فى إطار حرب الأفكار والثقافات ، التى يتعرض لها المجتمع المسلم والتى تعد أخطر من كل الحروب العسكرية، تطل برأسها ظاهرة الإلحاد ، والتي قد تكون ليست جديدة، فقد تعرض لها الإسلام فى عز قوته، إلا أن المجتمع فى بدايته كان من القوة والتماسك الإيماني والعقدي بالشكل الذى يقضى على أي فكرة منافية للفطرة وللدين، و فى ظل الطرح المشوَّه للدين، بين الإفراط والغلو والتشدد والتفريط والتساهل، وتحول المرجعية فى الدين إلى الشهرة بدلًا من التخصص والكفاءة ، وفى ظل ما يروجه الغرب من «أن الاسلام ضد العلم» و «أن الإسلام سبب التأخر»، بات التشكيك فى ثوابت الإيمان والعقيدة أمر ممنهج. وباعتبار أن الحروب الفكرية الممنهجة هى آلية تدمير الإنسان معنويًّا وصناعة الهزائم النفسية ، جاء كتاب " عزيزي الملحد " لمؤلفه الدكتور محمد داوود ، يرصد الظاهرة واسبابها من خلال عرض لأسئلة الملحدين كما وردت للمؤلف بنصها ودون تصويب لغوى أو إملائى لها لتكون وثيقة دالة على ما وصل إليه هؤلاء الشباب من حالة الفراغ الرهيب والذى يسأل عنه الدعاة والمثقفون والعلماء... كل المجتمع الذى نسى وأغفل وأهمل شبابه مسؤول عن هذا الفراغ... وتتعرض هذه الأسئلة والأجوبة لقضايا مهمة بشأن الخالق والخلق والغيب والعرش والإله، ولماذا لا يتدخل الإله لوقف المجازر والحروب والشر فى العالم ؟!!! وما حكمة وجود الشر فى العالم؟ ولماذا خلق الإله حيوانات متوحشة وسامة فى العالم؟ ولماذا المرض؟ ولماذا العذاب فى الآخرة؟! ولماذا يحاسبنا الإله وهو الذى كتب علينا كل شئ؟! وما صحة ادعاء وجود أخطاء علمية فى القرآن الكريم؟!... إلخ أسئلة الملحدين التى وردت للمؤلف. وبأسلوبه المتزن والمتسامح مع الأخر والبعيد عن الصدام الذى عودنا عليه الاستاذ الدكتور محمد داوود فى الرد على الشبهات كما ورد بمؤلفه السابق " بيان الاسلام " تأتى الإجابة عن هذه الأسئلة بميزان العقل والعلم فى أسلوب سهل ميسور يصفه الكاتب بأنه أقرب إلى العامية الفصيحة. كما يتناول كتاب " عزيزي الملحد " والذي قامت بعرضه نوال عبد المنعم بيومي، الدوافع الحقيقية للإرهاب (خارجية وداخلية) خارجية مثل الاختراق الثقافى والحروب الفكرية التى تهدف إلى صناعة الهزائم النفسية بالبلاد الإسلامية، ويقابل هذه الحروب الفكرية والهجمات الخارجية واقع داخلى مرير وغارق فى السلبيات بداية من الطرح المشوّه للدين إلى السقوط العلمي للمجتمعات الإسلامية وانتشار الفساد وصناعة الزيف ثم يختم المؤلف الكتاب بفصل شيق شديد الجاذبية، تحت عنوان: كنت ملحدًا، يعرض فيه ثلاثة حوارات مع ملحدين تشبعوا الإلحاد فى مدينة لينين وماركس بروسيا، ويبين كيف آمنوا؟!وما الأدلة التى كانت تلقن لهم فى الصبا لإقناعهم بالإلحاد فى المدرسة وفى البيت؟ حيث كان الإلحاد هناك سياسة مجتمع، له قوة سياسية وقوة اقتصادية!!!... ويتساءل المؤلف فى حواره معهم: وهل كان للإلحاد قوة علمية؟!!! وأسئلة أخرى كاشفة عن حقائق هذه الرحلة الشيقة، وماذا عن حالهم بعد الإيمان؟ وما المواقف الفاصلة فى تاريخهم مع الإلحاد؟ وما المواقف الخارقة التى لا تنسى فى طريقهم إلى الإيمان؟!!! رحلة ممتعة وشيقة بأسلوب سهل يخاطب العقل بالعلم مع أ.د/ محمد محمد داود... فى رسالته الودودة الحانية للملحدين تحت عنوان:عزيزى الملحد. والتى سطر فى صفحة الإهداء رسالة حميمة لهم: عزيزى الإنسان أيًّا ما كان فكرك أو إيمانك... فبيننا إخوة أصيلة... أبونا آدم وأمنا حواء.