«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحالفات الحزبية المصرية .. برلمان 2015
نشر في المصريون يوم 29 - 01 - 2015

بعيداً عن "أحزاب مدينة البط"، كما، وكم، أستمتع وأنا أسميها، فالأحزاب، بمفهومها الحقيقى، هى المحرك للحياة السياسية والضامن القوى للديمقراطية، إذا ضعفت ضعف تمثيل الشعب وبات فريسة الإستبداد، وإذا قويت نهضت بحضارة الأمة، وهيأت البيئة المثالية لصناعة النخب المختلفة فى كل المجالات المجتمعية.
وأبسط تعريفات الحزب السياسى، الثابتة على مرّ العصور، أنه: "كيان تنظيمى يضم مجموعة من الناس تلاقت أفكارهم السياسية، وتوحدت جهودهم فى العمل لترجمة تلك الأفكار الى واقع ملموس، عن طريق الوصول الى السلطة بالطرق المشروعة"
ونتيجة عوامل كثيرة، أهمها الضعف التنظيمى والإنفصال عن الواقع والإبتعاد عن الأهداف الأساسية لأى حزب، التجأت الأحزاب المصرية، اليوم، الى تشكيل تحالفات إنتخابية، رغم تباين الأيدولوجيات الفكرية بين أغلبها جذرياً، ذلك على فرض وجودها من الأساس! ليتساوى جديدها، بجدودِها التى فشلت فى صناعة كوادر حزبية على مدى عقود طويلة !
ولنبدأ بالنظر الى التحالف السياسى، Political Alliance، كإتفاق للتعاون بين أطراف سياسية مختلفة، لتحقيق أهداف مشتركة، أو لتأمين مصالح متبادلة تفرضها تداعيات الحالة السياسية والإجتماعية لحظتها الراهنة، يستوجب بالضرورة مرونة أطرافه لصياغة برنامج جديد مشترك متقارب فيما بينهم، يحقق المكاسب المرجوة، ويمكنه إقناع جمهور كل حزب بالرؤية المشتركة الجديدة التى جمعت تلك الأحزاب فى الكيان التحالفى، وإن اختلفت عن الجذور الفكرية الأصلية لكل حزب.
وبتطبيق ذلك المنظور على تحالفات أحزابنا المصرية، فلن نجد برنامجاً موحدا، ولا خارطة عمل مشترك، ولا إتفاقاً فى الرؤى السياسية، ولا أيدولوجيات لدى أغلبها بمعناها العلمى، ولا أى شىء معلن يبرر دمج تلك الكيانات، وإدعاء صهرها فى بوتقة وطنية واحدة، سوى أنها تستند إلى المال والمجاملات وعلاقات "عائلات البيزنس" والوجاهة والهمبكة أيضاً، صفقة لا علاقة لها بمستقبل وطن تعاد صياغته بالفعل بمعزل شاسع عن تلك الكيانات !
وحسب رؤيتى المتواضعة، يمكن تصنيف التحالف السياسى الحزبى على ثلاث صيغ:
الأولى: التحالف قبل الانتخابات
ويتشكل من أحزاب، ضعيفة أو متفاوتة، ذات أيدولوجيات متشابهة، لغرض تحقيق أغلبية أو تكتل برلمانى، يمكنه مواجهة حزب حاكم قوى، بمعنى أن وجود "حزب حاكم" هو المبرر الوحيد لعقد تحالف من هذا النوع، الأمر غير الموجود الآن على الساحة المصرية، رغم إتاحة الفرصة أمام الجميع بعد حلّ الحزب الوطنى الديمقراطى.
الثانية: التحالف بعد الانتخابات
ويتم داخل البرلمان، إما لبلورة موقف موحد أمام حزب أغلبية تشكلت منه الحكومة بالفعل، وإما نتيجة عدم الفوز بالأغلبية المطلقة التى تسمح لحزب ما بتشكيل الحكومة منفرداً، فيجرى التنافس على إستقطاب بقية الأحزاب الفائزة لتشكيل حكومة إئتلافية، مقابل حقائب وزارية ضمن إطار المبادىء العامة للحكومة المزمعة، وليس وفقاً لبرامج الأيدولوجيات المختلفة، كحالة لبنان، أو ما يسمى بدولة إسرائيل.
وهو أيضاً تحالف غير ذى معنى، بالنسبة للحالة المصرية الآنية، ولا فائدة سياسية من تفعيله لسببين:
الأول، عدم وجود كيان حزبى قوى حالياً، يُخشى من سيطرته على البرلمان بحكومة حزب واحد.
الثانى، أن الدستور الجديد منح الحق المطلق لرئيس الدولة فى تعيين الوزارة، حتى ولو إختارها بكاملها من خارج الحزب الفائز بالأغلبية، أومن تحالف الأكثرية.
