عدت فجر أمس من "كوسوفا".. مثقلا بهموم كثيرة بعد زيارتي لهذا البلد المسلم والمهم في منطقة البلقان، وكان من المفترض أن استهل بها مقالاتي بعد عودتي، غير أن ما يحدث في مصر، حملني حملا على ارجاء الكلام عن "كوسوفا".. لأن "الحل" هناك، ربما يكون مرتبطا ب"الحل" هنا بعد الانتخابات إن شاء الله تعالى. كنا نتابع من "بريشتينا" العاصمة الكوسوفية ما يحدث في مصر، خاصة مسألة التشكيل الوزاري الجديد، وكانت الأخبار مثيرة للاستياء والغضب. الوفد الصحفي والإعلامي المصري والذي كنت واحدا منه، أجمع على أن ما يحدث أشبه ب"المسخرة"!.. لأنه لا يمكن بحال أن تفرز أسماء المرشحين لتولي حقائب وزارية عبر "فلاتر" تختطف الشارع، وتتخذه "رهينة" لمقايضات سياسية مشكوك في أغراضها الحقيقية. عصام شرف طالب في صفحته على "الفيسبوك" بترشيح أسماء للتعديل الوزاري!!.. وقالت تقارير صحفية بأن التشكيل المنتظر، سيعرض على عدد من ائتلافات الثورة!!، والخطوة الأخيرة جاءت بالتبعية لاغراءات ما أقدم عليه شرف في الأولى.. وإذا كان رئيس الحكومة شاء تطييب الخواطر، بطلبه عبر موقع التواصل الاجتماعي وهو طلب لا يجوز مطلقا من رجل دولة مسؤول فإن عرض التشكيل الوزاري على جماعات سياسية لا نعرف لها أصلا من فصل، يعتبر اعترافا رسميا من الدولة ب"وصاية" الأقلية السياسية المشاغبة، والتي باتت في موقف التعالي على الشعب، وإهانته آناء الليل وأطراف النهار على فضائيات تستهدف إفساد الحياة السياسية وبعض الشباب النزق والخفيف في مصر، لصالح رجال الأعمال الفاسدين والخائفين من دخولهم السجن بعد الانتخابات. اللافت أيضا، أن صك" الثورة" أو "صكوك الغفران الثوري"، باتت ورقة كبيرة لإرهاب البعض، يرفعها ادعياء الثورية في وجه كل من لا يروق لهم.. حتى عصام الشرف الذي رفعوه على الأعناق في ميدان التحرير، ويعتبر أحد أبرز صناع الثورة .. وقيادته للعشرات من أساتذة الجامعات واقتحامه مدان التحرير يوم 25 يناير ، معروفة للجميع ولا ينكرها إلا "العيال" الذين لم يظهروا على المشهد إلا بعد حرق مقار الشرطة واختفاء وزارة الداخلية عن المشهد، فيما باتت كل الطرق لشراء صفة "ثوري" ممهدة من قبيل"الدلع" أو المنظرة أمام الكاميرات. عصام شرف اليوم.. بات في عرف هؤلاء من "فلول " مبارك.. لمجرد أنه لم يخضع لابتزاز موظفي ممدوح حمزة.. واهداء حامل شيكات الفتن السياسية موقع رئاسة الوزاراء بدلا من شرف ذاته. المهم في هذا السياق أن ما يحدث اليوم، من فوضى التشكيل الوزاري وبخلفيته الكارثية الأقرب فعلا إلى "المسخرة".. يجعلنا أكثر قناعة بضرورة اجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت ممكن وياليتها تكون : اليوم وليس غدا.. فغياب الشرعية الشعبية هو الذي سيبقي على شهوة وشهية "اللصوص" لابتلاع البلد مفتوحة بلا كلل أو ملل. [email protected]