كتب د. إيهاب فؤاد بنى مزار وسفاجا وضباء، أسماء لمعت فى عالم الفضائيات فى الآونة الأخيرة، وربما كانت مجهولة إعلاميا ولايلتفت أحد إليها،لكنها أضحت حديث الصعار والكبار، حديث الساسة ورجال الإعلام،على غير موعد قد رُتِّب،وعلى غير إعداد مسبق لمعت هذه الأسماء ولقد كان وميضها ولمعانها كارثة بكل ماتحمله الكلمة من معنى وفضيحة بكل ماتحويه من تبعات ورزايا وبلايا،والمتهم الحقيقى مجهول الهوية، لايعرفه أحد،ولايسمع عنه أحد شيئا،حين كنا صغارا أوهمونا أن لدينا أجهزة امنية هى الأفضل فى العالم،عشنا على هذه الأكذوبة سنوات طويلة،وكنا كلما انتكسنا لُمنا أدواتنا تماما كالعامل المهمل الذى يلوم أدواته دائما،نبحث عن مخرج ونفتش عن شماعة نعلق عليها أخطاءنا،يهلل الإعلام ويصفق حتى للهزيمة،تماما كما فعلت أبواق الإعلام الموجه،ضُربت طائراتنا قبل أن تتحرك من على الأرض عام 67 والإعلام يروج للزعيم"سنلقى بإسرائيل فى البحر أو نضعها فى متاهات الصحراء"،احتلوا أرضنا وباتوا على أعتاب مدن القناة والإعلام يروج للزعيم الأوحد والقائد الملهم ومازلنا لانعرف المتهم الحقيقى وتضاربت حوله الأقوال،بنى مزار جريمة تتكرر وضحية لرجال الأمن البواسل الذين لايمررون ذبابة واحدة دون أن يعرفوها،مختل عقليا،يخطط ويستأصل أعضاء من الجسد كأمهر مايكون الجراح،ثم يتنقل من بيت إلى آخر فى سكون الليل ويعتلى المنازل لينفذ جريمته والمتهم الحقيقى مجهول لكن المتهم المختل هو الضحية.... ألف من البشر،مابين رجل وإمرأة وطفل وفتاة يبتلعهم الطمع والجشع والمحسوبية والرشوة والأيادى الملوثة بدماء الشعب قبل البحر،صور يشيب لهولها الرضيع،صرخات وأنات وصيحات وهمهمات وأمواج عاتية ورياح عاصفة من أخلاق البشر قبل البحر تتآمر لتأكل الأخضر واليابس ولتقضى على كل حلم ،لا أنسى ذلك المشهد الذى أدمى قلبى وأطار النوم من عينى لذلك الطفل الذى ارتطم بالبحر وحمله أحد الناجين حتى هدَّه التعب وأتعبه البحر وهو يقول لمن يحاول إنقاذه ياعم اتركنى أموت،يتشبث بالحياة حتى آخر لحظة وإذا بالموج الهادر يرطمه فيطفو على السطح ميتاً،ولا أنسى أبدا ذلك المشهد الدرامى المحزن للأب الذى أمسك بابنته، ابنة السابعة واحتضنها حتى ماتا سويا،تيبس الجسدان والتصقا ببعضهما البعض ولم يستطع الأطباء فصلهما بعد انتشال جثتيهما ولم يجدا سبيلا سوى وضع الجثمانين فى كيس واحد والمتهم حرا طليقا، ولا أعرف كيف ينام قرير العين ولانسمع عن المتهم الحقيقى شيئا،اختفى القبطان وتضاربت حول مصيره الأقوال وصاحب الضيعة والبستان يرفل بحماية عليا ونفوذ لايُطال،لكن العامل البسيط والمرأة المسكينة والطفل مهيض الجناح لايهم ولايُعبئ له،يكفى أن ينام اطفالهم يمرحون أما أطفال المساكين فلايهم.. اتساءل أين المتهمون فى جرائم القتل المتعمد مع أبناء شعبنا؟إنَّ صمت الشعب بأسره يدين كل صامت،إن الإصلاح الحقيقى يبدأ من الرأس قبل الذنب،ويبدأ من قضاء عادل مستقل لاقضاء عُيِّن يُملى عليه مايشاءون ومايريدون، الإصلاح الحقيقى يبدا حين نتجرد ونكون جميعا على أتم الإستعداد للمساءلة مهما علت مناصبنا،الجميع سواء، رئيس ومرءوس،لافرق بين أحد ساعتها يمكن أن نمسك بالمجرم الحقيقى ونقدمه للمحاكمة، أما حين تنقلب الموازين ويُمسى البرئ متهماً والمتهم بريئا فلن يطول بقاؤنا،حين يُطلَق اللصوص ورعاة البلطجة ويقدم أبناء الوطن الشرفاء من اساتذة الجامعات بتهم تافهة كحمل سلاح وخلافه من سلسلة من الإتهامات المعدة مسبقا،كيف يحمل الحمل الوديع سكينا،كيف يحمل من يداوى العلل بمبضع رصاصا،لكن ماذا يمكن أن تقول؟ليل الظلم قصير وإن طال ونهار الحق طويل وإن بدا قصيرا وستطارد المتآمرين دعواتُ المظلومين التى ليس بينها وبين الله حجاب وسيرى الناس فيهم آية وعبرة.....