صحيح أن الدستور منح البرلمان حق قبول ذلك أو رفضه، إلا أن التسلسل الدستورى المنظم لهذا الحق، جعل خيار "الحَلّ" سيفاً مسلطاً على رقبة البرلمان، حسب المادة " 146 " من الدستور الجديد، التى قالت "يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدّ المجلس منحلاً ... الخ"
بمعنى أن التحالفات من أجل تكوين أغلبية لتشكيل حكومة برلمانية أمر غير وارد على الساحة المصرية، ببساطة لأن النظام المصرى ليس نظاما برلمانيا يقول دستوره بتشكيل الحكومة من كتلة الأغلبية.
الثالثة: تحالف الكومبرادورية Comprador:
ويجرى بين سماسرة المال والسياسة، وبين الأحزاب الطفيلية أو الضعيفة، أو الشخصية الخاصة، إن جاز الوصف، ويتم على طريقة المساومة، وتظهر فكرته فى نوعيات ثلاث:
الأولى، توزيع الحزب الحاكم مقاعد برلمانية، فى إطار صفقة تمنح النظام فرصة تجميل وجهه، وتمنح قيادات الأحزاب الفرصة للخلود على رأس الحزب، وبالتالى تحقيق مصالحها، مستغلة قربها من صُنَّاع القرار داخل النظام، إضافة الى الوجاهة الاجتماعية والظهور الإعلامى الذى يرضى غرور المرضى بفيروس "الميكروفون" !!
وهو ما يصل بنا الى المعادلة البسيطة، الخالدة خلود الإهرامات، والتى جربناها طيلة 30 عاماً، وما زلنا بكل أسف :
· نظام يعرف ما يريد ويعرض المقابل+ أحزاب تعرف ما يريده النظام وتسعى للمقابل = حياة سياسية فاسدة
الثانية: محاولة قوة سياسية عظمى إنتزاع شرعية لقرارها، أو توزيع مسئوليته ليظهر أمام الرأى العام كتوافق بين جميع الرؤى السياسية، "فترتب لتحالف، أو تتحالف بذاتها"، مع أحزاب ضعيفة، لكنها تملك رخصة قانونية لممارسة السياسة، فى حين لا يمكنها تحقيق مقاعد برلمانية، فتسعى للتحالف مع القوة المهيمنة، مقابل بعض المقاعد البرلمانية، دون إعتبارٍ لهويتها السياسية، التى فقدتها بالفعل حين تخلت عن أيدولوجيتها، واختلف فكرها الثقافى الورقى الضخم عن طريقة الممارسة السياسية الفعلية.
الثالثة، ونلمسها فى حال خلو الساحة من القوة العظمى، ومن الحزب الحاكم المسيطر، مع إمتلائها، بالأحزاب الضعيفة، التى لا يمكن لأى منها فرض أية إرادة أو تحقيق أية نتائج.
هنا يتحول الأمر الى حالة من الذعر أو الضياع تنتاب قيادت الأحزاب بعد إنقطاع الحبل السُرِّى الذى يربطها بالنظام، أشبه بصغير ينتظر هدية من أبيه، فلما قال أبوه " خذ النقود وأنت حُرّ" إنفجر فجأة فى البكاء إستشعاراً بخطورة ما هو مقدم عليه، بعد أن تخلت عنه القوة التى يستند إليها، الأب، ليتحدد مصيره وفق نتائج جهده السابق.
هذه الصيغة "الكومبرادورية" بأنواعها، هى الوحيدة كما أرى، فى المحروسة، حيث يختلف السِرِّى عن المُعلن، وحيث يأتى التكسب السياسى قبل الطرح الفكرى، وبالتالى فلا رأى إلا للقوة المتحكمة فى قواعد لعبة التحالف، "الديلر Dealer"، بعد أن منحها الآخرون فرصة إخضاع مبدأهم الفكرى لرغبتها أو لطرحها السياسى، دون حساب لنتائج ذلك وخطورته على مستقبل الوطن، خاصة إذا كانت القوة المتحكمة تعرف ضآلة حجم الآخرين، ولو متحالفين.
هنا، وبعد "توارى" الوطنى اليمقراطى، ثم الحرية والعدالة، بقدراتهما التنظيمية الضخمة، من المشهد السياسى، ولا نقول "خروجهما"، فأتصور أن حزب النور، مع الأحزاب الدائرة فى فلكه، هو الوحيد الذى حَلَّ محلهما، نسبياً، فى الشارع المصرى عموماً، وذلك لعدة أسباب، حسب تصورى المتواضع:
أولاً: أيدولوجيته السياسية الدينية، كما يؤطر لنفسه، والتى تمكنه من مخاطبة الطبقات البسيطة، التى لم تجد ضالتها عند الأحزاب ذات الأيدولوجيات السياسية البحتة، فتعاطفت مع تيارات الاسلام السياسى، وستظل، من منطلق أنها لن تخسر شيئاً جديداً أكثر مما هى فيه بالفعل، فلا مانع إذاً من إختيار "الناس بتوع ربنا"، فلن يكونوا هم الأسوء !!
