خلف القضبان.. أقدام تبتر.. وأحلام تجهض وقصص مؤلمة وحكايات من الوجع لكل منهن قصة تختلف عن غيرها، لكن الألم واحد والظلم واحد، ربما الأمل واحد والثبات واحد، لأنهن اختلفن عن كثيرات في كل شيء، دفاعًا عن قضية رأين أنها قضيتهن أيًا كان اختلافك معها، وأيًا كانت القضية لكنهن دفعن ثمن حق من حقوقهن في التعبير عن رأيهن وتوجههن وإصرارهن على هذا الحق من الحقوق التي كفلها لهن الدستور والقانون. "أسيرات الحرية" كل منهن دفعت ثمنًا غاليًا لمواقف أصرت عليها، إما فقدت عزيزًا أو فقدت جزءًا منها لكنها أبدًا لم تفقد نفسها، فقط لأن تهمتها الوحيدة مبدأها. حيازة صوت نسوى يطالب بالحرية ويهتف بعرض الميادين للمطالبة بعودة الحق، وقبل كل شيء المطالبة بالحياة، التي طالما انتظرنها لهن ولأبنائهن ووطنهن، لكنهن وجدن وطنًا كالثعالب نهشت في حريتهن. أول حكم حضوري بالإعدام ضد امرأة وابنيها الاثنين منذ 30 يونيو لم تكن الحاجة سامية صاحبة ال 54 عامًا، تعلم أن يجمعها وابنيها الاثنين قفص اتهام واحد يومًا ما، بل وحكم إعدام واحد.. نعم حكم إعدام لها ولابنيها المتهمين معها في قضية اقتحام قسم كرداسة بعد أحداث فض اعتصام رابعة من العام الماضى. الحاجة "سامية حبيب محمد شنن" حكمت المحكمة بإعدامها منذ أيام بعد اعتقالها من منزلها في كرداسة إبان الاقتحام الشهير للبلدة في أغسطس من العام الماضى، والمعلومات أشارت إلى أن الحاجة "سامية" كانت قد اعتقلت من منزلها يوم (19/9/2013) للضغط على ابنيها لتسليم نفسيهما بعد أن حضرت قوة اعتقال لهما ولم تجدهما.. وبالفعل سلّم الشابان نفسيهما لقسم الشرطة.. لكن فوجئا بإدراج اسم والدتهما ضمن محضر القضية رقم "12749" وترحيلها إلى سجن القناطر.. لم يكن أحد يتوقع أن تزداد الأحكام ضد النساء في تلك الآونة، خاصة بعد حكم المؤبد على اثنتين من المعتقلات في سجن القناطر "هند ورشا"، ليحكم القاضى اليوم بإحالة أوراق الحاجة سامية شنن إلى المفتى تمهيدًا لطلب إعدامها. جدير بالذكر أن الحكم بالإعدام لم يشمل الحاجة سامية فقط، وإنما شمل كذلك كلاً من ولديها المعتقلين معها في نفس القضية.. وهو بذلك أيضًا أول حكم بإعدام أسرة كاملة (الأم وأولادها) والذي يأتى بعد أيام الحكم ببراءة المخلوع حسنى مبارك من جميع التهم المنسوبة إليه. فراشة الإسكندرية: أنا مش زعلانة.. ساقي سبقتني للجنة أسماء جمال، المشهورة بأسماء جهينة، أجرت عملية بتر لساقها اليسرى في أحد مستشفيات محافظة الإسكندرية؛ نتيجة اعتداء أحد ضباط الشرطة عليها بطلقتي خرطوش، أنهتا آمالها في المشي عليها مرة أخرى، لكنها لم تنهِ آمالها في استعادة حريتها وكرامتها وتحقيق ما خاضت المعركة لأجله في وطن استنكر عليها الحياة. "أنا مش زعلانة فقطعة من جسدى سبقتني للجنة، وسأشارك في أول مظاهرة بعد خروجي، والنصر قد اقترب جدا"، مستشهدة بقول الله تعالى: "إنهم يرونه بعيدًا ونراه قريبًا".. بتلك الكلمات أبدت "أسماء جمال ثباتها وإصرارها على المطالبة بالحق في الحرية رغم بتر ساقها اليمنى التي فقدتها بسبب نزولها في مظاهرات ضد السلطة الحالية مطالبة بالحرية، ليقول لها أحد الضباط الذي أعلنت عن اسمه وهو "إبراهيم مبارك": "عشان تبطلي تنزلي تاني". أسماء التي تبلغ من العمر 19 عامًا وتدرس بكلية الخدمة الاجتماعية بالإسكندرية تروى قصتها في إحدى المداخلات التليفزيونية بعد بتر ساقها لتقول: "أنا سعيدة أن قدمي سبقتني إلى الجنة، وسأشارك في أول مظاهرة والنصر قد اقترب جدًا". وتضيف "أن ضابط يدعى إبراهيم مبروك أطلق على ساقى رصاصة خرطوش وهو على بعد متر واحد مني، وأهانني قبل أن يطلق علىّ رصاصة ثانية". وأن أحد البلطجية ويدعى "على زبادي" كان بصحبة ضابط الشرطة ضربني على ساقى المصابة بالشومة.. وتتابع: عجزت عن الحصول على حقي في بلدي، وأقسمت أنى "سعيدة بإصابتي لأنني تربيت على الجهاد، سعيدة أن قدمي سبقتني إلى الجنة، وأقول لهم سأشارك في أول مظاهرة والنصر قد اقترب جدًا". أسماء حمدي: فنانة في المعتقل من بين عشرات المعتقلات في السجون والتي يبلغ عدد المتواجدات بالسجن حتى الآن نحو 55 معتقلة فتاة، ف"أسماء حمدى" الوحيدة التي اشتهرت بصناعة الأعمال اليدوية من الكروشيه حيث يتم الترويج لأعمالها لها من خلال إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باسم "الحرية لأسماء مصر" وتقوم الصفحة بعرض الحقائب وبيعها لمن يرغب بشرائها من خارج السجن "لتتوج" الحقيبة بعبارة "صنع في السجن". "أسماء" كمثلها من الفتيات اللاتي تعرضن لانتهاكات صارخة بداية من القبض عليها إلى الحكم عليها بإكمال عامها الأول في السجن. فقوات الشرطة لم تخجل من نفسها حينما اقتادت فتاة لم تبلغ من العمر 20 عامًا، إلى داخل إحدى المدرعات التابعة لها في محيط جامعة الأزهر خلال مشاركتها في إحدى فعاليات الطلاب في الجامعة نفسها. ضربوها وساقوها هي وخمس أخريات رغم عنهن، من الجامعة لقسم شرطة مدينة نصر ثان ثم لقسم أول يوم 24 ديسمبر 2013، ثم إلى القناطر وبين تلك وتلك تنقلات إلى بنها والقاهرة حتى انتهى بها المطاف في سجن دمنهور. أسماء المتفوقة طالبة بالفرقة الثالثة بكلية طب الأسنان جامعة الأزهر قضت قرابة العام في سجن دمنهور منذ أن تم اعتقالها؛ حيث ذاقت فيها ألوانًا من الذل والهوان، بلا أحراز، بلا قضية، حتى تحول إخلاء السبيل إلى جنحة، ثم أمر بتجديد الحبس 4 مرات في كل مرة 15 يومًا، ثم ضم جنحتها لقضية متهمين آخرين منهم من هو خارج البلاد، ثم الحكم عليها يوم 22 فبراير 2014 بخمس سنوات حبسًا و100 ألف جنيه غرامة. ويقول والد أسماء: "من يومها يؤجل الاستئناف لأكثر من ثماني مرات خلال ستة أشهر، ثم ترحيلها لسجن القناطر، مع معاناة في الزيارة التي تتكرر كل 15 يومًا 45 دقيقة فقط". يضيف: "بعد أسابيع من حجزها بسجن القناطر كان كل ما نطلبه أن تعاملها السجانة بأدب واحترام، لكن ما جرى هو العكس، حتى أنهم