ذكرت مجلة "التايم" الأمريكية أن نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك, متورط في "فضيحة التعذيب", التي كشفت عنها تحقيقات لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي. وأضافت المجلة في تقرير لها في 10 ديسمبر أن "مصر في عهد نظام مبارك كانت وجهة رئيسة في برنامج الترحيل السري واستخدام التعذيب على نطاق واسع, الذي نفذته الولاياتالمتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ". وتابعت أن أحمد نظيف رئيس الوزراء في عهد مبارك, اعترف أن سجون مصر استقبلت من 60 إلى 70 سجينا مرحلين من دول أخرى لاستجوابهم. وذكرت المجلة أيضا أن التعاون بين واشنطنوالقاهرة في "مجال التعذيب بالوكالة ليس مجرد تاريخ، فلا يزال النظام المصري يمارس التعذيب على نطاق واسع". واستطردت "تم احتجاز حوالي 40 ألف شخص منذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي, حيث يتعرضون للضرب والحرق والصعق بالكهرباء، كما سجلت منظمة العفو الدولية حالات من الاختفاء القسري لعشرات المدنيين المحتجزين في سجن العزولي". وبحسب "التايم" أيضا ، بدأت مصر التعاون مع الولاياتالمتحدة في مجال الاستجواب والتعذيب في عام 1995 , حيث "استقبلت القاهرة عشرات المعتقلين، تعرض عدد منهم للتعذيب الوحشي". وأشارت إلى أن من بين أبرز أسماء المعتقلين، حسن مصطفى أسامة نصر، المعروف ب "أبو عمر"، وهو مصري كان يعيش في إيطاليا، واعتقل في أحد شوارع ميلانو, عام 2003، ثم نقل جوًا إلى قاعدة رامشتياين الجوية في ألمانيا, ومنها إلى مصر، حيث اعتقل سرا , لمدة 14 شهرا، وتم صعقه بالكهرباء. وكان تقرير موجز صادر عن لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي في 9 ديسمبر كشف أن الاستجوابات التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي ايه" خلال الحرب على ما يسمى الإرهاب في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن (2001-2009), لم تكن فعالة، وكانت أعنف مما اعترفت به الوكالة حتى الآن, منددا بشدة بالاحتجاز السري لنحو مائة شخص يشتبه في ارتباطهم بالقاعدة. وفور نشر التقرير, ندد الرئيس الأميركي باراك أوباما بما اعتبره وسائل "مخالفة" لقيم الولاياتالمتحدة. وقال أوباما في بيان له في 9 ديسمبر :" إن تقنيات الاستجواب شوهت كثيرا سمعة أمريكا في العالم"، واعدا بالقيام بكل ما هو ممكن لضمان عدم تكرارها. وبدوره, أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش آرنست أن الولاياتالمتحدة مستعدة لمواجهة التهديدات الأمنية المحتملة بعد نشر التقرير, الذي يتعلق بأساليب الاستجواب القاسية, التي تمارسها وكالة المخابرات المركزية بحق معتقلين من القاعدة. وفي متابعته لتداعيات التقرير, قال مراسل قناة "الجزيرة" في واشنطن محمد العلمي إن الأصداء كانت مدوية منذ اللحظات الأولى من نشر ملخص بنحو 480 صفحة عن التقرير الأصلي, الذي يتكون من ستة آلاف صفحة. وأضاف أن التقرير يرسم صورة قاتمة لسلوك عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تعذيب من اعتقلوهم، وأن مستوى التعذيب كان أكثر وحشية وقسوة مما كان معروفا من قبل، وعدد المعتقلين كان أكبر مما أشيع من قبل، وأن عملاء الاستخبارات بالغوا في تصوير فعالية التعذيب أمام الرأي العام الأمريكي وأمام الحكومة. وأشار العلمي إلى جانب آخر كشف عنه التقرير وهو أن فكرة التقرير التي بدأت بين الحزبين بلجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ, انتقلت لتصبح مصدر خلاف شديد بينهما، حيث يقول المدافعون عن الوكالة إن سلوك المحققين ساهم في حماية أمن الولاياتالمتحدة، بل ساعد على الوصول إلى مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. أما عن فعالية التقرير, فقد أشار مراسل "الجزيرة" إلى أنه على الرغم من صدور التقرير, فإن أحدا من المسئولين عن وقائع التعذيب لم يمثل أمام أي من المحاكم أو لجان التحقيق الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان. وتوقع العلمي أن يكون لصدور التقرير ردود فعل واسعة من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان, خصوصا أنها طالبت منذ فترة طويلة بمثول المسئولين عن هذه الوقائع أمام المحاكم ولجان تحقيق خاصة. وكانت الحكومة الأمريكية حذرت في السابق مجلس الشيوخ من أن نشر التقرير, قد يتسبب في ظهور تهديدات جديدة للمصالح الأمريكية حول العالم, أو حتى داخل الأراضي الأمريكية.