لم يشفع لهم أن الطرق قد اختلفت والمواقف قد تبدلت، فمهما تباعدت السبل التقوا فى نقطة واحدة يضعهم عندها من هم ليس منهم، فيصنفونهم تحت بند واحد "السلفية"، متجاهلين كل ما يرددونه عن ثمة اختلافات تفرق بين الفصائل السلفية. الترجيحات جميعها كانت تدور حول انحسار التيار السلفى، فقط الاختلاف كان فى طريقة الانحسار، حيث وضع محللون ثالوثًا يدور فيها التيار السلفى بكياناته وأحزابه، يتضح فى العودة للدعوة أو المشاركة فى البرلمان، وأخيرًا هو التطرف نحو ما يسمى ب"الجهاد" والاقتراب من التنظيم القائم فى العراق والشام "داعش". سلفية "الدواعش".. هل تثبت نبوءة "الكلبانى" فى مصر؟ "داعش نبتة سلفية حقيقة يجب أن نواجهها بكل شفافية"، لم يكن الأمر بالرأى الأجوف الذى تطالعه يوميًا على صفحات المواقع الإلكترونية، بل هو رأى جاء على لسان إمام وخطيب المسجد الحرام عادل الكلبانى، الذى غرد بتلك الكلمات التسع في أغسطس الماضى، ليحذر بها من فصيل قال إنه الأساس الذى يخرج منه التطرف. وهو ما قوبل بنوع من التأييد والرفض، حيث قال أحد مشايخ المملكة، محمد على المحمود: "كتبت عشرات المقالات قبل عدة سنوات تتحدث عن كون السلفية التقليدية هى أيديولوجيا كراهية الآخرين". سامح عيد، الخبير في الإسلام السياسى قال ل"المصريون"، إن الفصيل السلفى المصرى من بين الأوراق المتاحة له هو التحول إلى الفكر الجهادى، والتقرب من تنظيم داعش فى بعض الأحيان. واعتبر أن خيار اللجوء إلى "الجهاد" هو الأخير فى قائمة السلفيين، الذين يعانون نوعًا من الانحسار، بعد اختلافهم على الموقف السياسى الموحد. وأشار إلى أن فكرة اللجوء إلى الجهاد، ربما تجد صداها أيضًا لدى شباب جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة من فقدوا الأمل فى تغيير الواقع المصرى، فيتبنون الفكر المتطرف، الداعى إلى تدمير كل شىء، وهو ما تجسد فى مصطلح "داعش هو الحل". ونوه إلى أن أكثر التيارات السلفية القريبة من هذا النهج، هم شباب حركة حازمون، لما يعرف عنهم من اندفاعية، على حد قوله. "الدعوة" خيارهم الثانى رغم إجراءات "الأوقاف" قانون يلحق آخر، وإجراءات تشدد من يصعد ومتى ولماذا؟ هو إذًا حال المساجد بعد الإجراءات الأخيرة التى تنفذها وزارة الأوقاف، باسطة بها سيطرتها على المنابر، وهو الأمر الذى يجد فيه التيار السلفى تحجيمًا لمساحته ووجوده على المشهد. وبالرغم من تلك التضييقات إلا أن هذا الخيار هو الثانى أمام بعض التيارات السلفية والتى تبقى مجبرة أن تُحارب على صعودها المنبر، معتبرة فى ذلك حقا لها، وهو ما يترجم فى المعركة التى تخوضها الدعوة السلفية منفردة، وعلى رأسها الشيخ ياسر برهامي، نائب مجلس إدارة الدعوة السلفية، الذى دخل أمس السبت، فى اختبارات الخطابة للحصول على موافقة بصعود المنبر والخطابة. وعلق عيد، قائلاً إن الأمر لا يتوقف فقط عند خطب الجمعة، قائلًا: إن السلفيين يمكنهم أن يلجئوا إلى الدعوة والمدرسة العلمية الخاصة بهم، عبر إعطاء الدروس والإبقاء على المساجد التى مازالت تحت إدارتهم. واستبعد أن تكون إجراءات الأوقاف مانعًا للجوء إلى الدعوة، مشيرًا إلى أن أقرب السلفيين من هذا الخيار هى الجبهة السلفية التى انشقت مؤخرًا عن التحالف الوطنى لدعم الشرعية، موضحًا أنه فى الأغلب أن الانشقاق جاء بعد يأس من جدوى العمل السياسى من الأساس. وأشار إلى أن الدعوة السلفية أيضا ستكون قريبة من التمسك بما تعتبره حق الخطابة، ملفتًا إلى أن فى حال التضييق على حزب النور والدعوة فهناك باب خلفى لم يسده الدستور وهو "الوقف". وأوضح أن الدستور تطرق إلى "الوقف" وترك حق تحديد هدفه وسياق عمله لصاحب الوقف، مشيرًا إلى أن السلفيين بإمكانهم أن يلجئوا إلى تدشين الأوقاف لنشر أفكارهم ومن ثم البقاء على الساحة. برلمان بأقلية سلفية.. والنور: 20% من المقاعد محجوزة لنا الدخول إلى البرلمان، وتحصيل نسبة داخله، هو ما يسعى إليه حزب "النور"، وكما صرح شعبان عبد العليم، عضو الهيئة العليا لحزب النور ل"المصريون"، فإن الحزب يحشد أعضاءه وقواعده لحصد 20% من مقاعد البرلمان، مشيرًا إلى أن النور هو الحزب الذى يضمن بقاء السلفية فى مصر. وتوقع أن يشهد 2015 زوال الكيانات السلفية المحدودة التأثير، معتبرًا أنهم كانوا عبئًا على السلفية وليس إضافة. وأشار إلى أن تضامن السلفيين إلى آخر الخط مع جماعة الإخوان المسلمين وفى سياساتها، تسبب فى تكوين العداء بين السلفيين والشارع، وعليه يقوم النور بتصحيح ما تورط فيه الآخرون.