بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    تباين أداء الأسهم الأمريكية خلال تعاملات اليوم    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي    وزير العمل: محاضر السلامة المهنية تصل إلى 100 ألف جنيه    تنفيذ 8 قرارات غلق وتشميع للمحلات والبدرومات المخالفة بدمياط الجديدة    ارتفاع مفاجئ في الضاني وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    حكومة غزة: شرعنا بتطبيق القانون ومستعدون لتسليم الحكم وفق قرار وطني فلسطيني    رابطة العالم الإسلامي تتطلع لمخرجات قمة شرم الشيخ لتخفيف معاناة غزة    إسرائيل تتسلم رفات 4 محتجزين من غزة    عمورة يوجه ضربة ل صلاح، ترتيب هدافي تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026    تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم    كوت ديفوار إلى كأس العالم 2026 بثنائية أمام كينيا    بالفوز على كينيا وبدون هزيمة، كوت ديفوار تحسم تأهلها رسميا إلى مونديال 2026    نتيجة وملخص أهداف مباراة إيطاليا والكيان الصهيوني في تصفيات كأس العالم 2026    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    قرار هام بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء    العربية تهشمت، حادث مروع لسيارة الفنانة هالة صدقي بالشيخ زايد    سوق الفيلم الأوروبي في مهرجان برلين السينمائي يُطلق أكاديمية توزيع «صندوق أدوات الأفلام»    اليوم، إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    وكيل صحة كفر الشيخ يتفقد وحدة طب الأسرة بقرية المرازقة    أسعار الموز والتفاح والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    ترامب يكشف تفاصيل محادثته مع حماس بشأن نزع السلاح: سنتدخل بالقوة لو لم يفعلوا    مصرع شخصين في تصادم سيارتي نقل على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 في المدارس والجامعات وإجازة نصف العام تبدأ هذا اليوم    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: قمة شرم الشيخ محطة فارقة وضعت حدا للعدوان    كوت ديفوار تعود إلى كأس العالم بعد غياب 12 عاما    لا تنجرف في الكلام.. برج الجدي اليوم 15 أكتوبر    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    ازدحام مروري سيعرقل مسارك.. حظ برج القوس اليوم 15 أكتوبر    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    أكرم القصاص: على الفصائل الفلسطينية إعادة ترتيب أولوياتها وتوحيد الصف    كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار غزة؟ مندوب فلسطين يكشف    مصر ومؤتمر السلام بشرم الشيخ: من الدبلوماسية الهادئة إلى توظيف الزخم سياسيا واقتصاديا وسياحيا.. وجود القاهرة على أى طاولة تفاوض لم يعد خيارا بل ضرورة.. وتصريحات ترامب عن الجريمة فى بلاده اعتراف أن مصر بيئة آمنة    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    إسبانيا تكتسح بلغاريا برباعية وتقترب من حسم بطاقة المونديال    سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات الأخرى بداية تعاملات الأربعاء 15 أكتوبر 2025    باختصار.. أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تجدد الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية.. نتنياهو: لن ندخر أى جهد لإعادة رفات المحتجزين فى غزة.. 90% من شوارع قطاع غزة تضررت جراء الحرب    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الأربعاء 15 أكتوبر 2025    «تقلوا هدومكم».. تحذير من حالة الطقس اليوم : درجة الحرارة 11 ليلا    زي بتاع زمان.. الطريقة الأصلية لعمل الفطير المشلتت    السفير صلاح حليمة: الاحتجاجات في مدغشقر تطورت إلى استيلاء على السلطة بحماية النخبة    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب: لماذا يستحق محمد مرسي لقب "سيئ الذكر"؟
نشر في المصريون يوم 30 - 09 - 2014

مع ما يثيره الكاتب بلال فضل من جدل في كتاباته، وتعليقات لا تخلو من اتهامه تارة بالانتماء ل "الإخوان المسلمين"، وأخرى بأنه موالٍ للسلطة الحالية، في ظل آرائه التي لا تعجب كلا الطرفين: أنصار الجماعة، ومؤيدي الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو ما جعله يوضح موقفه من كلا الاتهامين.
وكانت البداية في توضيح أسبابه لنعته الرئيس المعزول محمد مرسي بلقب "سيء الذكر"، معيدًا إلى الأذهان رأيه في نظام حكم "الإخوان" من خلال كتاباته على صفحات جريدة "الشروق" التي كان يكتب بها قبل توقفه منذ شهور بسبب خلاف مع إدارة التحرير.
