التدخلات الإيرانية في الشأن الخليجي عامة والبحريني خاصة، ليس بالأمر الجديد ولكن الجديد في هذه التدخلات أنها تحولت إلى تهديدات علنية ومباشرة، وهي لم تعد كما كانت سابقا تصدر تلميحا، وإنما أصبحت اليوم تقال تصريحا و تصدر على لسان أعلى المسئولين الإيرانيين وعلى رأسهم وزير الخارجية الإيرانية ووكيلة وزارته. ولم يتوقف إطلاق هذه التهديدات على المسئولين السياسيين الإيرانيين فقط بل تعدتهم حيث باتت شعارات تطلق بشكل يومي على لسان القيادات الدينية ووسائل الإعلام والحرس الثوري وغيرها من القطاعات الإعلامية و المؤسسات الحكومية الأخرى. كما أن هذه التدخلات و التهديدات أصبحت سمة بارزة في الخطاب الإعلامي الإيراني ليس ضد البحرين وحسب بل وضد جميع دول مجلس التعاون الخليجي. ولكن مع اعتقال رموز الغوغاء في كلا من البحرين (علي سلمان) والسعودية (نمر باقر النمر)، أخذت هذه التهديدات صبغة طائفية واضحة وذلك بعد أن شارك فيها مرجعيات الحوزة الخاوية في النجف وكربلاء وشاركت فيها مليشيات وجماعات طائفية إرهابية موالية لإيران في العراق ولبنان وسورية واليمن. ورغم كل ما تحمله هذه التهديدات من طابع طائفي، مازالت إيران وأتباعها من جماعات ميليشيات ومرجعيات كهنوتية ترفض وصف هذه التهديدات والتدخلات العلنية بالطائفية. و مما يحز بنفس المواطن الخليجي والعربي عامة ليس فقط سكوت الحكومات الخليجية والعربية على هذه التهديدات والتهاون مع التدخلات الإيرانية، وإنما قيام البعض من المحسوبين على المقاومة الفلسطينية وبعض القوى التي تزعم العروبة أنها تتزلف للنظام الإيراني وتتعامى عن تهديداته وتدخلاته المستمرة في الشأن العربي عامة والخليجي خاصة. وتتناسى هذه الجماعات والقوى الأيادي الخيرة لأبناء الخليج العربي عليها. نعم، تنسى حماس وأخواتها الدعم الهائل الذي يصلها يوميا من أبناء الشعب الخليجي هذا الدعم الذي يأتيها من الجمعيات والمؤسسات الأهلية الخليجية التي أصبحت اليوم مستهدفة، ليس من إيران وأعوانها فحسب، بل أنها باتت مهددة من أمريكا والكيان الصهيوني والقوى الغربية المعادية للأمة عامة ولشعب الفلسطيني خاصة. فإذا كانت حماس وأخواتها والقوى التي تسمي نفسها بالعروبية قد سكتت على الجرائم الإيرانية في العراق والسورية واليمن ولبنان، فكيف لها السكوت عن تدخلات إيران وتهديدها للدول والشعوب التي هي مصدر دعم لشعب الفلسطيني، وهي الداعم الأكبر لأبناء غزة الذين جنت عليهم حماس بقدر ما جنى عليهم الكيان الصهيوني المحتل؟. لقد كنا دائما في الصف الناقد للحكومات العربية، والخليجية خاصة، بشأن عدم امتلاكها مشروعا سياسيا واضح المعالم تجاه التجاوزات الإيرانية المستمرة والتي بلغت حد العدوان الصريح وتهديد الأمن القومي العربي والخليجي، إلا أن هذا النقد يجب أن لا يطال الجهات الرسمية فقط وإنما يجب أن يوجه بذات القدر أو اكبر إلى المدعين بالانتماء إلى هذه الأمة والى الذين يأكلون من خيرات دول الخليج ولكنهم بذات الوقت يقفون مع عدو هذه الأمة وعدو دول شعوب الخليج العربي ويقومون بالتزلف له ويلمعون صورته القبيحة. أن المشروع العدواني الإيراني لا يميز بين خليجي ومصري وفلسطيني وعراقي و شامي و يمني، فهو عنده العرب كلهم امة (ناصبية) واحدة ومن يظن أن إيران صديقته لأنها أعطته من بعض فتاة ما تسرقه من الثروات النفطية لأرض الاحوازية العربية، فليعلم انه إيران لا تعده أكثر من مأجور عندما تنتهي مصلحتها منه سوف ترمي به في مزابلها. وعلى الحكومات العربية التي ترى نفسها أنها بعيدة عن الحدود الإيرانية ولن يطولها الخطر الإيراني، فعليها أن تدرك انه طالما هناك حسينية على أرضها فهذا يعني أن هناك خطر إيراني يحدق بها.