بطاقات "اليوجي يو" .. لعبة غامضة دون اهداف واضحة اقتحمت من خلال الاطفال معظم المنازل تاثرا ببرنامج كرتوني يغلب العنف والعدوانية والتسلط على اي لغة اخرى بحسب العديد من الاهالي ممن اشتكوا من هوس اطفالهم بابتياع هذه البطاقات لحد تخبئتها تحت وسائدهم . ويشدد هؤلاء الاهالي على اهمية مراقبة هذه البطاقات وسط مخاوف من تأثر اطفالهم بمحتواها المتدني لجهة المصطلحات واسماء الوحوش والشخصيات الخرافية الغريبة والترجمة "الركيكة" الى العربية والاشكال والرسومات المسيئة لذهنية الطفل وللقيم الاخلاقية والدينية . تقول ام فادي انها لم تتنبه في البداية الى محتوى بطاقات "اليوجي يو" على اعتبار انها لعبة كسائر الالعاب، الا ان فضولها دفعها يوما الى التدقيق في محتواها لتجد ان الشعارات التي تطلقها والمصطلحات التي تتضمنها تشير الى السحر والشعوذة والانتقام. حين تركز على الجثث والظلام والشياطين والنار والحرارة والمقابر والعواصف والهياكل العظمية والوحوش الخرافية الماسخة التي تستل الات حادة الى درجة ان ابنها تعلق بالادوات الحادة وصولا الى طلبه سكينا يريد ان يلعب به كوحوش تلك البطاقات . وتضيف ان ابناءها يقتنون البطاقات هذه بدافع الغيرة وربما تاثرا بالبرنامج الكرتوني الخاص بها بيد انهم يجهلون كيفية اللعب بها لغموضها مشيرة الى انها تبث رسائل لا تبدو بريئة كما انها تتضمن ارتداء فتيات لملابس غير محتشمة على الاطلاق . ويبتاع الطفل شادي (8 اعوام) منها بشكل شبه يومي اذ وصلت حصيلة بطاقاته الى حوالي 700 بطاقة في الوقت الذي يرغب فيه باقتناء المزيد في اطار منافسة محمومة بينه وبين ابناء الجيران من جهة واخوته من جهة اخرى وفي ظل غياب قدرة ذويه على اقناعه بعدم جداوها بل وتأثيرها السلبي عليه . غير ان الموظف ياسين 30 عاما( اب لثلاثة اطفال) تمكن من منع اطفاله من شرائها لعدم قدرته الاقتصادية من ناحية ولاعتقاده انها نوع من انواع (المقامرة) من ناحية اخرى مستغربا عدم قدرة بعض الاهالي على ضبط ميول اطفالهم فيما يتعلق بشراء الالعاب بشكل لا يخلو من الهوس . وعلى الرغم من قيام الاطفال بشرائها الا ان الكثير منهم يعجز عن تفسير اللعبة او معرفة جداوها او الوصول الى اهدافها اذ يجد الطفل عدي (7 اعوام) ان صور البطاقات جميلة فيما يرى ليث (5 اعوام 9 ان اقتناءه لاكبر عدد ممكن منها يشكل تحديا كبيرا لزملائه في المدرسة على الرغم من قيام بعض المدارس بمنع تداولها بين الاطفال فيما لا تكثرت ادارات مدارس اخرى لذلك . احد تجار الالعاب منذر حداد (37 عاما) يقول انه ورغم عدم اقتناعه بهذه البطاقات التي لا يفهم محتواها ولا كيفية اللعب بها على الاطلاق الا انه اضطر الى بيعها بعدما ايقن شدة الطلب عليها . ويقول تاجر العاب اخر نبيل روحي 40 عاما ان اقبال البعض لا يقتصر على شراء بطاقات "اليوجي يو" غير المفهومة بل انهم يقبلون على اقتناء غير المجدية منها على حساب الالعاب التعليمية والتربوية كالقصص والعاب الاعداد والشطرنج وغيرها. ويرى مستشار الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة ان لدى الاطفال الذين يتابعون المسلسل الكرتوني الذي له علاقة بهذه اللعبة شغف اكبر باقنتائها لشعورهم بانهم سيملكون