ثانياً: أن معظم عناصره من الطبقات البسيطة التى تشكل السواد الأعظم للشعب، والتى غابت عنها الأحزاب بوظيفتها فى التوعية السياسية، فظنت الليبرالية إباحية، والإشتراكية إلحاد، والديمقراطية تغريب للدين الذى ينادى بالشورى، فعجز الرجل عن إجابة السؤال الصعب " أنت مسلم أم ديمقراطى ؟"، فأختار، لبساطته، أن يكون مسلماً !!
ثالثاً: سعى قياداته، الذكية، لإنشاء حزب سياسى حقيقى مع الأيام، فعِلمها بإرتكاز بنيان الحزب حالياً على العقيدة الدينية فقط، دفعها الى تفعيل وظيفة صناعة الكوادر السياسية، بحيث يتحول الكادر منها الى "قائد رأى" فى بيئته الصغيرة، التى تمثل الوحدة البيئية للمجتمع ككل.
ولنا أن نتصور مدى تأثير ذلك الكادر السياسى المتدين المثقف على البسطاء، إذا إستخدم خطاباً جديداً مطعماً بشرح الدين وشرح السياسة معاً فى باقة واحدة.
أيضاً، وعلى الوجه الآخر، لنا أن نتصور خطورة ذلك على تشكيل مفاهيم أجيال كثيرة قادمة، إذا إستُغِلَت هذه الميزة لتشويه الأيدولوجيات السياسية الأخرى، من باب تحقيق مكاسب حزبية ضيقة.
لذلك، أرى أن تحالف النور، إن تم، فسيكون نموذجاً للتحالف السياسى المنهجى، الذى يضم أحزاباً لها نفس الفكر والأيدولوجية، لولا تخوفاته، التى أتفهمها، من إنعكاس تحالفه بحدة على نظرة المجتمع والدولة.
عموماً، وسواء تحالف النور أو لم يفعل، فسيبقى، داخل البرلمان أو خارجه، نموذجاً لنظام "الحزب القائد" على جبهة من مجموعة أحزاب، تحمل نفس أفكاره وشعاراته، وتسعى لتحقيق نفس أهدافه، محتفظاً بالقيادة والتوجيه ورسم الإستراتيجيات السياسية.
لغز الصفة الانتخابية وإسقاط العضوية البرلمانية
ثم نأتى لبيت القصيد، فرغم عدم تخصصى فى فقه الدستور أو القانون، إلا أننى أتصور حلّ البرلمان القادم قبل أن يستكمل مدته !، حيث أرى أنه يُصنِعَّ بدقة، ليكون "مغناطيس"، يجذب فصائل محددة من ظلمات التوارى والتقية الى النور والعلن، بحيث يأتى حَلَّه مستقبلاً، تطهيرياً دستورياً، يتفق مع إعتراضات الشعب حول نوعيات الفائزين المتوقعة، فيسمح بتشكيل برلمان جديد مُرْضِى قوىِّ، كّم يشتاق اليه الوطن !
فوفقاً للمادة 110 من دستور 2014:
"لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التى اُنتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضائه"
أيضاً، ووفقاً للمادة 6 من قانون انتخابات مجلس النواب:
"يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة، أو غير انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه، أو أصبح مستقلا، أو صار المستقل حزبيا، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس"
ورغم شرط موافقة ثلثى الأعضاء، إلا أن القانون لا علاقة له بما هو متوقع، وإنما هو نصوص جامدة، تُفسَّر وقت وقوع الحدث، تنتج أثرها دون إنتظار حالة بعينها.
وحسب رأيى المتواضع، أرى تناقض قانون مجلس النواب، بل وتناقض المادة 110 نفسها، مع مواد الدستور الكثيرة، والمكررة، التى تكفل الحريات، ومنها حرية الفكر والرأى، الأمر الذى لو صحّ، فإنه يطرح علامات إستفهام كثيرة حول موقف عضوية النائب البرلمانية، إذا تغيرت صفته الإنتخابية إختياراً، أو "إجباراً" لأحد الآتى:
أولا: إذا فصله الحزب من عضويته لشأن تنظيمى داخلى.
ثانيا: إذا تخارج حزبه من التحالف، الذى فاز بصفته، أثناء إنعقاد المجلس.
ثالثا: إذا غير الحزب أيدولوجيته التى إنضم إليه النائب على أساسها، فاستخدم حقه الدستورى، واستقال من الحزب، أو استخدم النائب المستقل نفس الحق وانضم الى حزب يتفق مع تطور فكره السياسى نتيجة تفاعله داخل المجلس.
