إلى الأستاذة الفاضلة / أميمة السيد.. حفظها الله السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. وبعد أعمل بالسعودية منذ ثمانية أعوام، كمهندس استشارى، بعد أن عملت فى مصر 26 عامًا، وأنت تعلمين كيف يتعرض المهندس الذى يعمل بالحكومة أو القطاع العام، ويشرف على أعمال المقاولات للرشوة والفساد؟ وكم تعرضت طيلة حياتى فى مصر للكسب الحرام؟ ولكن كنت أضع شيئين أمامى؟ أولًا: مخافة الله، ثانيًا: شعورى أن المال الحرام سيجعل أولادى فاشلين ويسبوننى فى الكبر، رغم أنى سمعت من زملائى أنهم كانوا يطلقون على لقب (مهندس شاطر لكن عبيط)، لأنهم كانوا يعلمون أنى أسكن فى قرية رغم أنى مولود فى مدينة، ولم أستطع الحصول على شقة بالمنطقة التى ولدت وعشت فيها قبل الزواج، وحمدت الله كثيرًا بعد قيام الثورة - أن من كان يتهمنى (بالعبط) الآن يرتعد خوفًا من أن يأتى اليوم الذى يتم فيه سجنه. وقد وهبنى الله زوجة صالحة كانت تعمل - وقفت بجوارى فى تربية أولادنا (اثنين فقط)، أحدهما يعمل الآن مهندسًا والآخر محاسبًا، وقد أصيبت زوجتى بفشل كلوى منذ 15 عاما - ما أثر ذلك على العلاقة الحميمة بيننا - وهى تقوم بعملية غسيل الكلى على حساب العمل. ومنذ 7 سنوات قمنا بعمل زراعة كلى، أخذ كل حصيلة العمل سنة بالسعودية، فللعلم زراعة الكلى تكون على الحساب الشخصى، وبعدها قام العمل بصرف جزء صغير لها أكملت عليه، وأخذنا شقة إيجار قانون قديم، وكتبت عقد هذه الشقة باسمها رغم أنى قمت بدفع أكثر من 90% من التكاليف. والحمد لله - اشتريت شقة لكل ولد من أولادى لأنهما الآن فى سن الزواج بجوار السكن الحالى، والحمد لله يوجد إمكانية شراء شقة أخرى وزيادة، وأنت تعلمين أن المصاب بالفشل الكلوى يحتاج للعلاج مدى حياته - والآن زوجتى تقضى ثلاثة أيام أو أسبوع على الأكثر فى المنزل - ثم باقى الشهر بالمستشفى، ولم أنسَ أنها وقفت بجوارى عندما كان الدخل بسيطًا والعمل بشركات القطاع العام ومحاولتنا أن يعيش الأولاد فى مستوى معيشة لا يقل أبدًا عن زملائهم، ولا أنسى كيف كنا نتقاسم شرح المواد الدراسية لأولادنا بمراحل الدراسة. والمشكلة أننى أشعر أننى أحتاج زوجة معى تستطيع السفر ليس للعلاقة الحميمة فقط - ولكن للشعور بالحياة أيضًا - لكن أخشى الإقدام على هذه الخطوة حتى لا أعرض حياة أم أولادى للوفاة المبكرة - رغم علمها التام أننى لم أهمل فيها أو فى أولادى، وأولادى يعلمون ذلك أيضًا، وإمكانياتى تتيح لى الزواج وعمل مشروع فى مصر، وإن كنت أقوم بتأجيل هذا المشروع لحين استقرار الأوضاع فى مصر.. أخيرًا آسف جدًا على الإطالة، ملحوظة: عمرى الآن 59 عامًا وتكوينى الجسمانى وصحتى الكثير من الناس يقولون عنى إننى لا أزيد عن 48 سنة. (الرد) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،، أخى المحترم الأمين.. وأول ما أبدأ به معك هو أن أقف لأمانتك احترامًا وإشادة بأمانتك فى ظل الظروف الاجتماعية والمادية التى يمر بها المواطن آنذاك، والتزامك بأوامر الله تعالى ونواهيه، وللأمانة.. أحسب كثيرًا من الإخوة ملتزمين بهذه الطاعة، وهو الأمر الذى كان من أسباب البركة فى الأبناء والصحة، فاللهم ثبتك وثبتنا جميعًا على طرق الحق والأمانة.. كما أحيى فيك حبك وإخلاصك لزوجتك الكريمة شفاها الله وعافاها، واعترافك لها بجميل الصبر معك وأنا أيضًا أقدر لها هذا،، ولكنك أيضًا أخى الكريم لم تقصر معها ولم تهنها أو تتركها فى مرضها، فكما هى تحملت معك وظهر لك معدنها الطيب الأصيل، فأنت كنت معها كذلك، وصبرت على مرضها 15 عامًا إلى أن كبر أبناؤك واجتازوا أهم مراحلهم العمرية جزآكم الله أنت وزوجتك خير الجزاء. وعلى الرغم من أن الله تعالى حين شرع وأحل الزواج للرجل بأكثر من زوجة، فلم يكن هناك شروطً لهذا التعدد، إلا أن زواجك بأخرى فى تلك الظروف بالطبع أولى، واستطيع سيدى أن أقول لك وبصوت عالِ: إنه من حقك أن تتزوج وقتما شئت، وليس من حق أى شخص أن يعارضك فى هذا القرار، أو أن يغضب له، فأنت وكما ذكرت، ما شاء الله لديك الاستطاعة المادية، والبدنية التى لا تمنعك عن الإقدام نحو هذه الخطوة.. ولكن ولأننى أعلم مرارة ذلك الأمر على نفس الزوجة الأولى ومراعاةً لظروفها الصحية ومرضها المزمن، فأنصحك ألا تعلمها بقرار زواجك، وحتى إن أتمه الله لك بالفعل فلا تعلمها حتى يقضى الله أمره فى ذلك، كما أنصحك إن وجدت خيرًا وقبولًا لأمر زواجك من أولادك فلتعلمهم حتى يكونوا شهودًا على حقوق هذه الزوجة الأخرى وأبنائها إن أراد الله لك ذريةً منها، فعليك أولًا أن تتحدث معهم وتفضى إليهم بمشاعرك واحتياجك لزوجة أخرى ترعى شئونك فى الغربة وتعفك وتؤنسك، واعتقد أنهم أصبحوا الآن رجالًا ويستطيعون أن يشعروا بمشاعرك ويقدروا ظروفك وتضحيتك وصبرك على مرض أمهم، على أن يكون الوضع والموضوع برمته سرًا بينكم لا يعلمون به والدتهم. أخى الفاضل.. توكل على الله واستخره عز وجل فى ذلك الأمر، ثم ابدأ فى البحث عن زوجة مناسبة لك ولظروفك مطلقة أو أرملة، أو حتى فتاة لم يسبق لها الزواج، ولكن الأهم أن تحسن الاختيار، لتكون من تختارها على قدر الأصل الطيب لك ولزوجتك الأولى، حتى لا تندم يومًا على الزواج منها، وحتى تكون الزوجة الصالحة والرحيمة بك بعد صبر سنوات.. كما أذكرك وأنت أعلم منى بذلك، إن أتم الله لك وتزوجت بأخرى، أن تحاول أن تعدل بينهما فى الأمور المادية والمشاعر قدر المستطاع.. وأدعو الله عز وجل أن ييسر لك فى أن تجدها وأن يتمم لك أمرك على خير وبمباركة أحبابك جميعًا، وأن يسعدك ويعوضك خيرًا فى حياتك المقبلة.