أحضروا لها والأخريات السجينات الجنائيات، اللاتي ضربنهن وحرقن ملابسهن، ثم قامت إدارة السجن بترحيلهن لسجن دمنهور". ويكمل: "كلما جاء موعد الاستئناف قبله بيومين يتم نقلهن إلى سجن بنها ثم يوم الجلسة يتم نقلهن للجلسة بالقاهرة، فينتظرن سيارة الترحيلات، فيؤجل المستشار من سريره القضية، ثم يعدن إلى سجن بنها يومين، ثم إلى سجن دمنهور مرات ومرات، دون إبداء أي أسباب ودون تمكن المحامى والأهل من معرفة الأسباب ولله الأمر". ويتابع: "طبعًا أثناء أدائها لامتحان نصف العام كانت تنقل من قسم شرطة أول مدينة نصر إلى قسم شرطة ثان مدينة نصر، ولكّن آخر العام لم تتم الموافقة على أداء الامتحان بحجة أنها كلية عملية، ولابد من وجود المعمل". واختتم بالقول: "أرسلت خطابات استغاثة إلى رئاسة الجمهورية وإلى النائب العام، وهذا كله لإحساسي بالتقصير في المطالبة بالحرية لابنتي وفلذة كبدي وأفوض أمري لله، إن الله بصير بالعباد". "عصفورة" حقوق الإنسان المعتقلة بتهمة "استعراض القوة" "يارا سلام"، إحدى المحاميات الحقوقيات، اعتقلت من مسيرة الاتحادية ضد قانون التظاهر العام الماضى. متهمة باستعراض القوة، ولكن أي فتاة تلك التي تتهم باستعراض القوة إلا إذا كانت المرأة الحديدية. يارا التي تبلغ 28 عامًا قضت معظمها تبحث عن الحقوق والحريات، كان اهتمام يارا المبكر بالدفاع عن حقوق الإنسان - منذ كانت في سن الخامسة عشر - هو ما دفعها لدراسة الحقوق، ثم الحصول على ماجستير في القانون الدولى لحقوق الإنسان من جامعة نوتردام. أي أنها ليست امرأة حديدية، فهي فتاة مثقفة متعلمة ودودة فلما القبض على عصفور الكناريا. الحاجة وداد مربية الأجيال بين يدي الجنائيات لم يشفع لها كبر سنها أو أنها إحدى المربيات الفضليات لأجيال علمتهم، في أن تتخلى قوات الشرطة عن اعتقالها وإهانتها، "وداد أحمد كمال عبدالغني"، مدرسة عمرها 55 سنة، اعتقلت من منزلها بالإسكندرية يوم 16 مايو الماضى مع ابنتها وزوج ابنتها، ثم أطلقوا سراح ابنتها لاحقًا. "الحاجة وداد" محبوسة احتياطيًا منذ 5 أشهر بسجن دمنهور مع الجنائيات في زنزانة واحدة، لم تقتصر معاناتها على اقتيادها وحبسها مع الجنائيات؛ حيث تعانى مشاكل صحية كبيرة في ساقها على ذكر إصابتها بخشونة في الركبة، وتمشى الآن على عكاز بسبب النوم على الأرض. ويتم التجديد لها دوريًا 15 يومًا، آخرها يوم 1 أكتوبر الماضي، وهو التجديد الحادى عشر. "طفلة البستان" التي تلهو في ظلام السجن كغيرها من الأطفال تتمنى أن تلهو وتلعب في حرية في بستان المدينة، تقطف وردًا تسقى شجرة، لكنها الآن حبيسة سجن، وهى في عامها ال17 عامًا، فجأة وجدت نفسها في أقل من 4 أيام متهمه ومحكوم عليها بعامين؟ لما ؟ فقط لأنها حملت "دبوس رابعة". إيمان فكرى 17 سنة اعتقلت يوم 28 نوفمبر في محطة مترو المطرية بعد أن اتهمت بحيازة دبوس رابعة.. اتحكم عليها يوم 1 ديسمبر بالسجن عامين. فهو أسرع حكم في العالم.