رابعاً: إذا جمد الحزب نفسه، أو إندمج وتلاشى كيانه فى حزب آخر، أو تم حلّه بحكم قضائى.
خامساً: أيضاً موقف الحزب نفسه إذا جرى عليه أىٌ مما سبق.
ودون إستخدام حق سوء النية الذى كفله الدستور أيضاً لكل مواطن، ورغم أن المادتين وضعتا لمنع تكرار نموذج عبث الحزب الوطنى المنحل، إلا أنه كان يجب محاكاة تجارب البرلمانات الديمقراطية حول العالم، بحيث لا تكونا مثار انتقاد يفرضه المنطق، حتى من أمثال العبد لله غير المتخصصين!
فلا أظنها مرَّت على أساتذتنا ال 50 الذين صاغوا الدستور، رغم أن كثيرين منهم من الأحزاب المنفصلة عن الواقع، ولا على أساتذتنا واضعى قانون مجلس النواب، لذلك فهى أسئلة تحتاج الى إجابة عاجلة، قبل أن يطعن أحدهم على دستورية مجلس النواب القادم، اللهم إلا إذا .... !!
الشاهد، أن ذلك جميعه يدفعنا، أولاً، للسؤال المنطقى المشروع عن تلك الجهة "اللهو الخفى"، التى تتحالف الأحزاب وتتكتل فى جبهة معارضة لمواجهتها، فى ظل دستور لم يقرر تشكيل الحكومة مباشرة من تكتل أو حزب الأغلبية، ومع عدم وجود نظام يستند الى حزب أغلبية أصلاً ؟!!
اللهم إلا إذا كان التحالف الحزبى الديكورى، هدفه معارضة جبهة المستقلين، أو معارضة أحزاب القائمة لنفسها فى صورة الفائزين منها على المقاعد الفردية، من باب الجلوس، شكلياً، يمين المجلس ويساره، كما تفعل البرلمانات المحترمة "فى أوروبا والدول المتقدمة"،! ظناً أن شيئاً من ذلك من الممكن أن ينطلى على رجل الشارع، أو رجل الدولة !!!
كما يدفعنا ثانيا، للتأكيد من جديد على دور الدولة، الغائب، فى صناعة حياة سياسية سليمة، طالما عجزت الأحزاب عن ذلك بنفسها، رغم كل الفرص المتاحة.
فالإصلاح السياسى هو الأساس، ومن الخطأ أن نستكين لسخافة الحديث عن ديمقراطية أو تعددية، والحال على فقرها السياسى الملموس، وإلا فلا مفرّ من أن نظلّ نغوص ونطفوا فى مذهب "الأوتوقراطية الليبرالية" الذى يقرر الزعيم إطاره منفرداً، كأفضل البدائل المتاحة فى ظل رؤية سياسية واحدة، لم تفرض نفسها بقوة منطقها أو سلطتها، بقدر ما فرضها غياب رؤى الآخرين، مع وضع اقتصادى غير جيد، ووضع اجتماعى وأمنى يحتاج للكثير من الإنضباط.
اعنى أنه سيكون أفضل البدائل، المثالية، للنظام لا الشعب، النظام الذى عليه أن يعرف استحالة أن يكون نظاما ومعارضة فى نفس الوقت، كما تحاول الأحزاب الان، بضعفها، أن تجبره ليكون.
النظام الذى عليه أن يعى جيدا دروس الماضى، والحاضر أيضاً، من أن التنظيم السياسى لا يواجه إلا بتنظيم سياسى، فإن لم يجد فعليه صناعته، وإلا إستُدرِج مرغماً ، من منطلق حسن نيتى، الى فخ السلطة المطلقة، التى تعارف الخلق، منذ آدم عليه السلام، على أنها مفسدة مطلقة.
فالسياسة المصرية، ما زالت تفتقد المشروع الحزبى الوطنى واضح المعالم، ذلك الذى يمكنه أن يمثل القاسم المشترك لمجموعة الأرقام الفاعلة على الساحة السياسية، فالأمر لا يعدو عن كونه محاولات سيطرة لا محاولات حكم، وصراعات نفوذ لا إختلافات توجه، وتحالفات تحركها الخصومات السياسية الشخصية وليس التنافس الإنتخابى ولا مصلحة الوطن، واقتناص مكاسب حزبية بسياسات يغيب عن رؤيتها تربص الآخر، ذلك الذى لا يعنيه وأد التطور الوطنى السياسى، أو الاجتماعى، طالما ضمن استقرار مصالحه ! والله من وراء القصد.
ضمير مستتر ..
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ ..
في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ ...
أنَا الغَريقُ، فَما خَوْفي منَ البَلَلِ ؟!!
"المتنبى"

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.