وفي رده على أحد منتقديه من أعضاء "الإخوان" حول استخدامه لوصف "سيء الذكر" بحق مرسي، يوضح فضل أسباب ذلك متوجهًا إلى منتقده بالقول: "لأنك مثل قاتليك ومؤيديهم لا تدرك أن الديمقراطية لم تُخلق لكي يساق الشعب للطاعة في ظل الشعارات الفاشية التي تتغنى بالحب والحنية، بل هي فن إدارة الكراهية، أنت مثلهم لا تدرك أن السياسة وُجِدت لكي تدير صراعات أبناء الشعب الواحد، وليس لكي تجعلهم صفًا واحدًا يسحق المختلفين في الرأي".. وغيرها من أسباب يشرحها في المقال التالي الذي نشره موقع الإذاعة الهولندية.
لماذا يستحق محمد مرسي لقب "سيئ الذكر"؟

ما الذي يمكن أن أفعله حين أقرأ تعليقات على مقال نشرته في هذا الموقع الكريم، فأجد شخصا يتحدث بثقة شديدة عن كوني عميلا إخوانيا متخفيا طلب منه التنظيم الدولي للإخوان أن يقوم بمهاجمة محمد مرسي ووصفه بأنه سيئ الذكر لكي أستطيع تمرير رسائلي المسمومة التي تهاجم المشير عبد الفتاح السيسي، وأقرأ على بعد سنتيمترات منه شخصا آخر يتحدث بنفس الثقة عن كوني عميلا مخابراتيا طلبت منه أجهزة الأمن أن يقوم بمهاجمة السيسي لكي يركب على أكتاف الثورة الإخوانية التي أصبحت على وشك النجاح؟.
ببساطة، لا شيئ يمكن أن أفعله سوى أن أواصل كتابة ما أعتقده، كما كنت أفعل منذ بدأت الكتابة المنتظمة عام 1995، حين تعلمت مبكرا لحسن الحظ بفضل تحريري لركن بريد القراء أن رضا كل الناس غاية لا تُدرك، وأن دور الكاتب أن يعبر عن رأيه فقط بما يرضي ضميره، دون أن يقع في فخ كتابة (ما يطلبه المستمعون) أيا كان الثمن وأيا كان هؤلاء المستمعون، وأن عليه فقط أن يهتم بكتابة رأيه بشكل جيد يرضى عنه قبل أن يدفعه للنشر، حتى لو لم يرض عنه بعد ذلك إذا تغيرت الظروف وتطور أسلوبه وذوقه.
من واجبي أن أعترف أن الزياط الذي يثيره المتعصبون من أنصار السيسي ومرسي بعد كثير من مقالاتي يسعدني كثيرا، ليس لأنني مازوخي تبهجني الشتائم، بل لأن زياطهم يكون دائما عاملا مساعدا لإيصال المقالات إلى من لم ينتبه لوجودها، وهو غاية ما يتمناه أي كاتب، فلهم الشكر، أما خالص الشكر وجزيل التحية فهما موفوران لكل من يهتم بمناقشة ما أكتبه أيا كان موقفه مني، لأنني أبتهج إذا قلت لي أنك تحب أن تقرأ لي حتى لو كنت تكرهني أنا شخصيا، لأن كتابتي هي التي أعرضها على القارئ، وليس شخصي الذي يخصني وحدي، وكثيرا ما أحاول أن أرد على الأسئلة والتعليقات التي تصلني بشكل غير مباشر، وسأبدأ في هذا المقال محاولة الرد المباشر على بعض الأسئلة التي يتكرر طرحها، بادئا بسؤال (هل يستحق محمد مرسي لقب سيئ الذكر الذي تلصقه دائما باسمه؟).
