عندما تكون بلا إنجاز ولامشروع ولاقضية ولاهوية ولا معركة مجدية ، لابد وأن تجد لك خصماً مصطنعا تقيم معه معركة وهمية ، تبني عليها مشروعك ومشروعيتك ، وتعتبرها المعركة قضيتك الكبري . لا تخترع العجلة ، و ابدأ من حيث انتهت البشرية ، فالتجارب كثيرة وثرية ، خلاصتها في الآتي : 1 اختر شخصا أو مجموعة قليلة العدد والتأثير ، منفصلة عن المجموع بضرورات فكرها ، وادفعهم بغرورهم لاستفزازك وتحديك . 2 انفخ في قوتهم وتأثيرهم واجعلهم وحشاً مخيفاً . 3 انثر الفزع علي رؤوس الجميع من هذا العدو المرعب الجبار . 4 أظهر استعدادات جبارة تؤكد أن المسألة جد لاهزل فيه وتطمئن أتباعك أنهم في خطر وأنك تحميهم . 5 استدرج خصمك لمعركة متعجلة تحدد أنت توقيتها ومكانها . 7 اسحق خصمك بلا رحمة ، وأنزل به هزيمة مروعة في يوم الموقعة . 8 سر في زهو أمام مؤيديك وارسم وجوهاً علي حوائط الأرض وقلوباً في سحب السماء تؤكد سيطرتك براً وجواً . 9 اتهم كل من يشكك في انتصارك أو يطالبك بإنجازات أخري غير الأمن ( كالعدل والعدالة ) بالخيانة والعمالة . 10 افرض هيمنتك الكاملة وابدأ في تحصيل ضريبة حمايتهم سكوتاً عنك ورضوخاً لك . هل فيما ذكرت أية عبقرية ؟ هل فيه أي جديد لم تنفذه قوي استعمارية أو محتلة بالوكالة لشعوبها ؟ إذن لماذا يتم استدراج الضحية لحتفها في كل مرة تحقيقاً لأهداف ذلك الفاقد للرؤية والمشروع والمشروعية ؟ هل لأن أمير الضحايا أصابته شيخوخة أفقدته القدرة علي الاستشراف ؟ هل لأن الضحايا يفتقدون في معظمهم لعقلية الإبداع والابتكار ؟ السؤال الأهم : كيف نردع الفاقد للرؤية والمشروع والمشروعية عن تحقيق خطته البسيطة الخطيرة ؟ وكيف نقنع الضحية بعدم الانسياق وراء حتفها ؟ ربما يبدو السؤال بلاقيمة في ظل تدحرج كرة الثلج نحو النهاية بلاتوقف ، لاسيما وإن كان الزمن الباقي علي الهوة العميقة ساعات . تبقي فقط الابتهالات لله والمناشدات للجميع بألا يَستدرج ( بفتح الياء ) وألا يُستدرج ( بضم الياء ) ، فلو أدرك كلا منهما مآلات ما يفعله لغني مثل عبدالحليم حافظ : لو أني أعرف خاتمتي ، ماكنت بدأت .