المالية: مراعاة أعلى معايير الجودة ومكافحة التزييف في العملات التذكارية للمتحف المصري الكبير    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الخميس 30اكتوبر فى بورصة الدواجن في المنيا    ترامب يعلن اتفاقاً مع الصين بشأن الرسوم الجمركية وصادرات المعادن النادرة    وزير الخارجية يتلقي اتصالين هاتفيين من كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ووكيل السكرتير العام للأمم المتحدة حول تطورات الأوضاع في السودان    غارات إسرائيلية عنيفة على منطقتي الجرمق والمحمودية جنوب لبنان    جوارديولا: سعيد بهدف مرموش وعودته إضافة للفريق بجانب هالاند    شوبير: جمهور الزمالك ومنتخب الشباب ظلموا محمد السيد    توروب يوافق على رحيل أشرف داري في يناير المقبل    انخفاض درجات الحرارة.. ما حالة الطقس اليوم الخميس 30-10-2025؟    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بمركز بني مزار بالمنيا    معلومات الوزراء: المتحف المصري الكبير بوابة مصر إلى حضارة المستقبل    مريم نعوم عن وفاة ماجد هلال وكيرلس: "حقكم علينا إننا مانسبش حقكم"    الصحة: 50 سيارة إسعاف على طرق ومسارات تحركات الوفود المشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير    بداية التوقيت الشتوي في مصر 2025.. تأخير الساعة 60 دقيقة الليلة    السيسى يوافق على اتفاق تمويل دراسة جدوى امتداد الخط الأول لمترو القاهرة    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط حماية وفحص شكاوى العملاء    أهم 3 أسباب للإخلاء ب قانون الإيجار القديم 2025    محافظ أسيوط يشارك طلاب "ناصر الثانوية العسكرية" فعاليات الإذاعة الموحدة بعدة لغات احتفالًا باقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير    رسميًا.. نقابة الأطباء تعلن بدء تطبيق قانون المسئولية الطبية    بسبب افتتاح المتحف المصري الكبير.. غلق محطات مترو «الرماية – المتحف – الأهرام» بدءًا من اليوم    رئيس جامعة أسيوط يهنئ الدكتورة إيناس عبد الحافظ بمناسبة تعيينها عميدةً ل"الطب البيطري"    وزير الخارجية يبحث هاتفيًا مع كبير مستشاري ترامب الأوضاع في السودان    الصحة النفسية والجسدية: علاقة لا يمكن فصلها    ماس كهرباء وراء اندلاع حريق بمحل مفروشات في النزهة    السجن المشدد 10 سنوات لعاطلين لسرقة شاب بالإكراه وحيازة سلاح أبيض بالنزهة    ارتفاع ضحايا إعصار ميليسا إلى 50 قتيلًا.. الكاريبى يغرق فى الدمار والعزلة.. فيديو    محمود أبو الدهب يفتح النار على خط دفاع الأهلي: الأسوأ في تاريخ النادي    أسعار الحديد اليوم الخميس 30-10-2025 في أسواق محافظة قنا    هل يتسبب محمد سلام في إجهاض زوجته في مسلسل كارثة طبيعية؟    الثقافة الجديدة تحتفل بالمتحف المصري الكبير في عدد نوفمبر 2025: هرم رابع وبوابة إلى المستقبل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    ترامب: سنعيد التفاوض سنويًا بشأن الاتفاق التجاري مع الصين    3 من أسرة واحدة.. تشييع ضحايا حادث سقوط سيارة بترعة في القليوبية    السجن المشدد وغرامة 10 ملايين جنيه عقوبة بيع الآثار خارج مصر    إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة أو تحمل تكاليفها.. أهم مكتسبات المرأة العاملة بالقانون الجديد    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    صبري فواز يدعو لاستخدام مصطلح «المصريين القدماء» بدلًا من «الفراعنة»    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 30اكتوبر 2025فى محافظة المنيا...تعرف عليها بدقه.    