"يا من أسميت نفسك العدل، أرنا عدلك، وأرنا قدرتك عليهم"، لا أتذكر ان كنت سمعت ها الدعاء من خديجة مالك أثناء المحاكمة العسكرية لوالدها ضمن قيادات الاخوان في الهايكستب، أم من محمود عبدالله نجل شقيق أحد ضحايا العبارة السلام 98 في البحر الاحمر، تقريبا استمعت اليه مسبوقا بالصلاة على سيدنا النبي، من والد أحد ضحايا قطار الصعيد بعد ان فشل في العثور على جسد ابنه، حتة واحدة، فقط وجد علامات مميزة في رأس متفحمه، اخذها وسافر بها الي قريته المنسية في الصعيد، مثلما فعل اهالي ضحايا قصر ثقافة بني سويف، أتذكر جيدا صديقي العزيز د مدحت ابو بكر، الذي مات محترقا، مع مجموعة من خيرة مثقفينا، أتذكر أمي التى ماتت بالسرطان. تذكرت مشاهد طويلة لعشرات المصريين وعشرات المآسي، وأنا اشاهد مبارك في القفص محبوسا، فرت الدمعة من عيني، وانا آراه مفضوحا أمام العالم كله، اتصالات لا تتوقف، رسائل على الفيس بوك تصلني من اصدقاء وزملاء من داخل وخارج مصر، أصوات زغاريد بدأت في بيت زميلنا محمد طعيمة في القليوبية، وصلت أصداها الي صديقنا محمود كمال في روسيا، آيات قرآنية أسمعها في اذني" فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ"، أتمعن في معني ودلالة جملة صدق الله العظيم، التى أنهي بها الآية الكريمة، اسجد لله طربا وفرحا، ادعو بالرحمة والمغفرة الي شهداء 25 يناير الذين ضحوا بأرواحهم لنشاهد نحن هذا المشهد الرائع، العصابة التي حكمتنا في قفص، تحاول اخفاء بعضها البعض، علاء يحاول اخفاء ابيه من الامام وجمال من الجانب، الأمر الذي منعهما من الانتباه الي لعب والدهما في مناخيرة بصباعة، والا كانوا قالوله "عيب كده يا بابا.. كخ"، حبيب العادلي يقف منتبها مثل امين شرطة اتمسك بخمسين جنية متطبقة في ايده، ومعه كتيبة الاعدام التى كممت وعذبت واغتصبت وقتلت الالاف المصريين، يالله كم أن قوي عادل، كم أنت عظيم يا ربي، ارددها وأنا اتذكر قوله تعالي " وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون". يلح ياسين ايني في الطلب ليشاهد قناة طيور الجنة، اخبره أننا نشاهد الجنة نفسها، يسكت ويجلس بجانبي يشاهد الجنة التى يخبره عنها والده، للمرة الاولي لا يجادل، فقط يسألني " ايه ده"، عندما شاهد علاء يحمل في يده مصحف، مثل شقيقه جمال، الان حملا كتاب الله، الان عرفا أن هناك ربا، يحتضنان كتاب الله مثل الحرامي الذي يقول يارب، قبل ان يكسر أي شقة يقلبها ويطلع باللي فيه النصيب، مات وجيه أباظة كمدا عندما طلب علاء أن يشاركه في توكيل بيجو، اتصل بالرئيس الملقي علي السرير، يشكو له فرد عليه " يا اخي اعتبره ابنك"، لم يحمل وقتها كتاب الله، بل حمل نفسه وهب الي فندق شيراتون الجزيرة، التقي بمجموعة مستثمرين يابانيين، حضروا لانشاء مدينة تكنولوجية عالمية بالقرب من بورسعيد، كان الرجل واضحا طلب مشاركتهم ن بمجهوده وخبرته، بحكم انه ابن الرئيس، رفض اليابانيين العرض وتركوا مصر، سافر بعضهم الي ماليزيا، بينما