البنك الدولي يحذر من آثار تدمير محطة كاخوفسكايا للطاقة الكهرومائية    إصابة 6 فلسطينيين في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي في رام الله    عاصفة ترابية محملة بموجة هواء ساخن تضرب محافظة أسيوط    حبس 3 أشخاص لقيامهم بإنشاء مصنع للمخدرات بالسلام    أبرز المعلومات عن ماريتا عاصي الحلاني بعد تصدرها التريند    «ذروة العاصفة الترابية».. دعاء الرياح والعواصف والأمطار كما ورد في السنة (ردده الآن)    ماريتا الحلاني تهدي زوجها كميل أبي خليل أغنية خاصة في حفل الزفاف (فيديو)    هؤلاء الممنوعون من تناول المشمش نهائيا.. تعرف عليهم    رئيس «الاعتماد والرقابة»: مصر في ريادة المنظومة الصحية.. ونسعى لتشارك التجارب مع الأشقاء الأفارقة والمؤسسات الدولية    رئيس «الاعتماد والرقابة»: أصدرنا بروتوكولات قومية لعلاج الأمراض باسترشادات دولية    البعثة الأممية: سنواصل العمل مع المؤسسات الليبية لمعالجة خلافات قوانين الانتخابات    حلمي النمنم: قلت إن محمد مرسي لن يكمل عاما في الحكم خلال أول اجتماع معه    حدث بالفن| زواج فنانة ونجم يحلق شعره وأول مطرب بالذكاء الاصطناعي    عمرو أدهم: «قضايا الزمالك قد تكون سبب بيان فيفبرو»    الإفتاء: يجوز للمرأة السفر من دون محرم للحج والعمرة إذا تحقق الأمن في سفرها وإقامتها    هل يؤثر عمل المرأة على نصيبها في الميراث؟.. الإفتاء توضح    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا في الشدة صابرين وبقضائك راضين وفي الرخاء شاكرين    النائب البابوي بقبرص يزور مقر السفارة المصرية    قبل حزب الإخلاص.. 6 محاولات غير ناجحة لمرتضى منصور لدخول عالم السياسة    برنامج تدريبي عن الجوانب المالية والقانونية بجامعة سوهاج    رئيس البرلمان العربى يدين اقتحام سفارة البحرين ومقر إقامة سفيرها في الخرطوم    نقيب الجزارين يكشف سبب التفاوت في أسعار اللحوم.. فيديو    المصري البورسعيدي يخصم 100 ألف جنيه من نجمه ويحيله للتحقيق    مصطفى وزيري: بدأنا الحفر في منطقة سقارة في شهر إبريل 2018    «لمعرفة من يستحق اللجوء».. عضو بمجلس النواب تكشف تفاصيل قانون لجوء الأجانب    لجنة شباب المحامين تنظم اليوم دورة عن عالم الميتافيرس من منظور قانوني    رعد وبرق وأمطار متوسطة ورياح مثيرة للأتربة والغبار على مدينة 6 أكتوبر    التنقيب عن الآثار ينتهي بمصرع عامل في أطفيح    أزهري يكشف عن «بركة خفية» في ماء زمزم: «فيها ريق النبي إلى يوم القيامة»    الثانوية العامة 2023| «التعليم» تحذر من محاولات الغش واصطحاب المحمول    بالصور.. رفع الإشغالات بحي العجوزة وإزالة بناء مخالف دون ترخيص بأرض اللواء    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الخميس 8 يونيو 2023    نقابة الأطباء: تشكيل لجنة مستقلة من وزارة الصحة للتحقيق في وفاة وزير الصحة الأسبق    مؤشرا بورصة البحرين يقفلان على ارتفاع    وزير التجارة السعودي: 26.5 مليار ريال حجم استثمارات بريطانيا بالمملكة خلال عامين    بالصور.. رئيس جامعة الأقصر يستعرض مناقشات اجتماع «الأعلى للدراسات العليا والبحوث»    إيناس عبد الخالق مديرا عاما للشئون التنفيذية والخدمات التربوية بتعليم دمياط    النمنم: بعد 11 فبراير 2011 حدث نوع من التلوث الثقافي في مصر    خطفوا شخصا وقتلوه.. إحالة أوراق نقاش وعامل بوفيه للمفتي بالإسكندرية    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو لسرقة شقة بالجيزة    محافظ المنيا يؤكد ضرورة تضافر الجهود في التصدي للتعديات على الأراضى الزراعية    بيان شديد اللهجة من السعودية بعد الهجوم على سفارتها في السودان    متحدث الخارجية: الأزمة السورية مستعصية ولا يمكن إغفال التفاعلات الإقليمية    بلينكن: دول الخليج هي جوهر رؤيتنا لشرق أوسط أكثر استقرارًا    عقب اتفاقية أبراهام والزيارة الحالية لرئيس الكنيست للرباط.. المغرب تتجه لإعادة جنسيتها لليهود المغاربة بعد هجرتهم لإسرائيل من 80 عاما    حلمي النمنم: الإخوان حاولوا الاستيلاء على وثائق مهمة من دار الكتب    أشرف زكى عن شقيقته ماجدة: سعادتها بفوزي بانتخابات النقابة فرحة أم لابنها|فيديو    الجمعة.. خالد جلال يفتتح عرض «بوسطة» على مسرح جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا    فيديو.. تفاصيل زيارة الرئيس السيسي إلى أنجولا والتوجه ل زامبيا    مطار مطروح يفتتح الموسم السياحى الأوروبى باستقبال أول رحلة من سلوفاكيا.. صور    وست هام يونايتد يهزم فيورنتينا ويتوج بالدوري الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه    علاء نبيل عن استبعاد أحمد الشناوي من المنتخب: فيتوريا مقتنع بأبو جبل..فيديو    كواليس الجلسة الخاصة مع لاعبي الأهلي قبل مباراة الوداد    «بينهم صلاح».. 3 خيارات أمام الهلال لتعويض فشل صفقة ميسي    موعد مباريات اليوم الخميس 8 يونيو 2023.. إنفوجراف    كهربا يثير حماس الجمهور قبل مباراة النهائي الإفريقي| شاهد    شاكر: «الكهرباء» الشبكة القومية المصرية الأكبر على مستوى المنطقة    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء تحذر من استخدام المضاد الحيوى لعلاج نزلات البرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصوفية ولعبة السياسة
نشر في المصريون يوم 16 - 08 - 2011

علي الرغم من أن الطرق الصوفية قد تبدو ظاهريا أنها بعيدة عن ميدان العمل السياسي إلا أنها ومنذ نشأتها منغمسة في الأحداث السياسية ومرتبطة بالحاكم السياسي والقوي السياسية ، فنشأتها ترجع إلي تطور النظام الإقطاعي الذي دعم وجودها وبني لها الأربطة والخانقاوات والزوايا وأنفق عليها اتقاء لأي ثورة اجتماعية منذ العصر الأيوبي .
وفي تاريخ مصر الحديث لعبت الطرق الصوفية دورا واضحا في الحياة السياسية سلبا وإيجابا ، فعلي سبيل المثال تشير وثائق المجلس الصوفي الأعلى إلي قيام أحد مشايخ الصوفية وهو الشيخ محمد إبراهيم الجمل شيخ السادة السمانية بجمع توقيعات من الناس إبان ثورة مصر 1919م للتقدم بعريضة تؤيد بقاء الإنجليز في مصر، وأعطي كل من وقع علي العريضة عشرة قروش . وما إن علم العامة من الناس إلا وثاروا عليه فحاول الاحتماء بأحد أقسام البوليس فرابط الناس عند الباب لمدة يومين مما دفع السلطات إلي حمايته بقوة كبيرة وحماية بيته . لكن العامة الغاضبين ظلوا أمام بيته حتى رحلت القوة وحطموا البيت بما يحوي ، وأصدر المجلس الصوفي الأعلى قرارا بوقفه بحجة اشتغاله بالسياسة ، ولكن سرعان ما زال هذا الوقف وعاد ليزاول دوره بدعم من الإنجليز.
وارتبطت العديد من الطرق الصوفية بالأحزاب السياسية والقصر الحاكم وسلطات الاحتلال البريطاني بغية تحقيق أهداف متبادلة بين هذه القوى ومشايخ الطرق ، فارتبطت الطريقة العزايمية التي أسسها الشيخ محمد أبو العزايم في بلدته المطاهرة بالمنيا بالقصر الحاكم حين تبنى شيخها الدعوة لتولي الملك فؤاد منصب الخلافة في أعقاب إلغاء أتاتورك لها 1924م ، ثم عاد ودعا لتولي عبد العزيز آل سعود .
