"مابين المتاجرة بالدم والإخلاص للوطن" سادت حالة من الجدل بين المحللين حول تبرعات رجال الأعمال لأهالى شهداء حادثة كرم القواديس، التى حدثت مؤخرًا فى سيناء فما بين مؤيد لهذه التبرعات وما معارض لها يرى ضرورة توجيه هذه التبرعات إلى سيناء لتنميتها انقسمت الآراء. وقام رجل الأعمال محمد المرشدى رئيس مجلس إدارة مجموعة معمار "المرشدى"، بإنشاء صندوق لأسر شهداء القوات المسلحة فى حادث سيناء الأخير يساهم فيه كل القادرين من أبناء الوطن لتقديم المساعدة لأسر شهداء الحادث معلنًا تبرعه بمبلغ 100 ألف جنيه لكل أسرة شهيد. وتبعه فى ذلك المهندس محمد فريد خميس، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، الذى أعلن انضمامه إلى الجبهة الوطنية لمواجهة الإرهاب، وتبرعه بثلاثة ملايين جنيه لصندوق أسر شهداء ومصابى الحادث الإرهابى الأخير، كما تبرع بتوظيف فردين من أسرة كل شهيد، وأكد أنه بالنسبة للأسر التى تم إخلاؤها من الشريط الحدودى فإنه سيقدم كل ما يُطلب منه من دعم، وأنه أيضًا مستعد لحفر الآبار المجهزة الحديثة لاستزراع الأراضى التى تُمكن الأسر المخلاة من زراعة الأراضى فى سيناء، مهما كانت تكلفة هذه الآبار. وقام السيد البدوى رئيس حزب الوفد بإنشاء صندوق تبرعات لأهالى الشهداء، كما أعلن تحالف الوفد المصرى التبرع بمليون جنيه لهذا الصندوق أيضًا. وقرر المهندس نجيب ساو يرس رجل الأعمال المصري، التبرع بمليون جنيه، لأسر شهداء حادث الشيخ زويد وذلك للتخفيف من الآم شهداء الوطن. إلا أن المحللين أكدوا أنه ينبغى على رجال الأعمال توجيه هذه التبرعات لتعمير سيناء بدلاً من الشو الإعلامى الذى حاول من خلاله رجال الأعمال أن يظهروا به. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء المحليين والاقتصاديين فى إمكانية توجيه ملايين رجال الأعمال للتبرع فى سيناء بدلاً من استخدامها فى الشو الإعلامي. وقال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن تبرع رجال الأعمال بالأموال لصالح أسر شهداء سيناء هذا جانب اجتماعى ولا يمكن أن نتطرق آلية ولا نستبدله بتوجيه هذه الأموال نحو الاستثمار فى سيناء من أجل تنميتها لا سيما وأن تنمية سيناء يقع على عاتق الدولة فى المقام الأول وليس رجال الأعمال. وأوضح إبراهيم، أن رجال الأعمال لن يترددوا فى المساهمة فى تمنية سيناء إذا وجدوا أن هناك فرصة جادة للاستثمار بها، وهذا المسار يمكن أن يكون بالتوازى بين الدولة ورجال الأعمال. وأضاف أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، أن الدولة على مدار السنوات الماضية كانت غافلة عن تنمية سيناء وبالتالى لم تتجه إليها أموال رجال الأعمال لافتقارهم فرص الاستثمار بها ولكن فى المرحلتين الحالية والمقبلة من المنتظر أن يذهب رجال الأعمال إلى محور قناة السويس والمشاركة فى عملية التنمية التى تتم على جانبيه. ولفت إبراهيم، إلى أن سعى رجال الأعمال نحو تنمية سيناء وكذلك مساعدة اسر الشهداء والمصابين من القوات المسلحة لا بد أن يكون بشكل متواز، خاصة وأن أعداد الضحايا الذين قدموا حياتهم من أجل خدمة الوطن كانت كبيرة خلال الفترة الماضية، فتنمية سيناء وحدها لا يمكنها إيقاف العمليات الإرهابية التى تحدث هناك وإنما يجب تتم عملية التنمية فى إطار متكامل مع مساعى القوة الأمنية للحد من مخاطر الإرهاب. من جانبه، قال النائب محمد حامد النائب السابق عن حزب الوسط، إن رجال الأعمال المصريين حينما تبرعوا لشهداء الحادث الإرهابى الأخير فى سيناء كان تبرعهم ليس خالصا لوجه الله ولكن كان تبرعهم عبارة عن مقدم ثمن وإثبات حسن نوايا