بداية سيّئة لعام 2015 شمالي مالي، بحصيلة تعدّ ثقيلة من القتلى والجرحى.. 30 قتيلا والعشرات من الجرحى سقطوا، حتى الآن، في هجمات مسلّحة وعمليات انتحارية وكمائن أودت بحياة الكثيرين وعمقت المستنقع الأمني في هذه المنطقة. هذا المنزلق الحاد جعل المدنيين أيضا يدفعون ثمنا باهظا لتواجدهم في الإقليم، حيث قتل عدد منهم برصاص الجماعات المسلحة والقوات المسلحة الناشطة في المنطقة، بما في ذلك بعثة "المنيسما" الأممية. يقول "شاهانا تاكيو" المختصّ في المسائل السياسية والأمنية لمالي للأناضول: "في شمالي مالي، ستكون هناك تجاذبات حتى التوقيع على اتفاق السلام بين مختلف أطراف النزاع". وقد أدى الهجوم الأخير، الذي جدّ الأربعاء الماضي في المنطقة، إلى مقتل العشرات من الأشخاص، وفقا لمصدر أمني مالي، و6 قتلى وفقا للحركة الوطنية لتحرير أزاواد، أبرز المجموعات المسلّحة المتمركزة في الشمال. كما استهدفت سلسلة من التفجيرات الانتحارية تنسيقية حركات أزاواد (تضم المجموعات المسلّحة الانفصالية) في تابانكو بالشمال أيضا، وفقا لعضو بإحدى المجموعات المسلحة في المنطقة. وأوضح المصدر نفسه أنّ 3 انتحاريين هاجموا، التنسيقية بين تابانكورت وأنافيس، على محور غاو- كيدال (شمال)، غير أنّه تمّ القضاء على اثنين من الانتحاريين قبل تفجير أنفسهما، فيما تمكّن الثالث من تفجير نفسه مستهدفا مقاتلي تنسيقية الحركات الأزوادية، وهو ما أسفر عن مقتل 3 عناصر منها، وتدمير اثنين من سياراتها"، سلسلة العنف لم تتوقّف عند هذا الحدّ، فلقد لقي 3 مدنيين حتفهم، الثلاثاء الماضي، وجرح 40 شخصا، في اشتباكات بين بعثة الأممالمتحدة "مينوسما" وعناصر مسلّحة في غاو، وفقا لمصدر طبي في مستشفى المدينة. كما قتل اثنان من جنود الجيش المالي، في 26 يناير الجاري، في كمين نصبه لهم مسلحون على بعد 45 كيلومترا غرب تمبكتو (شمال)، وفقا للعقيد سليمان مايغا، مدير المكتب الإعلامي للجيش المالي. وفي 20 من الشهر نفسه، أدت عمليات قصف قامت بها الطائرات التابعة لبعثة الأممالمتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي "مينوسما" في تابانكو (شمال) إلى مقتل العديد من الأشخاص وإصابة الكثيرين في صفوف الحركة الوطنية لتحرير آزاواد"، وفقا لبيان نشرته الأخيرة على موقعها الرسمي على الأنترنيت، دون تحديد عدد القتلى. وقبل ذلك، وتحديدا في 17 يناير الجاري، تم استهداف مخيم بعثة الأممالمتحدة بكيدال، مما أودى بحياة شخص واحد وإصابة آخر بجروح في صفوف القوات التشادية، وفقا لما نشرته ال "مينوسما" على موقعها الرسمي على الأنترنيت. وقبلها بيوم واحد، قتل 10 أشخاص على الأقل في اشتباكات بين الجيش المالي ومجموعة من المسلّحين المجهولين في تانانكو، التابعة لمنطقة موبتي (شمال)، حسب مصدر محلي. وقد تم الإبلاغ عن 3 قتلى من الجيش المالي و7 من المهاجمين. كما سقط حوالي 10 قتلى، في 6 يناير/ كانون الثاني الجاري، خلال هجوم قادته مجموعة من المسلحين ضد مخيم للقوات المسلحة المالية "فاما" في نامبالا (530 كيلومترا شمال شرقي العاصمة باماكو)، وفقا لشهود عيان. قبل ذلك بيوم واحد، هاجمت عناصر جهادية نقطة للجيش المالي في نامبالا أيضا، مما أسفر عن مقتل 5 عناصر على الأقل من الجيش المالي، وفقا لعضو في بلدية المدينة. بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام "مينوسما"، المتواجدة في البلاد، نفّذت، الأسبوع الماضي، غارات جوية ضد المسلحين الطوارق الذين فتحوا النار على قوات حفظ السلام، وفقا لبيان صادر عن البعثة الأممية. ومنذ ذلك الوقت، تزايد التوتر بين القوات الأممية والجماعات المسلّحة في المنطقة، وهو ما يشكّل تهديدا حقيقيا لأمن البلاد عشية الجولة الخامسة لمحادثات السلام المقرّر إجراؤها في العاصمة الجزائرية. وضع أمني على غاية من الهشاشة والغموض في شمالي مالي، خصوصا في ظلّ "عدم الارتياح الذي تبديه المجموعات المسلحة الأزوادية حيال تواجد الميليشيات الموالية للحكومة في الشمال"، حسب "تاكيو". فبالنسبة له، فإنّ الميلشيات التي تدعم الدولة تحظى بشعبية كبيرة في غاو، كما أنّ الاتفاق بشأن إنشاء منطقة أمنية مؤقتة، والموقّع بين "مينوسما" والجماعات المسلحة، لم يرق للميليشيات، وهو ما رمى بالزيت في النار وأدى إلى كل هذا العنف. غير أنّ تدخّل الحكومة والبعثة الأممية لتهدئة الوضع، من شأنه أن يقلّص من منسوب التوتّر، وقد يدفع بالإضطرابات نحو التراجع من وقت لآخر. وختم الخبير بقوله "الوضع في شمالي مالي لن يتحرّر من التجاذبات ومن المدّ والجزر حتى توقيع اتفاقية السلام بين مختلف أطراف النزاع".