ودعمت سلطات الاحتلال البريطاني صلتها ببعض الطرق الصوفية إبان الحرب العالمية الأولي حيث استفادت من صلتها بالشيخ ميرغني الإدريسي شيخ الطريقة الإدريسية الأحمدية لكي يمدها بمعلومات عن تحركات أسرة الأدارسة في عسير ، وشكلت المعلومات التي حصلت عليها من الشيخ أهمية في المباحثات التي دارت بين محمد إدريس السنوسي والبعثة المتحدة من إيطاليا وبريطانيا نظرا لوجود صلة بين أدارسة عسير والسنوسية في شمال إفريقيا .
وتشير المصادر إلي وجود دعم مادي من قبل بريطانيا لبعض الطرق الصوفية في مصر كالطريقة الدمرداشية التي كان شيخها عبد الرحيم الدمرداش باشا الذي كان مرتبطا بصداقة مع المندوب السامي البريطاني السير جورج لويد ، وساعدت بريطانيا في حصول هذه الطريقة علي اعتراف رسمي من المجلس الصوفي 1929م . وكذلك الطريقة الغنيمية التي كان شيخها محمد الغنيمي التفتازاني مرتبطا بصلة بالسفارة البريطانية وساعدته علي الاعتراف بطريقته .
وهناك أحزاب سياسية ليبرالية سعت لدعم صلتها بالطرق الصوفية لأغراض انتخابية وفي نفس الوقت لأسباب اجتماعية واقتصادية تتمثل في محاولة تقويض أي اتجاه لثورة اجتماعية ضد أصحاب المصالح في هذه الأحزاب . فعلي سبيل المثال ارتبطت الطريقة العزايمية بحزب الأحرار الدستوريين ثم بحزب الشعب . وارتبطت الطريقة الحبيبية بحزب الاتحاد حين كان في السلطة فساعدها محمد حلمي عيسي وزير الداخلية علي الاعتراف بها .
واقترب حزب الوفد من الطريقة البغدادية حيث كان شيخ هذه الطريقة سيد عفيفي البغدادي عضوا في لجنة الوفد المحلية، ودعمت هذه الطريقة الوفد في انتخابات 1924 وما تلاها .
وساند الوفد طريقة أخرى هي الطريقة العفيفية ، وتدخل فؤاد باشا سراج الدين وزير داخلية حكومة الوفد في شئون هذه الطريقة حرصا علي استمرار دورها الداعم .وساند زعيم الوفد مصطفي النحاس الشيخ أحمد الصاوي لتولي منصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية .
وفي أعقاب تولي النظام السياسي العسكري السلطة 1952م سعي للسيطرة علي الطرق الصوفية واحتوائها ، ففي أعقاب أحداث 1954 التي اصطدم فيها النظام بأتباع التيار الإسلامي الشمولي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين ، أصدر النظام قرارا بتعيين الشيخ محمد محمود علوان شيخا للطرق الصوفية ،وكان ذلك أول مرة يتم فيها اختيار شيخ المشايخ بالتعيين ، كما أن الشيخ علوان كان مرتبطا بصلة قرابة بعبد الحكيم عامر أحد أركان النظام والذي جعل من نفسه مشرفا عاما علي الطرق .
وكان قبول الطرق الصوفية لتعيين رئيس المجلس الصوفي الأعلى تعبيرا عن مدي ضعفهم وبالتالي امتثالهم لتوجيهات النظام بحكم تركيبتهم الضعيفة وأمام ما رأوه من بطش النظام بأتباع الإسلام السياسي ، وأدي ذلك الاحتواء لهذه الطرق إلي إقبال الناس عليها كملاذ للناس وحماية من تهمة الانتماء للإخوان المسلمين ، وإظهار النظام علي أنه لا يعادي التيار الإسلامي برمته .
وأقبل أعضاء الطرق علي الانضمام للاتحاد الاشتراكي الذي استغل الاحتفالات الدينية لهذه الطرق في توزيع المنشورات ونشر الشائعات وإطلاق الشعارات والخطب الداعمة للنظام .