لا أعتقد أن من يقرأ لي ما كنت أكتبه في عمودي اليومي في صحيفة الشروق وصفحتي (المعصرة) التي كنت أقدمها مع الفنان عمرو سليم، يمكن أن تكون لديه مشكلة في فهم موقفي من جماعة الإخوان ورئيسها سيئ الذكر محمد مرسي، ولا أدري أصلا لماذا يمثل رأيي في مرسي أو في غيره مشكلة لمن لا يقرأني بانتظام، إلا إذا كان يسعى لتزجية وقت فراغه، وهو ما لا أملك له دفعا أو صرفا، إلا إذا كان راغبا في معرفة تفاصيل هذا الموقف لكي يبني عليه حكمه قبل أن يخبط تحليلا لوذعيا أو تفسيرا تآمريا، وهو ما سيجده في رسالة كتبتها في أكتوبر الماضي إلى عضو بجماعة الإخوان كان غاضبا مني بشدة لأني أهاجم قادة جماعته وعلى رأسهم سيئ الذكر محمد مرسي، في نفس الوقت الذي كنت أتهم فيه في العديد من وسائل الإعلام المركوبة بأني إخواني متخفي لأني كنت أتعامل مع السيسي بوصفه رئيسا فعليا للبلاد يستحق المحاسبة على الدماء التي سالت فيها، ولعل قراءة هذه الرسالة تجيبك على سؤالك (هل يستحق محمد مرسي لقب سيئ الذكر)؟:
"...إذن فأنت حتى الآن لم تفهم لماذا أحرص على مهاجمة جماعتك في نفس المقالات التي أهاجم فيها من أهدروا دمك ويهدرون حقوق كل من يختلف معهم بإسم الوطنية التي يدعون امتلاك توكيلها، تماما كما كنت تهدر حقوق معارضيك بإسم الدين الذي اتخذته وسيلة للطعن في كل من يعارضك.

أهاجمك مثلما أهاجمهم لأنك بالنسبة لي لست أفضل منهم أبدا، ولأنني أريد أن أؤكد أن دفاعي عن حقوقك لا يعني أن أسمح لك بعبور الخط الذي يجب أن يظل فاصلا بيننا إلى الأبد، أقولها بكل ثقة: إلى الأبد، فلم يعد لدي أدنى أمل في أنك ستتغير أو ستتطور طالما ظللت مصمما على
البقاء تحت راية تلك الجماعة الكذابة الخائنة، فرصتك الأخيرة في التغيير ضاعت يوم أن باركت أو صمتّ على نقض قادة جماعتك لعهودهم وخيانتهم للثورة من أجل مناصب ظنوا أنها ستدوم، واستمرارك منذ تلك اللحظة في صفوف تلك الجماعة يمثل مشاركة لقادتها في جرائمهم التي لم يمتلكوا أبدا شجاعة الاعتراف بها.
لن ألومك إذا لم تفهم كيف أدافع عن حقوقك وإنسانيتك، مع حرصي الدائم على إعلان عدم نسياني لخطاياك وعدم ثقتي فيك، لأنك مثل قاتليك ومؤيديهم لا تدرك أن الديمقراطية لم تُخلق لكي يساق الشعب للطاعة في ظل الشعارات الفاشية التي تتغنى بالحب والحنية، بل هي فن إدارة الكراهية، أنت مثلهم لا تدرك أن السياسة وُجِدت لكي تدير صراعات أبناء الشعب الواحد، وليس لكي تجعلهم صفا واحدا يسحق المختلفين في الرأي، ولا تدرك مثلهم أيضا أن التحضر لا يعني خلق حالة مثالية خيالية من حب المواطنين لبعضهم، بل يعني قدرتهم على التعايش مع بعضهم برغم كل ما بداخلهم من كراهية وتنافر.
بمناسبة الديمقراطية، صدقني تثير القرف رؤيتك وأنت تدعي الدفاع عن الديمقراطية، وكأننا يمكن أن ننسى سعيك إلى لحظة التمكين التي تخرس فيها أصوات المختلفين معك، بل إنك لم تنتظر حتى تحين تلك اللحظة، بل أخذت تقوم بتكفيرهم وتخوينهم بأسلحتك الفتاكة المتاحة في منابر المساجد والفضائيات والمواقع الإلكترونية، وعندما جاءتك فرصة امتلاك النفوذ بدأت في قتل من يخرجون ضدك إلى الشارع معتبرا على لسان رئيسك أن "مسبحة الضابط بندقيته"، وحتى عندما سلط الله عليك بندقية الظالم الذي استعنت به، أخذت تلومه وحده، لتثبت أن الله سلط عليك أيضا غباءك فلم تفهم حتى الآن أن مشكلتك تكمن فيك قبل كل أعدائك.
نعم، أنا أدافع عن حرياتك وحقوقك، ليس لأني أحبك، فيشهد الله أنني أبغضك في الثورة والوطن، تماما كما أبغض الذين يقتلونك بدم بارد، أبغضكم جميعا لأنكم تشبهون بعضكم تماما، الشعارات بالنسبة لكم ليست سوى ركوبة إلى السلطة ومصالحها، والناس بالنسبة لكم ليسوا سوى أرقام مهللة ومفوضة ومبايعة، لكنني برغم ذلك أعلم أنه لا سبيل للخلاص منكم إلى الأبد فأنتم جزء من واقعنا المرير المريض، وغاية ما أحلم به أن يتم تحجيم دوركم ونفوذكم عندما يدرك أغلبية المصريين أن مستقبلهم لن يصبح أفضل إلا في ظل دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بالعقل والعلم وتبني كل سياساتها على العدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية.
