من الآخر أحبتي كما يقال: *** شكرًا وألف شكر يا سادتي على سعيكم الدؤوب في تضييع الثورة، وتبديد قواها، وتشتيت جهودها، وفتح ألف ثغرة للثعابين والضباع والبلطجية لالتهامها! *** شكرًا وألف شكر يا سادتي على الأنانية المفرطة، والإحساس المتورم بالذات، والنرجسية الغبية، التي تجعل كل حزب من خمسة أفراد يتصرف كأنه زعيم الوطنية، وأبو الأغلبية، وحامي الحمى، وبارم الشنبات! *** شكرًا وألف شكر يا سادتي للأشخاص الذين (قَبُّوا) فجأة على السطح، ليتحدثوا باسم مصر، وباسم الشهداء، وباسم الثورة، وباسم مستقبل البلد، وباسم الحقوق المسلوبة، والآمال المنهوبة! *** شكرًا لإبراز التورمات الحزبية السرطانية، في الجسم الذي كان معافىً شابًّا فتيًّا في 25 يناير، فخرج عواجيز الزفة، من ديناصورات الماضي، وراكبي الموجة من صيادي الفرص، ولابسي الأقنعة من المنافقين والكذابين، والهتيفة في كل عصر ونظام، ليبتلونا بالإحباط، والعنة، والخور، والانقسام! *** شكرًا لعودة مجرمي إعلام مبارك للشاشة مرة ثانية، يبتسمون بكلاحة للكاميرات والفلاشات، ولصفحات الجرائد، والميكروفونات؛ ليسبوا الإسلام، ويجرموا مجموع الأمة! *** وشكرًا لرجوع المناضلين الوهميين الهلاميين، المائعين اللا مرئيين، ليعمموا الخراب، ويعمقوا الانقسام، ويفسحوا لفاسدي الذمم، وتقسيم الشعب، وضربه في القلب! *** شكرًا لوطنية أذناب الوطني الخؤون، المجتهدين في نشر الفوضي، وضرب الأمن، وزعزعة الاستقرار، واستدعاء إسرائيل وكل دواب الأرض! *** شكرًا للنادمين على (وطنية) النظام السابق، و(طهارة) يده، و(بياض) صفحته، و(حرصه) الهائل على البلد، و(رش اللي يرش مصر بالمية بالنار)! *** شكرًا لرجولة وبسالة ضباع أمن الدولة المستخفين الذين (تأكلهم أنيابهم) وتحرقهم أعصابهم، شهوةً للافتراس والقمع، والتعذيب، ولعق الدم! *** شكرًا لعلمانيي مصر وبراجماتييها، الذين يركبون كل الموجات، ويغنون على كل النغمات، خصوصًا لمن يمول، ويدفع، ويتعاون! *** شكرًا للبلطجية ومحرضيهم ومموليهم وناشريهم؛ ليقطعوا الطرق، ويهددوا الأمن، ويبلطجوا على الناس، ويثبتوا أن النظام أضعف من أن يحمي مراكز شرطته! *** شكرًا لبعض أشقاء الوطن الذين يغذون الطائفية، ويمولون التافهين المأجورين، ويستأجرون أقلام وحناجر من يتقنون سياسة (حبسك عليه)! *** شكرًا لأصحاب الأموال (المسروقة) الذين ما يفتؤون يؤكدون حرصهم الشديد (على أنفسهم) وولاءهم الشديد (لأرباب نعمتهم) واهتمامهم الشديد (بألا تعود العافية لمصر) ليظلوا كابوسًا على صدرها، وبلاء على حاضرها ومستقبلها! *** شكرًا جزيلاً.. وألف ألف شكر للإسلاميين المتدينين الذين لم يجمعهم – حتى الآن - مخاض مصر، ومعاناة مصر، وهمُّ مصر، ليستعلوا فوق اللافتات والانتماءات والحزبيات والأجندات، ويقولوا: نحن كلنا يد واحد، مع مصر والمصريين، لمواجهة الباطل، والخروج بسفينة الأمة من الرياح الهوج والشلالات والجنادل.. إلى البحر الهادئ الرخي الآمن! *** شكرًا لأنكم تكررون