق، خشيتها من أن تعرّض الثورات الشعبية فى العالم العربى الأقليات الدينية فى المنطقة إلى أخطار جديدة، مضيفة: «هناك أناس قتلوا على يد جيرانهم بسبب عرقيتهم أو عقيدتهم. وفى أماكن أخرى رأينا حكومات تقف متفرجة، بينما العنف الطائفى الذى تشعله العداوات الدينية يمزق المجتمعات». رئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس، الأنبا مرقس، قال إن الكنيسة لم تطلع على ملحق تقرير الحريات الدينية وأضاف: «الطبيعى أن تقريرا أصدرته الخارجية الأمريكية أو أيا من ملاحقه، تكون الجهة المسئولة عن الرد على ما جاء به هى الخارجية المصرية، وليس الكنيسة، خصوصا أن التقرير تضمن مغالطات بشأن الأوضاع الدينية». وأضاف: «البابا شنودة كرر أكثر من المرة أن الكنيسة والأقباط يرفضون التدخل الخارجى فى شئون المسيحيين، صحيح أن الكثير من القلق على مستقبل مصر ينتاب الجميع بعد الثورة ومن بينهم الأقباط، لكن حل مشكلات المسيحيين معروف ويتمثل فى إقرار دولة القانون والمواطنة المدنية». وانتقدت الجبهة السلفية وضع مصر فى قائمة الدول التى تعانى من تقييد الحريات والتى وضعتها الخارجية الأمريكية، واعتبرته تدخلا فى شئون مصر الداخلية وطالبت الولاياتالمتحدة باحترام الحريات فى بلدها والدول التى تحتلها قبل أن تتحدث عن غيرها من الدول. ووصف المتحدث باسم «الجبهة السلفية»، خالد سعيد، حديث الخارجية الأمريكية عن الحريات فى مصر، بأنه صورة من صور الهيمنة التى تحاول فرضها على الدول العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن هذا الأسلوب ليس هو الوحيد التى تحاول به الولاياتالمتحدة التدخل فى شئون مصر الداخلية، موضحا أن أمريكا لا تتدخل فى شئون أى بلد إلا وأفسدتها. وقال: «نرفض كل صور التدخل الأمريكى فى شئوننا»، مشيرا إلى أن مصر دولة كبيرة وقادرة على حماية الأقليات فيها، «ولكن عليهم أن يكفونا من شرهم». وطالب سعيد الحكومة المصرية والمجلس العسكرى بعدم الحصول على المعونة الأمريكية قائلا: «نرفض المعونة الأمريكية لأنها تؤثر على قرارات الحكومة والمجلس العسكرى»، مشيرا إلى أن مصر غنية اقتصاديا بثرواتها وشبابها. من جانبه قال رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، مجدى عبدالحميد، إن ما قبل 25 يناير شهد إخفاق الحكومة المصرية فى التعامل مع ملف الحريات الدينية، نتيجة معاملته معاملة أمنية فى المقام الأول، دون الشعور بحساسية هذا الملف، كما تم استخدامه استخداما سياسيا لتهييج الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو استقرارها، مما جعل الملف شديد الخطورة. أما بعد الثورة، بحسب عبد الحميد، فإن المواطنين المصريين أصبحوا نسيجا واحدا لا فرق بين مسلم وقبطي، معتبرا أن ما حدث من أحداث طائفية، لم يكن المواطنون هم المسئولون عنها، بل التيار السلفى «وتفكيره الرجعى المتخلف الذى أراد الرجوع بمصر للخلف لأكثر من 5 آلاف سنة». لم يبد عبد الحميد أى تخوف على مستقبل الحريات الدينية فى مصر، نتيجة لحرص الشعب المصرى على سيادة مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية، إلا أنه تخوف من تمدد التيار السلفى الذى «خرج من بياته الشتوى»، على حد وصفه.