وبعد أن أحكم النظام السياسي قبضته علي هذه الطرق بدأ بتصفية الحساب مع بعضها ممن كانوا علي ولاء للقصر أو الأحزاب القديمة كالطريقة الدمرداشية والطريقة البكتاشية ، ودعموا بالنفوذ الطريقة الرضوانية في الأقصر علي حساب طريقة أخرى هي الشرقاوية الخلوتية التي كانت علي صلة بالقصر الحاكم.
أما من حيث الاستخدام السياسي لهذه الطرق فقد ضيق النظام علي الطريقة النقشبندية لمناصرتها لقضية الشعب الكردي ضد النظام العراقي الذي كانت تربطه علاقات قوية بنظام مصر .
كما استخدم النظام شيخ الطريقة الجنيدية أحمد الجنيدي الميموني السوري الجنسية الذي استقر في مصر وأسس هذه الطريقة وطلبوا منه تأسيس فرع لها في سوريا بعد الوحدة بين مصر وسوريا 1958 كي تسهم في دعم نفوذ النظام داخل المجتمع السوري .
واستخدم النظام الطريقة القطانية الشاذلية التي كانت فرعا لطريقة مغربية ،وساعد حسن عباس زكي هذه الطريقة في الحصول علي اعتراف بها في مصر لقاء دعم العلاقات مع المغرب .
ولم يكن الأمر قاصرا في العلاقة بين الطرق الصوفية والنظام السياسي علي مجرد استفادة النظام بل إن الطرق الصوفية قد حققت الكثير من المصالح لمشايخها من خلال هذه العلاقة ، فقد تولي شيخ الجنيدية منصبا هاما في تنظيم الاتحاد الاشتراكي العربي وأصبح عضوا في مجلس الأمة لثلاث دورات متتالية . وحقق الشيخ كامل القاياتي شيخ الطريقة القاياتية الخلوتية عضوية في مجلس الأمة عن دائرة العدوة، كما حقق الشيخ صلاح الشبراوي عضوية عن دائرة كفر صقر، وتولي الشيخ محمد المسلمي منصب سكرتير مساعد لجنة الاتحاد الاشتراكي عن محافظة الشرقية ، والشيخ خير الله فضل عطية منصب سكرتير عام الاتحاد الاشتراكي في مرسى مطروح .
والخلاصة أن الطرق الصوفية عبر تاريخها قد امتثلت للترويض والتسييس الحكومي وبخاصة خلال حكم جمال عبد الناصر وأنور السادات ، وأصيب موقفها بالتردي في عصر مبارك لولا أن بدا الاهتمام بها من قبل الأمريكيين وهم في معرض تصفيتهم لدعاة الإسلام السياسي في كل مكان في العالم ، وحتى لا يظهروا حقيقة موقفهم العدائي ضد كل ما هو مسلم بعد احتلال وتدمير أفغانستان والعراق وحصار إيران والشرق الأوسط برمته ، وفي محاولاتهم لتقسيم المسلمين لسنة وشيعة ودفعهم للصدام العسكري حتى تتم أهدافهم . فنجد بوش الإبن الذي تبنى هذه الحرب ضد الإسلام يعرب عن إعجابه بشعر جلال الدين الرومي ، ويحث سفيره في مصر علي حضور احتفالات الصوفية الدينية .
ومنذ ثورة يناير 2011 لم نسمع باشتراك المتصوفة في أحداثها حتى كانت الجمعة الأخيرة في 12 أغسطس الحالي لتشهد بعض تجمعات صوفية بجوار القلة من الليبراليين الذين احتموا بهذه التجمعات بعد أن انكشف حجمهم في الجمعة السابقة التي شهدت تجمع قوى الإسلام السياسي لدرجة دعت بعض كوادر النخبة إلي البحث عن تعريف آخر للقوى السياسية حجما وتأثيرا . وتركت هذه الجمعة عدة تساؤلات حول مستقبل الطرق الصوفية في ميدان العمل السياسي هل ستواصل دور الداعم للقوي الأخرى أم أنها ستفكر في الخروج من دور الاستكانة والتواكل والسلبية إلي دور فاعل له رؤيته في الميدان السياسي ، ولأي من الأيديولوجيات والتيارات ستنتمي ، ولصالح من ؟
مؤرخ مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.