حتما قوة ابطال البرنامج المفترضة اي ان الارتباط الوثيق في ذهن الاطفال بين البرنامج وبطاقات هذه اللعبة يضاعف من اقبالهم على شرائها بلا تردد وربما دون هدف . وتلعب الغيرة دورا اساسيا في اقتناء الاطفال لها كما يقول خاصة حين يرون اصدقاءهم وزملاءهم في المدرسة يتنافسون على من يملك اكبر عدد ممكن منها موضحا ان احد اسباب رواجها تجاري فقط على الرغم من انها تحمل معان استهلاكية غير مجدية تقود الطفل في المستقبل الى استهلاك غير ناضج. ويتابع ان هذا النوع من الالعاب يعزز العدوانية والميل نحو اقتناص الفرص باي ثمن والاساءة الى اللغة العربية من خلال استخدام اسماء ومصطلحات غريبة وترجمتها باسلوب ضعيف .. كما انها تسهم في اساءة مفاهيم التنافس على امور لا تستحق المنافسة . ويضيف ان مضامين هذه اللعبة سواء لجهة التعليقات اللغوية غير المفهومة او المعاني الغامضة والصور المسيئة للقيم الرفيعة يقود الاطفال الى التباس ذهني وفكري حول اولويات القيم واهدافها واصفا هذا النوع من الالعاب بالمنشورات غير البريئة . ويضيف ان تعلق بعض الاطفال بهذا النوع يرهق ميزانية الاسر وسط مخاوف من ان استمرار التعلق بها قد ينمي ميول الاطفال نحو المراهنة والمقامرة والاستعجال في الحصول على الاشياء باي شكل . ويدعو الدكتور الحباشنة اهالي الاطفال الى عدم التراخي وثبات التعامل مع اطفالهم بحزم منطقي واقناعهم بعدم جدواها من خلال طرح بدائل مجدية . بدوره يعزو استاذ تربية الطفل في قسم المناهج والتدريس في الجامعة الاردنية الدكتور رمزي هارون رواج هذه اللعبة الى غياب الرقابة على ما يتابعه الاطفال عبر الفضائيات . ويحذر من ان هذه اللعبة لا تسهم في تنمية مهارات على العكس من الالعاب الشعبية القديمة التي تسهم بشكل كبير في تنميتها نموا سليما. ويقول ان من جملة اهداف مبتكري هذا النوع من الالعاب وعدد كبير من البرامج الكرتونية غير المفهومة هو تمرير قيم سلبية كالمصلحة الشخصية والعنف والقضاء على الاخر باي ثمن والاساءة الى مفاهيم الطفل الاخلاقية والدينية وارباكه بين ما هو خرافي او اسطوري او حقيقي مشددا على دور الاهل في مراقبة ما يشاهده الطفل عبر التلفاز . وفي السياق ذاته يتمنى الدكتور هارون على مستوردي الالعاب الوقوف عند مسؤولياتهم لجهة اختيار العاب تعزز مهارات الطفل ونموه العقلي الامر الذي يشدد عليه الاستاذ المساعد في اصول التربية في كلية العلوم التربوية في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الزيود حين يذهب الى ضرورة انتقاء العاب ذات اهداف تربوية وقيمية واضحة . ويقترح الزيود على مصانع وشركات انتاج الالعاب في الوطن العربي اذا كان ولا بد من اللعب بالعاب مشابهة لبطاقات" اليوجي يو" انتاج بديل عربي يحمل في طياته قيم المحبة والسلام والتسامح بين الشعوب اضافة الى معلومات عامة تثري ثقافة الطفل مشددا على اهمية دور الجهات الرقابية والموءسسات التربوية والتعليمية في توجيه الاطفال بشكل ايجابي. وتؤكد مصادر مؤسسة المواصفات والمقاييس انه لم تردهم اي ملاحظات حول سلبيات هذه اللعبة مؤكدين نيتهم متابعة الموضوع واتخاذ الاجراءات اللازمة وفقا لطبيعة المخالفة بناء على المواصفات القياسية الخاصة بها .