"المصريون" تحاور أوائل الحقوق المستبعدين من تعيينات النيابة.. وحقوقيون: شرط تعليم الوالد عنصري ومخالف للدستور.. و138 تطاردهم "الأخونة"
24 % من الشعب المصري غير متعلم، أكثر من 50 % من المتعلمين لا يحملون مؤهلات عليا، ليست تلك نسبًا جوفاء نعيدها من باب تعكير الصفو الذي لم يعد رائقًا من الأساس، ولكن من باب التنبيه؛ فإذا كنت ممن ينتمون إلى النسبة الأولى أو حتى تتضمنك النسبة الثانية فعليك من الآن لا غدًا أن تفكر في وظيفة أبنائك حتى إن لم يكونوا قد حلوا بتلك الدنيا، فثمة قائمة لمناصب ووظائف محرم عليك أن تفكر حتى مجرد التفكير في تأهيل أبنائك لها، لا لعيب فيهم ولكن لعيب في مجتمع يرفع من شعار المساواة عنوانًا لدستوره ويفرق بين أبنائه على أساس تعليم الآباء ومستواهم الاقتصادي. وإن كان الأمر هين بالمقارنة لدولة لا تخلو مؤسسة فيها من مشاكل، فالأمر حتمًا لن يهون إن عرفت أن تلك التفرقة الاجتماعية، تأتيك من قلب مؤسسة يفترض أنها قلب العدالة "القضاء"، ليقر الواقع المصري هنا قاعدة جديدة أن مالك الشىء لا يعطيه أو أنه من الأساس لم يكن يملكه. 138 معاون نيابة مع وقف التنفيذ والتهمة "إخواني" تتبلور أزمة 138 خريجًا من كليات الحقوق المختلفة فى تهمة "الأخونة" التي تلاحق كل من تغضب الدولة عليه، وبدأت الأزمة منذ عام تقريبًا حين تم استبعاد 138 شخصًا من تعيينات معاوني النيابة الإدارية الأخيرة، على الرغم من حصولهم على موافقة كتابية على قبولهم ما يعنى أنهم اجتازوا اختبارات الأمن الوطني والمعايير الوظيفية. توقيت مشكلتهم تحديدًا كان قبل 30 يونيو من العام الماضي بأربعة أيام حين أعلن مجلس القضاء الأعلى قائمة بأسماء المقبولين في وظائف معاوني النيابة العامة، وهو ما يعنى أن قبولهم بات نهائيًا ولا يحتاج إلا إلى توقيع شكلي من قبل رئيس الجمهورية باعتبار أن سلطة القضاء مستقلة وتوقيعات الرئيس على قراراتها إجرائي ليس أكثر، ونظرًا للأحداث السياسية واشتعال المظاهرات ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، فقد أجل التوقيع على قرار تعيين دفعة المقبولين، وطال أمد الأزمة إلى قدوم رئيس جديد ولكن المستشار عدلى منصور، الرئيس السابق، رفض التوقيع على أوراق تعيينهم بعد إشاعات بتضمين قائمة المعينين على عناصر إخوانية، وهو ما يعنى إعادة المراجعة الأمنية لكل مَن حصل على موافقة بتعيينه، وبالفعل تم استبعاد 209 أشخاص من أصل الذين وافق على تعيينهم. ويؤكد المتضررون أن إجمالي مَن ينتمي للإخوان فكريًا أو تنظيميًا لا يتجاوز عددهم 71 من المستبعدين فيما تم استبعاد الباقي وعددهم 138 دون ذنب على حد قولهم، مشيرين إلى أن من بينهم أقباط ما يمحى عنهم فكرة الأخونة. وعلى مستوى آخر، وضعت هناك معايير من قبل مجلس القضاء الأعلى، رأوها تعسفية وهو اشتراط مؤهل عالٍ للآباء. بدوره قال أحمد راغب، المحامى والناشط الحقوقي وباحث قانوني بمركز هشام مبارك للقانون، إن المعايير التي تمت بناء عليها حركة التعيينات الأخيرة فى منصب معاوني النيابة العامة، غير قانونية وغير دستورية وسهل الطعن عليها. وأوضح في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن أي شخص تم استبعاده من هذه الحركة يمكنه أن يرفع قضية يتظلم فيها من قرار الاستبعاد. وأضاف