السيناريو الذي يحصل في كل الثورات العربية لتسرق، وتسلم لطائفة واحدة، هي دائمًا أمهر من غيرها في (الزعيق) والكذب، والادعاء، وقطف الثمرة، لتركب الأكتاف، وتتحدث عن الحرية، والديمقراطية، و(تؤلوظ) قوانين للطوارئ ومكافحة الإرهاب، وتمكن لحزب واحد يحكم من جديد.. كما حصل مع بورقيبة، وعبد الناصر، وعبد الكريم قاسم، والأسد، والإرهابي القذافي، وبومدين، لصناعة أجواء البلاهة والتخلف، والمعاناة والتصحر، وتجفيف المنابع في المحيط العربي الإسلامي كله! السيناريو يتكرر، والأقنعة تختلف، والأيدي المريبة التي تحرك الخيوط هي ذاتها – لو تأملتم – لا تزال موجودة، ولا تزال مؤثرة، ولا تزال مكينة! حرام عليكم يا أصحاب اللافتات.. حرام عليكم كلكم: إسلاميين وعلمانيين/ عروبيين وليبراليين/ عسكريين ومدنيين/ لا أستثني أحدًا، ولا أجامل أحدًا! فكلكم مخطئون.. وكلكم مهملون.. وكلكم تضيعون.. ومنكم – لا أشك – خائنون! حرام أن تضيعوا مصر، وتهدروا دماء الشهداء، وعناء المتظاهرين، ودعاء 85 مليون أن يحفظ الله مصر وأهلها، وأن يجمع شتاتها ويسدد رميها! ثمانية أشهر مرت، وأنتم تراوحون في الدائرة ذاتها، وتكررون الأخطاء نفسها، وتتصرفون كأهل النار (كلما دخلت أمة لعنت أختها!) وأظنكم – بحالكم هذا - لو بقيتم ثمانين شهرًا أخرى فستظلون تراوحون في الدائرة ذاتها، وتكررون الأخطاء نفسها، وتتصرفون كأهل النار (كلما دخلت أمة لعنت أختها)! نحتاج سادتي أن نفكر في مصر وحدها، ونتعالى على ذواتنا ومصالحنا، ونقرأ الواقع، ونرصد التحديات، ونحدد الصديق من العدو، ونقدر قوتنا الحقيقية، ونتخلص من السلبيات والعاهات وأسباب العجز، ونستشرف المستقبل، ونخطط لمصر من هذ الثانية وحتى مائة سنة، كما خططت دولة السرطان الصهيوني لنفسها قرنًا كاملاً! فكروا في مصر وحدها.. اجتمعوا جميعًا وانسوا أنفسكم.. اذكروا أن هناك ألف عين ترقبكم، وألف فك تريد افتراسكم، وألف يد تريد سرقتكم، وألف مشعل نار يريد أن يحيلها سعيرًا، وأن تعود الأفاعي والحيات وأبالسة البشر، ومصاصو دماء الشعوب ليحكمونا من جديد.. وعندها والله سيحولوننا إلى خردة، ويضعوننا في معامل قطع بشرية، ويقطعوننا كلىً وعيونًا ورئات وقلوبًا ودمًا، ثم نباع لمن يدفع.. والأمة ما شاء الله 85 مليونًا يمكن أن تكون مصدرًا هائلاً يدر عليهم ترليونات تدخل كروشهم بالسم الهاري.. فهل ترضون!؟ فكروا أرجوكم – بتجرد وإنصاف ووعي – في ربان واحد للسفينة، يرضاه الشعب، ليبحر بالسفينة إلى عهد جديد من الحرية والعلم والتنوير والانفتاح الواعي المحافظ على دين الأمة وهويتها وثقافتها وأمنها ومستقبلها! فكروا أرجوكم في ألفاظ مثل: حكمة ووحدة/ حرية وحق/ مصر واستقلال/ وعي ويقظة/ أمن وأمل.. وكفانا أنانية ونرجسية ومراهقة حضارية! ___________ يقول الله تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة؟! فمن يهديه من بعد الله!؟ أفلا تذكرون!؟). ويقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ). [email protected]