"إذا ما بدأ الانسان يشعر بحرية لا حد لها في تصرفه ينتهي به الحال إلى ارتكاب أعمال لا حد لها في الظلم" .. تذكرت هذه الحكمة الرائعة وأنا أتابع المشهد الراهن فى مصر هذه الأيام، والذى بسببه تدمع القلوب قبل العيون. يبدو أنه مطلوب من الجيش أن يسحب دباباته ومدافعه وكل آلياته ومعداته من الجبهة، ويقوم بتوزيعها على السفارات والوزارت والبنوك وكافة مؤسسات الدولة .. مطلوب إلغاء دور الجيش الأساسى فى الدفاع عن تراب الوطن ضد أى عدوان خارجى، ويصبح دوره محاربة العصابات والميليشيات التى أعلنت عن هويتها بكل فجور، وأعلنت حربا ضد الدولة فى الداخل. ما هذا الذى يحدث فى مصر؟ من وراء كل هذا؟ لماذا لا يتم القبض على كل الرموز التى تعلن تأييدها لما يحدث ومحاكمتهم بتهم الخيانة العظمى والإضرار بأمن واستقرار البلاد؟ إنهم معروفون على سبيل الحصر، مجموعة من رجال أعمال العهد البائد، اللصوص الذى سرقوا أموال عامة الشعب المودعة فى البنوك، تحت مسمى قروض، وأقاموا بها القصور والمنتجعات وملاعب الجولف، وجمعوا المليارات فوق المليارات من عرق الشعب وكده وعرقه، الذين أقاموا امبراطورية إعلامية أشبه بجيش مسلح يخوض حربا ضد إرادة الأغلبية الكاسحة. لا يمكن أن نسلم بأن ما يحدث فى مصر الآن من قبيل المصادفة، أو من قبيل الأفعال التى تتطور تلقائيا بشكل عشوائى، وتأتى بنتائج غير متوقعة، فكل شىء مدروس، ويتم وفقا لخطط مسبقة، فقد كان وقوف الجيش المصرى العظيم فى صف الشعب وحمايته للثورة أمرا مذهلا للقوى التى تتربص بمصر، تلك القوى التى توقعت أن يقف الجيش ضد الشعب، وتتحول البلاد إلى ميدان قتال لحرب أهلية مدمرة، أذهلها ما جرى، فسكنت قليلا لاسترداد أنفاسها ثم عادت لطرح السيناريو البديل، وهو إشاعة الفوضى فى البلاد، لاستفزاز الجيش، وتحقيق السيناريو الذى كانت تنتظره قبل إسقاط النظام. فى قناة الناس الإسلامية، تلاقت رغبة الصديق الإعلامى خالد عبدالله مع رغبات الكثيرين ومنهم كاتب هذه السطور فى عمل برنامج توك شو يومى، للرد على السموم التى تبث من القنوات المشبوهة، وخرج برنامج "مصر الجديدة"، الذى أتشرف برئاسه تحريره، وبحكم هذا الوضع، أتصل بكثير من مفكرينا المعتدلين ذوى الرؤية الثاقبة ليفسروا ويوضحوا تلك الظواهر الغريبة، وأحيانا نضطر لاستضافة بعض رموز الطرف الآخر فى القضية عملا بمبدأ الرأى والرأى الآخر، واقتضت الظروف فى بعض الحلقات أن نستضيف بعض من يسمون ب "شباب الثورة"، وفوجئنا بأمر غريب ومذهل، فعندما أقوم أنا أو أى من فريق الإعداد بالإتصال بأحد هؤلاء نفاجأ بأن هذا فى واشنطن، وذاك فى لندن، والثالث فى جنيف، وغيرهم فى كندا أو فى صربيا، وهكذا (!!)، ماذا يفعل هؤلاء الأولاد هناك؟ كلهم دون الخامسة والعشرين، وليس لديهم أى خبرة من أى نوع فى أى شأن من شئون الحياة، ومن بيئات متواضعة جدا لا تمكنهم من السفر حتى إلى الساحل الشمالى، فمن الذى ذهب بهم إلى عواصم أوربا وأمريكا؟ ولماذا هم هناك؟ وما الذى يتشربونه ممن دعوهم وأنفقوا عليهم؟ مجموعة من الصبية، كانوا ضحايا فى عهد مبارك الفاسد، ليس لهم أى رصيد فى العمل السياسى، وجدوا من يوهمهم بأنهم زعماء، وبأنهم يصنعون التاريخ الآن، ومطلوب منهم المطالبة بكذا وكذا، ولو تم الاستجابة لمطالبهم تولد فورا مطالب أخرى جديدة، بحيث لا تنتهى المطالب، ويكون التظاهر والإعتصام هما ورقة الضغط لكى تتحقق مطالبهم، تم تطورت الأمور، وبدا الأمر أشبه بشغل عصابات فاجرة، تقوم بإغلاق مؤسسات الدولة الحيوية، وتغلق الطرقات والميادين، ووصل الأمر إلى محاولة غلق قناة السويس، وهو أمر لم يفعله اليهود أنفسهم، وبات كل شىء عندهم مشروعا ومباحا، وكأنهم يطلبون الجيش لمنازلتهم فى الميادين حتى تحدث الواقعة، ويتحقق حلم القوى الصليبية التى تسيطر على عقول هؤلاء. ولا يقف الأمر عند أفعال هذه العصابات المستأجرة، بل يسير معها فى خط مواز منظومة إعلامية رهيبة، تشمل خمس صحف يومية، وحوالى عشر فضائيات، ومن المنتظر أن تصل هذه الفضائيات إلى ضعف هذا الرقم خلال أيام، يقف وراؤها جهات مشبوهة، ومن يكتب فى الصباح فى تلك الصحف، تجده بشحمه ولحمه فى المساء يطل عليك فى هذه الفضائيات، يحلل ويعلق وينظر ويقترح وينتقد ويمتدح، وكل شىء أصبح من حقه، وكل ما يقوله وهو كلام حشاشين يؤكد للعالم أنه رأى الملايين، أى ثوار هؤلاء؟ .. بدون ملابس .. بشعور منكوشة .. بمناظر تشمئز منها النفوس .. لو سألت مجموعة منهم فردا فردا على انفراد لماذا هو هنا؟ ستسمع إجابة واحدة، تلك التى لقنها لهم الشياطين من رموز عالم المال والأعمال، الذين يخشون استقرار البلد فتفتح ملفاتهم، فيتركون قصورهم المنيفة إلى بلاط السجون. ما هو الرد على رجل يقول أمام كل الفضائيات فى ميدان التحرير "اللى عايز يسيب الميدان يشترى طرحة قبل مايروح"؟!، ألا يعد هذا تحريضا علنيا على الفوضى؟، هذا المهندس الذى صدعنا به الإعلام المشبوه بأنه استشارى عالمى، ما هو رصيده فى العمل السياسى؟ كان فى بداية شبابه مخبرا للمباحث يكتب التقارير عن زملائه طلبة جامعة القاهرة، ثم ترك مصر وعاش فى الغرب جل عمره، فما هو رصيده غير كتابة التقارير ليقف فى الميدان مرتديا زى الزعامة؟ . اللى يحب مصر، يشترى للمهندس إياه طرحة ومشط يصفف به شعره، و بالمرة "إزازة كالونيا" عشان ..... [email protected]