ربما لا تجد بلدا التصق اسمه بالسحر والشعوذة مثل بلاد المغرب، ولا تكاد تجد سحرا إلا وراءه إشاعات ارتباطه بساحر مغربي مجهول الهوية بعيد ألاف الأميال ! دفعت هذه المبالغة والعلاقة والصورة الذهنية بعض الأصدقاء أثناء مشاركتهم في مؤتمر هنا في المغرب للخوف من مجرد الاختلاط بالناس وتجنب الأماكن العامة، والحرص على عدم أخذ جزء من متعلقاته الشخصية حتى في الفنادق الراقية ! لانتشار مظاهر السحر والشعوذة وأسبابها المتنوعة في المغرب، التي منها، الجهل و تهاون السلطة ودعمها غير المباشر له؛ حيث إنه أصبح تجارة رابحة ورائجة في البلاد ومصدر رزق للكثيرين، ولو من خلال الممارسات الشائعة مثل: قراءة الفنجان والكف وغيرها من الشعوذات والخزعبلات المرتبطة بالفلك والتنجيم، زد على ذلك عدم وجود أية بنود قانونية لمنعها ومراقبتها أو على أقل تقدير للحد منها، ولذا فهي تنتشر -كما رأيتها- في ساحات عامة مثل ساحة جامع الفنا في مراكش، وعلى مرأى من رجال الأمن وامام نظر الدعاة والعلماء وغيرهم.
من الواضح أن الإعلام يبذل جهدا في محاربة الشعوذة والسحر، وما زال يسعى لتثقيف الناس للحد منه، وسرد كثير من القصص الواقعية والتي انتهت بالنصب والاحتيال أو الاغتصاب، أو ربما القتل من قبل الدجالين والسحرة والمشعوذين، ومع هذا كله ما زالت الشعوذة والسحر قائم على ساقه، وما زال الناس يلجاؤون إلي هؤلاء الدجالين بلا تردد ولا رادع، ولا ترى مقاومة منظمة ومؤثرة وظاهرة من قبل الجهات الدينية وجهات المجتمع المدني وغيرها.
عجبا أن تجمع بلاد المغرب تاريخا عريقا في المعرفة والعلماء والمفكرين، مع هذه الممارسات التي تسيء لسمعته وأهله الطيبين الودودين، فضلا عن الاساءة للإسلام والمسلمين، فإنك لا تجد في العالم المتقدم انتشارا لهذه الأفكار والوسوسة كما هو الحال في بلادنا، حتى وصل الأمر ببعض المثقفين والمتعلمين من شدة خوفهم من الوقوع في براثن السحرة وحبائلهم، وصل الحال بهم ان يحرموا أنفسهم من الاستمتاع بجمال المغرب وطبيعته الخلابة الآخذة بالألباب مع أنه يقرأ المعوذتين ويحصن نفسه بالأوراد الشرعية مع إيمانه العميق بقدر الله وقضاءه.