دوري أبطال أفريقيا.. كواليس جلسة رئيس بيراميدز مع اللاعبين قبل مواجهة التأمين الإثيوبي    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    طريقة عمل الطحال، أكلة شعبية وقيمتها الغذائية عالية    رحمة محسن تتصدر تريند جوجل.. لهذا السبب    إعلام فلسطيني: تجدد غارات إسرائيل على خان يونس جنوبي غزة    بالشراكة مع عدة جامعات.. صيدلة المنيا ضمن مشروع بحثى ممول من الاتحاد الأوروبي    «الهيئة العامة للرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    بايرن ميونخ يسحق كولن برباعية ويتأهل بثقة إلى ثمن نهائي كأس ألمانيا    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    محمد علي السيد يكتب: التجريدة المغربية الثانية.. مصر73    موناكو يقلب الطاولة على نانت في مهرجان أهداف في الدوري الفرنسي    فاهمة الحياة كويس.. أهم 3 أبراج حكيمة وعاقلة ترى ما بعد الحدث    التحفظ على جثة المصور كيرلس صلاح بمستشفى القنطرة شرق العام ب الإسماعيلية    محامي شهود الإثبات: الأيام القادمة ستكشف مفاجآت أكبر في القضية التي هزت الإسماعيلية    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد عيادات التأمين الصحي بالعريش    إنتر ميلان يستفيق من كبوة نابولي بفوز كبير على فيورنتينا    مطروح تستعد ل فصل الشتاء ب 86 مخرا للسيول    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    محاكمة صحفية لوزير الحربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في "مقبرة الإنجليز" بغزة .. زهور الموتى متنفس الأحياء
نشر في المصريون يوم 10 - 02 - 2015

على مساحة حوالي 40 كيلو مترا مربعا تتراص صفوف من القبور فوق أرضيّة مكسوة بالعشب الأخضر بشكل هندسي أشبه بقطع الدومينو، داخل إحدى المقابر شرق مدينة غزة.
المقبرة التي تحمل اسم "Gaza war cemetery" (مقبرة حرب غزة)، أو "مقبرة الإنجليز" كما يُسميها سكان قطاع غزة، تبدو وكأنّها متنزه بفعل الألوان الزاهية التي شكلتّها مختلف أنواع الأزهار والورود والعشرات من أشجار "السرو".
و"تضم المقبرة 4 آلاف قبر لرفات جنود من 17 دولة، معظمهم بريطانيين، جاءوا لقتال الدولة العثمانية مع قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914:1918)"، كما يقول حارس المقبرة، عصام جرادة (52 عاما)، لوكالة الأناضول.
جرادة يعمل حارسا لمقبرة الإنجليز خلفا لوالده إبراهيم جرادة، الذي أدار شؤون المقبرة (منذ أن كان عمره 17 عاما) لنحو خمسين عاما حتى بلغ سن التقاعد،(65 عاما)، وكان قد تولى هو الآخر مهمة الحراسة بعد وفاة والده ربيع.
ويضيف عصام جرادة : "ابني يستعد لتولي إدارة المقبرة عند وصولي إلى سن التقاعد، عائلتي تعمل منذ أكثر من تسعين عاما على حراسة وإدارة شؤون المقبرة، ونتلّقى الرواتب الشهرية من هيئة الكومنولث" البريطانية التي أسست المقبرة (هيئة أسستها الحكومة البريطانية للإشراف على مقابر الحروب).
ويعمل جرادة، كحارس للمقبرة ومسؤول أول ، ويرافقه في العمل أربعة آخرون مهمتهم الاعتناء بالزهور والورود، ويتلقون جميعهم رواتبهم بشكل شهري من السفارة البريطانية في القدس (تقوم بتحويل الرواتب عبر البنوك العاملة في غزة).
ولا يشعر جرادة بأي خوف من إقامته هو وعائلته (7 أبناء) في المقبرة بين رفات آلاف الجنود، إذ يقول: "على العكس تماما، فالمقبرة تشكيل لي مكانا للراحة.. أنظر إلى ما حولي من زهور وأشجار وأشعر باطمئنان كبير".
ويمضي قائلا: "البعض تنتابه الدهشة لإقامتنا بين القبور والمبيت هنا، لكن المقبرة باتت على مدار الأجيال المتعاقبة بالنسبة لنا قطعة من أرواحنا.. منذ أن كنت صغيرا وأنا أشاهد أبي وهو يعتني بالنبات والزهور، واليوم ابني يراقبني ليتولى المهمة ذاتها من بعدي".