لذلك كله أنا حريص على أن تظل موجودا فوق الأرض، لأن العمل تحت الأرض سيمنحك حصانة من الحساب، وسيعيدك للعب دور الضحية الذي تتصور أنه سيساعدك على التأثير كما فعل في الماضي قبل أن تكتشف الملايين حقيقتك، صحيح أن عقلية اللواءات التي تعجلت قطف الثمرة ولم تتعلم من دروس يناير هيأت لك فرصة لعب تمثيلية المظلومية من جديد، لكن صدقني لن تنطلي التمثيلية على أغلبية الشعب هذه المرة، لا هي ولا تمثيلية السيسي المنتظر والزعيم المخلص التي يتصور ديناصورات الدولة القمعية أنها ستعيد قدرتهم على "شكم الشعب وعفق البلد"، ستكشف الأيام أن الواقع تجاوزكم جميعا، أنتم وكل من لا يمتلك مشروعا لحل مشاكل مصر سوى البطش والتسلط على الناس باستخدام شعارات الدين أو الوطنية، ستُعلِّم التجارب المريرة الناس أن مصر يمكنها أن تسير نحو المستقبل في طريق ثالث لا يعرف القمع ولا التكفير ولا الجهل والتخوين، طريق لا يقودها فيه زعماء مخلصون ولا هتيفة ولا تجار دين، لا يقودها فيه إلا العقل.

لم أكن أبدا ولن أكون من الذين يصفقون لقتلك وقمعك، مع أنك كنت ستصفق لقتلي وقمعي، لأنني أريد أن أكون أفضل منك ومن جلاديك، ليس لأنني رومانسي أبله، بل لأنني أؤمن أن التمسك بالمبادئ والبعد عن ازدواج المعايير خيار واقعي يمثل طوق النجاة الوحيد الذي يمكن أن ينقذنا جميعا، وما أودى بك إلى مصيرك المزري هو أنه لم يكن لديك مبادئ بل كان لديك دائما مصالح تدوس على الجميع من أجلها، وسيشاركك نفس المصير المزري حتما كل من يدوس على مبادئه من أجل تحقيق مصالحه، ليست هذه حكاية خرافية تروى قبل النوم، بل هي حكاية صعودك وهبوطك أنت ومن سبقوك، وهي حكاية واقعية مريرة لا زلنا نعيشها ومع ذلك لم يتعظ بها للأسف من حالت كراهيتك بينهم وبين ضمائرهم وعقولهم.
كثيرون من كارهيك يريدون منك أن تموت في صمت، وهو مطلب غير عادل قطعا، لكنه تماما يشبه ما كنت تطلبه من الثوار عندما كانوا يتعرضون للقتل والتنكيل ممن كانوا حلفاءك بالأمس وصاروا قاتليك اليوم، وليس عندي أدنى أمل في أن هذه المفارقة ستؤثر فيك وستغير تفكيرك، فمن خاصم عقله وهو في أحضان السلطة لن يتذكره وهو مدهوس تحت بياداتها.
لذلك ارتكب ما شئت من حماقات وواصل إشعال الأجواء وتأزيم الأوضاع وحصد كراهية الناس، فمهما فعلت ستظل جزءا من الماضي، فقد سقطت يوم أن أهدرت دم معارضيك واستهنت بحقوقهم، وسقط قاتلوك يوم استباحوا دمك وأهدروا حقوقك، ولذلك لن يكون رهان أي عاقل عليك ولا عليهم، بل سيكون رهانه على الأجيال التي لن تتسامح مع من يصادر حرياتها وينتهك كرامتها، ستصنع هذه الأجيال مستقبلها الذي لا علاقة له بالماضي الذي كنت تريد إعادته ولا بالماضي الذي يحاول جلادوك إعادته، بالطبع ستحاول أنت وجلادوك حرمان هذه الأجيال من مستقبلها وشدها نحو الماضي، وستكون هناك معركة أشد قسوة ومرارة من سابقاتها، لكنها ستكون معركة تستحق أن تخاض، ستكون الهزيمة فيها شرفا يشعل الحماس للمزيد من الصمود، أما نصرها حتى وإن كان مؤقتا وقصيرا ككل انتصارات الحياة الدنيا، فلن يكون كمثل بهجته شيئ.
وإن غدا لصانعه قريبُ".
أو بعيدٌ، هيبان عامةً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.