قبل نحو أسبوع دعا الكاتب محمد حسنين هيكل، الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى ما سماه ب "الثورة على نظامه"، وألمح حينها إلى أن المقصود بذلك رجال الرئيس الأسبق حسني مبارك الذين لا يزالون يعملون معه. بعد هذا التصريح بأيام، قدم السيسي تعريفًا للنظام، معتبرًا أن "النظام هو الدولة، ومن يريد تغيير النظام، فهو في الحقيقة يريد النيل من استقرار الدولة". فيما عاد هيكل أمس وقدم المزيد من التفاصيل حول ما يعنيه ب"الثورة على النظام"، وقال إن "السيسي لا يزل يعمل بنظام مبارك والإخوان، ويحتاج لبناء نظام خاص به". وتلقى هيكل فور دعوته السيسي للثورة على نظامه، انتقادات لاذعة من إعلاميين وسياسيين مقربين من الرئيس الحالي، اعتبروا تصريحاته تهديدًا للأمن القومي المصري، رغم أنه ألمح حينها إلى أنه يعني بذلك التخلص من رموز نظام مبارك. وقال هيكل، في حوار تلفزيوني الجمعة قبل الماضية، على قناة "سي بي سي" الخاصة، إن "السيسي يجب أن يثور على نظامه"، وحدد مناسبة ذكرى ثورة 25 يناير المقبلة، كسقف زمني لذلك، في إشارة منه إلى قطع الصلة بين نظام السيسي وأي رابط له بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك والذي أطاحت به ثورة شعبية في 25 يناير 2011 . وجاءت نصيحة هيكل بعد أن أشار إلى بعض السلبيات في المشهد المصري، والتي كان منها قوله إن "الكثير من رجال مبارك يعودون الآن بطريقة تدعو إلى الشك"، وفق وكالة "الأناضول". وألمح هيكل إلى أن "هؤلاء قد ينافسون بقوة على مقاعد مجلس النواب القادم"، مضيفا: "هذا ليس مستحيلا، فمستقبل هذا البلد يحتاج لنظرة متجددة، وأنا أرى أن على الرئيس السيسي أن يثور على نظامه ". ولم يرد السيسي بشكل مباشر على نصيحة هيكل، لكنه قال خلال افتتاحه مبني الركاب الجديد بمطار الغردقة الدولي، الأربعاء الماضي، ما فهم منه أنه كذلك. وقال: "لا يوجد شيء اسمه نظام، يوجد شيء اسمه مصر، دولة مصرية، الشعب المصري ينتخب، يأتي رئيس يمسك دولة، وليس نظام يتغير كل فترة، هي دولة مصرية، مؤسساتها إعلامها قضاؤها جيشها، كلها تعمل من أجل البلد، يتغير الشخص يأتي آخر يكمل بالدولة المصرية". وأمس الجمعة، أعاد هيكل الحديث في ذات الأمر، وشرح مزيدا من التفصيل ما يعنيه بالنظام، في حواره المذاع على فضائية "سي بي سي" مع الإعلامية لميس الحديدي، فقال إنه "ينبغي على الرئيس عبد الفتاح السيسي القيام بثورة على النظام الذي ورثه، وينشئ نظاماً يتفق مع رؤيته خاصة أنه قادم برؤى جديدة، وسياسات مختلفة ستنفذها نفس الأجهزة القديمة". وأضاف أن "السيسي يعمل من خلال نظام مبارك والإخوان وعليه أن ينشئ نظامه الذي يتفق مع رؤيته فالسياسة تتغير بتغيير النظم والقيادة، والنظام السياسي والحاكم هما مركز القرار، والإخوان قد اخترقوا جزء من جهاز الدولة الإداري". وتابع أنه على الرغم من اختلاف التوجيه السياسي، فلم يتغير النظام، وهو ما يتطلب من الرئيس السيسي بناء نظامه الذى يتفق مع سياساته، مضيفا: "الرئيس السيسي قادم برؤى جديدة وسياسات مختلفة لا يمكن أن تنفذها نفس الأجهزة القديمة". سيف عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال في مداخلة هاتفية مع قناة فضائية، إن العلم السياسي يستند إلى مثلث مكون من ثلاثة أضلاع، هي "الفكرة والنظرية السياسية والنظم السياسية والعلاقات الخارجية"، فلا يمكن تجاوز ضلع منهم. وتابع: "النظم السياسية ضلع مهم لا يمكن تغافله في العلم السياسي وإدارة الدولة"، وأشار إلى أن "السيسي يسعى إلى إغفال هذا الضلع في إطار الدولتية"، موضحا: "إن كنت تهاجم الرئيس أو تهاجم النظام، أو تهاجم السياسات المتبعة، فأنت تهاجم الدولة، وأنت ضدها وتسعى إلى إسقاطها". حازم حسني، أستاذ النظم السياسية بجامعة القاهرة، قال في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، إن العلوم السياسية والدستور المصري الذي تم الاستفتاء عليه في يناير الماضي، ينص على وجود نظام سياسي. وتابع: "لا يمكن إلغاء فكرة وجود نظام سياسي، كما لا يمكن القبول بتأسيس لسلطة مطلقة لرئيس بلا أي برنامج حكم معلن". وأشار موجها حديثه للسلطة بمصر: "منذ أبريل 2011، وأنا أدعو السلطة للتمييز بين الدولة، وبين النظام السياسي، ونظام الحكم، والنظام العام، وعليهم العمل بأسرع ما يمكن على إتمام إسقاط النظام السياسي الفاسد الذى ثار عليه المصريون لأن أي تلكؤ فى إسقاط هذا النظام الفاسد سيؤدى لسقوط النظام العام، ثم سقوط نظام الحكم الجمهوري، وأخيراً - لا قدر الله- سقوط الدولة".