استقر البعض الاخر في الامارات، في جبل بن على، لم يحمل القرآن وقتها، كما لم يحمله شقيقه جمال، الذي كان وقتها في لندن يبيع ديون مصر، ليعود اليها طامعا أن يحكمها ويركبها ديون جديدة، على ما تكبر فريدة بنته تبيعهم وتأمن مستقبلها. الحكمة الالهية في أن يبقي شارون على قيد الحياة، يعيش في غيبوبة بحمله الثقيل، هي نفس الحكمة في ان يعيش مبارك حتى نحاكمه على سرير طبي، يحاول ان يستجمع جبروته باللعب في مناخيرة فتخرج الكلمات ثقيلة من فمه، اللهم لا شماته، لكنى بالفعل اشمت فيهم جميعا، هاهم يذوقون ما أذاقوا منه البلد، التى احتلوها وعاملوها مثل الجارية التى يتبادلونها كل واحد لفه، ليكتشفوا فجأة ان الجارية انجبت أولاد حلال مصفيين من كافة التيارات يساريين واسلاميين، شيوعيين وسلفيين، اخوان مسلمين وناصريين، جماعات اسلامية وأقباط، كلهم أحرار، خرجوا على كلمة واحده، ليخلعوا مبارك ومن معه ويشتتوا قوتهم ويضربونهم بقوة، كما ضربونا بمنتهي القسوة. اليوم نرفع رؤوسنا في السماء ونحن نحاكم الرئيس ونجليه، وفرقة التعذيب التي حمتهم، لتكون المحاكمة أقوي رسالة من الشعب المصري الي شقيقه الشعب السوري، ليستمروا في نضالهم حتى يحاكموا بشار وصحبته، ويدخلونهم قفصا مماثلا، مع قادة جيش المواجهة، هذا الجيش الي حسبناه حاميا للعرب ومدافعا عنهم في وجه اسرائيل، فاكتشفنا أن أسلحتهم لا تضرب للأمامن بل تضرب السوريين لأنهم رفعوا رؤوسهم، وهو ما يقودنا من جديد لأن نوجه تحية جديدة للجيش المصري، فبغض النظر عن أي خلافات في الرأي أو اختلاف في التوجهات، فله كل التقدير لأنه لم ينفذ أمر ضرب الشعب المصري، الذي أصدره مبارك، وأخبروه أنهم مع الشعب، ولم يستجيبوا للضغوط الخليجية والرشاوي بمنع محاكمته، ولا للكلام المعسول من نوعية انه محارب قديم وصديق لكم، لا تحبسوه في آخر عمره، بالعكس استجابوا للناس وقدموه للمحاكمة. بقي هنا أن نتحدث عن المحاميين، وتحديدا المدعين بالحق المدني، الذين تكالبوا على اثبات الحضور وتشاجروا على الميكروفون، ليقولوا كلام لا يمكن أن يمر مرور الكرام، أحدهم أحضر معه ختامه، وآخر يريد رد القضية، أخبرني أحد العالمين ببواطن الأمور أن هناك من دفع بأكثر من شخص ضمن المدعيين عشان يبوظوا القضية ويتفهون منها، لا يوجد محامي تقيل وسطهم، اين سامح عاشور وبهاء أبو شقة وسليم العوا وعصام سلطان، للأسف ذهب كل منهم الي مصالحة الخاصة، سليم العوا وجد مصلحته عند رجل الاعمال منير غبور، ودافع عنه مستخدما الدين الاسلامي معددا فضل غبور وكتاباته عن الاسلام، ود.ابراهيم صالح وجد مصلحته في الدفاع عن رجال حبيب العادلي، وبهاء ابو شقة ربما لم يرد اغضاب بعض المحسوبين على النظام السابق في حزب الوفد، وسامح عاشور مشغول بمعركة نقابة المحاميين، كلهم فضلوا مصالحهم وبقيت الساحة أمام فريد الديب خالية، لذا من الطبيعي أن يناديه رئيس المحكمة أكثر من مرة في الجلسة باسمه مسبوقا بكلمة سيادتك. [email protected]