ويشير جرادة بيده نحو نصب صخري على مدخل المقبرة (تقع في مدخل غزة الشمالي في حي التفاح شارع صلاح الدين)، مكتوب عليه باللغتين العربية والإنجليزية: "الأرض المقام عليها المقبرة هي هبة من أهالي فلسطين لتكون مقر الراحة الأبدية لجنود الحلفاء الذين قتلوا في حرب (1914-1918) تخليدا لذكراهم".
فتاريخ المقبرة يعود إلى الحرب العالمية الاولى عندما كان الجيش البريطاني يقاتل جيش الدولة العثمانية، والتي قادت إلى فرض الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي انتهى في 14 مايو/ أيار 1948، وهو اليوم الذي أٌعلن عن قيام دولة فلسطين على أراض فلسطينية محتلة.
وعلى الكثير من شواهد القبور كُتب: "إنه معروف عند الله" "Known Unto God""، فيما كُتب على شواهد أخرى اسم الجندي وعمره وبلده ورتبته في الجيش.
ومن بين الجنود، كما يشير جرادة 8 جنود يهود، إضافة إلى 12 جنديا من المسلمين.
وهذه المقبرة تعد شاهدا تاريخيا على ما وصفه جرادة ب"ضراوة المعارك التي خاضها العثمانيون ضد قوات التحالف خلال الحرب العالمية الأولى".
وبفضل الأشجار في المقبرة، ومن أشهرها "الجكرندا" و"البونسيانا"، صارت المقبرة بالنسبة لسكان غزة، متنزها للترفيه وتنفيس الهموم، كما يقول الحارس.
وهذه الأشجار تتم العناية بها صيفا وشتاء، كي يبقى اللون الأخضر، هو السائد في المقبرة كما يؤكد جرادة.
ويُضيف: "هناك زهور وشتلات مخصصة للفصلين (الشتاء والصيف)، ويتم زراعتها على مدار السنة كي تبقى المقبرة خضراء زاهية الألوان".
ويأتي إلى المقبرة عشرات الزوار لالتقاط الصور بين الورود، وأكثرهم الخاطبون والمتزوجون حديثا كما يقول جرادة.
ويتابع موضحا أن "المدارس تنظم رحلات للطلاب إلى المقبرة.. وكثير من الوفود الأجنبية، التي تأتي لزيارة قطاع غزة تزور المقبرة.. والعائلات البريطانية تأتي إلى هنا لرؤية قبور أبنائها، والجميع يشعرون بالراحة لجمال أشجارها وترتيب شكلها".
غير أن المكان ليس مفتوحا للجميع، والمقبرة كما يقول جرادة، ليست للعب والترفيه، إذ يجب الاهتمام والعناية بها وفق تعليمات الحكومة البريطانية التي توفر كل ما يلزم لتزيين المقبرة وزراعتها بالزهور والاعتناء بها.
ويستدرك: "لا يتم فتحها إلا بوجودي أو وجود العمال، فلا يمكن تحويلها لمتنزه أو حديقة عامة فللمقبرة خصوصيتها ومهمتنا الحفاظ عليها".
و"خلال الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة تعرضت بعض شواهد المقبرة والأشجار إلى التلف؛ مما دفع الحكومة البريطانية، وعلى الفور، إلى ترميم الأضرار للحفاظ على المقبرة"، بحسب حارسها.
وتقول الطالبة الجامعية سها النزلي 19 عاما، لوكالة الأناضول إنها ترتاد بين الفيّنة والأخرى هي وصديقاتها المقبرة للتخلص من الأعباء النفسية، وما وصفته ب"المزاج السيء"، وهموم ما تُخلّفه الأوضاع المعيشية الصعبة "السياسية والاقتصادية" في قطاع غزة.
ويثير دهشة النزلي، أن تنبت الورود الجميلة بين آلاف هذه القبور، وأن تجلس في مكان هادئ من النادر تواجده في مدينة تتميز بالحركة وضجيج السكان والمركبات.
وتبلغ مساحة قطاع غزة 360 كيلو مترا مربعا، يقطن فوق هذا الشريط الساحلي الضيق، نحو 1.9 مليون نسمة، مما يجعلها أكثر المناطق في العالم اكتظاظًا بالسكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.