للسلطات طمعًا فى مزيد من الأموال. وأضاف حامد، أن الأفعال التى يقوم بها رجال الأعمال تجعلنا دائما متشككين فيهم، خاصة إن بداية مسيرة البعض منهم يشوبها الكثير من الشوائب، حيث إنهم سلكوا الطرق غير الشرعية للحصول على أراضى الدولة بثمن بخس وبعد ذلك تفننوا فى أنهم يسلكون الطرق غير الشرعية من أجل الاستحواذ على السلطة أو المال. وأشار حامد، إلى إن الشهيد وأسرته لا يحتاجون لأموال رجال الأعمال لأنه لا يوجد ما يعوض الأب عن ابنه فهم كل همهم من وراء هذه التبرعات هو الشو الإعلامى فقط فرجال الإعمال لن يقوموا باستصلاح سيناء لأنهم لا يهمهم إلا مصالحهم الخاصة فلن يضعوا مليمًا واحدًا على أرض سيناء إلا إذا وجدوا ربحًا يستفيدون منه. بدوره قال الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية والقانونية، إن التبرعات التى يقوم بها رجال الأعمال لأهالى شهداء الشيخ زويد ليست عقيدة أو نابعة من قلب رجال الأعمال ولكنها هى مبادرة من أجل الظهور الإعلامى فقط. وأضاف عامر، أن سيناء يجب أن تعمر للقضاء على الإرهاب وهذا لن يكون إلا من خلال الدولة فكل المشاريع التى أقيمت عليها هى مشاريع استهلاكية من أهمها مشروع جامعة سيناء. وأشار عامر، إلى إن سيناء تحتاج إلى نحو ما يقرب من 50 مليار جنيه لتعميرها وهذا ما أشارت إليه الدراسات الاقتصادية والتى اعتمدت فى دراستها على أن سيناء تحتاج إلى بنية أساسية من جديد، بالإضافة إلى بنية تحتية وكل ذلك يستلزم 50 مليار جنيه من أجل وضع حجر الأساس للتنمية. وأضاف رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية، أنه لابد للدولة أن تتخذ خطوات ملموسة فى تعمير سيناء حتى يتم التعمير بشكل سليم لأنه لا ثقة فى رجال الأعمال، مشيرًا إلى أنه من الممكن الاستفادة برجال الإعمال ولكن بشرط أن يكون هناك رقابة قوية من الدولة عليهم. فيما اعتبر الدكتور صلاح هاشم رئيس الشبكة المصرية للحماية الاجتماعية، أن تبرع رجال الأعمال لأسر شهداء مذبحة كرم القواديس خطوة جادة ومحترمة منهم لتخفيف آلام أهالى الشهداء، مشيرًا إلى أنه لا يجب أن نشكك فى نوايا رجال الأعمال ويجب تشجيعهم بذلك خاصة أن أياديهم بيضاء ونطالبهم بالمزيد من خدمة الأسر المحتاجة لأبناء الوطن المخلصين. وأضاف هاشم، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يعمل على جانبين من أجل تنمية سيناء الجانب الأمنى والجانب التنموى والجانب الأمنى هو الملف الذى يبدأ به السيسى فى تنمية سيناء لأنه لولا استعادة الاستقرار والأمن لن يكون هناك أى تنمية، خاصة أن الملف الأمنى هو الذى نستطيع به الحفاظ على أرواح الشهداء فهناك عناصر خارجية لا تهدف إلى استقرار المنطقة. وأشار هاشم، إلى أن استقلال سيناء لن يتم إلا بتعميرها ولن يتم التعمير إلا من خلال محاصرة الإرهاب وتبرعات رجال الأعمال والكثافة السكانية فى سيناء. وألمح هاشم، إلى أن منطقة شبه جزيرة سيناء كانت لا تشجع على الاستثمار خلال الثلاثين عامًا الماضية وذلك لأن البنية التحتية كانت منهارة وهناك مشاكل كثيرة من حيث عدم الاستقرار الأمنى والنظام كان لا يدعم المشروعات التنموية فى سيناء. فالنظام الجديد يسعى إلى الاستثمار فى سيناء ونطالبه بإعفاء رجال الإعمال والمشروعات التى تقام على أرض سيناء من الضرائب عشر سنوات أسوة برجال الإعمال الأجانب، بالإضافة إلى الحصول دعم الطاقة بالكامل، وعلى الدولة أيضًا تحديث البنية التحتية حتى يتم الاستثمار بشكل واضح وكبير، مع ضرورة أن يكون هناك شراكة محلية بين رجال الأعمال والدولة لتنمية سيناء تنمية صحيحة وفى أسرع وقت ممكن.