حالة من السخط سادت في الأوساط السياسية بعد حرمان 138 من أعضاء النيابة من التعيين، بسبب عدم حصول آبائهم على مؤهلات عاليا، فيما وصفوه بأنه عودة إلى "دولة العبيد والمماليك"، محذرين من أنها "قد تفجر شرارة لثورة جديدة ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي". وقالوا إن هذا القرار ينذر بثورة قادمة، ويطيح بثورة كانت أملاً وحلمًا لتحقيق أهداف العدالة الاجتماعية بين أبناء الشعب، رافضة لفكرة التوريث التي حاول أن يثبت عمادها مبارك إلا أن الثورة أفشلت مخططه، محاولة من النظام الحالي لإعادة الشعب إلى فئوية ومجتمع تصنف طبقاته إلى مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية، إلى دولة العبيد. وقال هيثم الشواف، منسق "تحالف القوى الثورية"، وعضو "جبهة 30يونيو"، "أنا خدعت ونادم أشد الندم على ثقتي في الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد أن خاب فألي في أن تكون الموجة الثورية الثانية الأمل في تحقيق مطالب ثورة 25 يناير، إلا أنني فوجئ بأخطاء كثيرة وعديدة لا يمكن غفرانها، ومنها إسالة الدماء المصرية دون مبرر، وكان ختامها ما حدث من قرار القضاء بحرمان أبناء الأميين من التعيين في مناصب النيابة". مع ذلك، أكد أنه غير نادم على ثورة 30 يونيو "إلا أنني نادم على تبعاتها غير المتوقعة، ومنها التمييز بين المصريين على خلفياتهم الاجتماعية"، بعد حرمان 138شخصًا من استكمال أوراق تعيينهم بالنيابة لعدم حصول آبائهم على مؤهل دراسي عال. وقال إن "الأمي مواطن ربما يكون أكفأ وأشرف من الثري، لأنه استطاع أن يعلم ابنه ويوصله لهذا المنصب حتى يصبح عضوًا عاملاً ونافعًا، فلما نحرمه من فرصة هو جدير بها، مما نجعل المواطنين درجة أولى ودرجة ثانية، ونحول المجتمع إلى مجتمع نخباوى ونجحنا فى القضاء على الرغم من منع مبارك ورغبته فى توريث نجله جمال، والآن يتحول المجتمع إلى مجتمع توريثي، مؤكدًا أن هذا نظام قبلى لا يوجود إلا فى البلاد المتخلفة". وتابع الشواف، "لن تنجح معنا حيلة الحنية فما حدث ردة على القيم المصرية فلسنا خدمًا ولن تعود دولة المماليك"، ومضى قائلاً "دولة ونظام بهذا الغباء لن يصمد أكثر من ستة شهور". وأكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسي مشارك ومسئول عما يحدث حتى وإن كان بصمته وضعفه وهو ليس ضعيفًا، مشيرًا إلى أن الدولة ليس بها برلمان ولا مؤسسات بالمعنى المفهوم لتظل مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية هى التى تتولى مقاليد الأمور. وحذر الشواف، الرئيس السيسى من أن يعتمد على الظهير الشعبى، "حيث إنه لم يعرف شعبه على حقيقته فهو قد ينقلب عليه فى لحظة واحدة ففزاعة الإخوان والإرهاب التى يعمل عليها ستبوء بالفشل فهى فزاعة لا تستخدمها إلا البلاد المتخلفة لا شعب عريق كالشعب المصرى، فالرئيس المخلوع حسني مبارك استطاع أن يقضى على أسوأ من ذلك إرهاب دون كل الضجة المفتعلة التى تحدث الآن". وقال الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم العالى الأسبق، إن المنع ليس قضية عدالة اجتماعية، وإنما قضية دستور للدولة ستطبق مواده أم هو حبر على ورق، وأن "المادة 53 من الدستور تجرم التميز، وبدون الدستور فهذا من حقوق الإنسان، وجزء من مبدأ المساواة أمام القانون". ووجه حديثه ل 138 المستبعدين: "إياكم أن تتنازلوا عن حقوقكم، أنتم مش طالبين حسنة.. يا نهار أسود.. إحنا هنرجع لدولة الطوائف، أنا والدى أزهرى غير حاصل على مؤهل عال وأمى معاها الابتدائية وأصبحت أستاذ جامعة، ودرست بجامعات فرنسا وبلجيكا واليابان ولم يسألنى أحد يومًا أمك أو أبوك حاصلين على شهادات إيه". كما تهكم كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة السابق، من القرار باستبعاد خريجى كليات الحقوق من التعيين بالنيابة العامة بسبب عدم حصول الوالدين على مؤهل عال. وقال أبوعيطة "المجتمع زى الرصيف عاوز يتكنس، واحد يعرق على الرصيف وواحد يعرق من لعب التنس.. عار على مصر أن تقول لشخص لا تصلح وكيل نيابة، لأن أهلك بيعرقوا على الرغيف، كده يبقى ثورتنا وتعبنا طيلة السنين الماضية راح هدر أن استبعاد 138 عضوًا بالنيابة العامة بسبب عدم حصول آبائهم على مؤهل عال، عار وعودة لما قبل ثورة 1952 وليس ثورة 25 يناير فقط، وعودة لدولة الإقطاع، دولة السادة والعبيد". وطالب حزب الغد برئاسة المهندس موسى مصطفى موسى، الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتدخل لتعيين المستبعدين من النيابة لعدم حصول الآباء والأمهات على مؤهل عال، وقال الحزب إنه يدرك تمامًا مدى حرص الرئيس على تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب، كما أشار الحزب إلى أن استبعاد 32متفوقًا من النيابة بعد صدور قرارات تعيينهم يعد تميزًا غير مقبول، داعيًا الرئيس السيسى لأنصاف هؤلاء المستبعدين والانتصار للعدالة الاجتماعية والمساواة بين المصريين. كما نظم المستبعدون من النيابة العامة وقفة احتجاجية على سلالم نقابة الصحفيين ورفع المحتجون لافتات مكتوبًا عليها: "قرار مجلس القضاء باستبعاد المتفوقين من أبناء العمال والفلاحين يعيد مصر إلى عصر العبيد والنبلاء أين أنت يا سيادة الرئيس"؟ جدير بالذكر أن 138 معاون نيابة عامة صدر لهم قرار تعيين ولم تستكمل إجراءات تعيينهم بسبب اشتراط مجلس القضاء الأعلى حصول الوالدين على مؤهل عال.