لا أعرف ولا أفهم أي معنى لتكرار معرض القاهرة الدولي للكتاب دعوة الشاعر السوري علي أحمد سعيد ، والمشهور إعلاميا باسمه الإغريقي "أدونيس" ، حيث أشار سابقا في كتاباته أنه قرر أن يخرج من كل ما يجعله منتميا إلى العروبة والإسلام ، حتى اسمه ، وسمى نفسه أحيانا "علي أسبر" ، فأدونيس بعيدا عن تطرف آرائه شخصية متكلسة وجامدة ومفلسة تماما منذ أكثر من أربعين عاما ، لا يقدم أي خطاب جديد ولا أي معنى جديد ولا حتى أي شعر جديد ، ومنذ وضع كتابه "الثابت والمتحول" قبل حوالي أربعين عاما ، وهو رسالة أكاديمية في هجاء الإسلام والعروبة تحت إشراف رجل دين مسيحي ، لم يقدم أي شيء يذكر ، ورغم نشاطه الدؤوب في العلاقات العامة وإنشائه لشبكة من الإعلاميين للتخديم عليه كل عام والترويج بأنه مرشح لجائزة نوبل إلا أنه لم يحصل عليها حتى الآن ، رغم أن هذه "الهوجة" يروجها أدونيس سنويا وفي نفس الموعد طوال حوالي ربع قرن ، وكان يحقد كثيرا على الروائي الكبير الراحل نجيب محفوظ لأنه حصل على نوبل ، بدون ضوضاء ولا شبكة علاقات عامة ولا شراء ذمم بعض الإعلاميين ، ومنذ ذلك التاريخ وأدونيس يجتر ما كتبه ويعيد تكراره بصورة مملة جدا ، ويمكنك أن تحصل على حوار له اليوم ، فتجده متطابقا بالكامل ، بنفس الرؤية ونفس التعبيرات ونفس المصطلحات ونفس "التهجيصات" مع حوار آخر معه قبل ثلاثين أو أربعين عاما ، فهل عقم العالم العربي عن أن يكون فيه تطور وتجديد وإبداع وأجيال جديدة ندعوها ونقدمها للمثقف المصري ويكون لديها تجربة جديدة أو إنجاز جديد نستفيد منه. وأسوأ من ذلك كله أن تكون الدعوة لأدونيس من أجل أن يتحدث عن "تجديد الخطاب الديني" ، هذه أشبه بالنكتة ، بالنظر إلى تاريخ أدونيس المعروف ، فهو يعادي الدين ، أي دين ، إلا أنه يعادي الإسلام تحديدا بصورة مرضية جدا وشديدة التعصب والتطرف ، وفي كتابه الأشهر "الثابت والمتحول" وضع كل ما يمكن أن يتقيأه إنسان ضد الإسلام والقرآن ونبي الإسلام وصحابة رسول الله وتاريخ الإسلام وحضارته ، ووجد الجرأة على سب القرآن الكريم ووصفه بأنه كتاب جنسي ، كما وضع تصوره الواضح للحداثة التي يدعو إليها ويناضل من أجلها بأن نستلهم المحور "المسيحي اليوناني الكوني" بدلا من المحور "الإسلامي العربي القومي" هذه نص عبارته ، وهو بالتالي يهاجم أي دعوة لإحياء اللغة العربية أو الشعر العربي ويعتبرها انتكاسة للحداثة ، باعتبار أنها تعوق عملية التحديث ، وهو يحتقر المتنبي شاعر العربية الأشهر لهذا السبب ، كما شتم محمود سامي البارودي لأنه نجح في إحياء الشعر العربي والنهوض به في مطلع العصر الحديث بعد انتكاساته أيام المماليك !!. أدونيس ، وهو أبرز أعضاء مجموعة مجلة "شعر" التي أسسها اللبناني "يوسف الخال" في نهاية الخمسينات من القرن الماضي بأموال أوربية سخية جدا ما زالت مجهولة حتى الآن ، وكان يوسف الخال لا يحسن الحديث بالعربية لطول إقامته في المهجر وفي لسانه عجمة ، ومع ذلك أسس مجلة لتحديث الشعر العربي ! ، ويعاني أدونيس من عقدة "الأقليات" الشهيرة ، والتي تؤثر عادة في الباحث أو الشاعر أو المفكر ، فتدفعه لاتخاذ مواقف ضد الأغلبية "الأمة/الجماعة" ، وأدونيس علوي ينتمي إلى الأقلية النصيرية في الشام ، ولذلك اندفع بحماس للدفاع عن الدولة الإسلامية في إيران بعد أن أسسها الخميني ، لأنها شيعية ، رغم أنه يقدم نفسه كحداثي وضد تديين السياسة ، ثم هاجم الثورة السورية ضد "العلوي" بشار الأسد في بدايتها ، وقت أن كانت مظاهرات وهتافات وقبل أن تظهر أي مجموعات مسلحة لأنه أخذ عليها أنها "ثورة مساجد" ، فهو أسير لهوى "الحوزة" لاعتبارات طائفية وتاريخية بحتة ، فهل هذه النماذج المضطربة والمريضة هي التي تجدد لنا في مصر الدين ، وتعلم الأجيال الجديدة الحداثة وتصنع لهم المستقبل. أعرف أن الجهل غالبا هو السبب الذي يورط المسؤولين عن الثقافة في بلادنا في مثل هذه المواقف المشينة والمهينة للثقافة المصرية ، ولكني لا أبرئ شبكة العلاقات العامة ، من إهدار المال العام على مجاملات فجة ، حيث يرتبط أدونيس بصداقة حميمة وقديمة مع جابر عصفور وزير الثقافة ، وهي مجاملات تعود بالضرر المعنوي والأدبي على صورة الثقافة المصرية ، وهو ضرر أكثر فداحة من الضرر المادي .