أن أي حركة تعيينات داخل القضاء يحكمها قانون السلطة القضائية، بالإضافة إلى معايير يضعها مجلس القضاء الأعلى والتي لا تخرج عادة عن الكفاءة والسمعة الجيدة والسجل الجنائي النزيهة، مشيرًا إلى أن هناك معايير أخرى توحي بالطبقية وقصر المناصب على فئات معينة. رفضوا تعيين ابنه لأميته فأصيب بجلطة ومات أصابوه بجلطة، أم أفقدوه حلم حياته فتركها لهم ورحل، إنه والد أحد المتضررين من قرارات الاستبعادات من تعيينات النيابة الإدارية الذي رفض الإفصاح عن شخصيته، قال إن والده الصعيدي كان سعيدًا حين علم بتعيين ولده في سلك القضاء، ذلك السلك الذي أشيع عنه أنه أرض محرمة إلا عن المرضى عنهم.. فراح الأب يذبح العجل ويوفى الندر إلا أنه لم يكن حينها يعرف أن تلك الفرحة لم تكتمل بسبب إشاعات. إشاعات دفعت لإعادة النظر فى تعيينات النيابة العامة، للتربص بكل ما يمت بصلة لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم كانوا مطمئنين لإعادة النظر فى تعيينه نسبيًا وذلك لتأكدهم من عدم انتمائه للإخوان ولكن المفاجأة جاءت فى قرارات رآها غير عادلة وغير دستورية وهو اشتراط حصول الأب على مؤهل عالٍ وهو ما كان بمثابة صدمة للوالد الذى شعر وقتها بأنه كان سبب رفض ابنه. ويتابع الابن أن والده عقب علمه بأنه كان أحد أسباب الاستبعاد ارتفع عليه الضغط والسكر وأصيب بجلطة وتوفى، مشيرًا إلى أن ما حدث في حق والده جريمة وإهانة يجب أن تعتذر الدولة عليها. ولفت إلى أن الآباء يشقون على أبنائهم لتعليمهم، ليكتشفوا بشروط وصفها بالتعسفية لتشعر هؤلاء الآباء بان كل ما فعلوه لا يساوى شيئًا. ولفت إلى أنهم ملتزمون بالقانون في كل تصرفاتهم سواء فى لجوئهم إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان أو الحصول على موافقة قبل أي تظاهرة، موضحًا أنهم قاموا بتظاهرات لثلاث مرات أمام قصر الاتحادية ولكن لم تسفر عن شيء. والده حاصل على دكتوراه ولكن سوء الحظ إذا كنت تعتبر أن اشتراط مؤهل الأب غير دستوري، فعليك هنا أن تتجاوز عن ذلك محملاً الأمر إلى سوء الحظ أو إهمال غير مقصود.. إذا هي حالة محمد ممدوح الذي جاء اسمه خطأ بين المستبعدين بسبب تدنى مستوى تعليم والدهم، خاصة أن والد محمد ليس لديه مؤهل عالٍ فقط بل حاصل على شهادة الدكتوراه فى اللغة العربية. وتسبب تضارب الأوراق في حرمان محمد من المنصب الذي اجتاز شروطه أمنيًا ومهنيًا خاصة أنه حاصل على تقدير جيد جدًا من كلية الحقوق جامعة القاهرة. ويقول محمد إن والديه أصيبا بصدمة حين عرفا بقرار استبعاده، متسائلا كيف لسلطة مثل السلطة القضائية يحدث بها خطأ كما وقع فى حقي. ولفت إلى أنه حاول أن يلتقى بأى من المسئولين للتأكيد على استيفائه لكل الشروط بما فيها تعلم الأب والأم أيضًا إلا أنه فشل حتى ذلك الوقت فى أن يلتقي بأحد، مشددًا على أنه سيستمر فى عمله بإحدى الشركات الخاصة لحين حل أزمة تعينه. أبو بكر.. الوافد من أسيوط أول دفعته والعائد بورقة تعيين بلا تنفيذ لم يكن يعلم أن فرحته بكونه أول دفعته منذ أربعة أعوام فقط ستنتهي بكابوس، حلم بحلم البذلة الأنيقة والانضمام لطبقة المجتمع المبهرة الموصوفة دائما بالشامخة "القضاة"، وما أن اقترب الهدف بورقة مختومة من مجلس القضاء الأعلى بأن أبو بكر محمد مقبول فى منصب معاون للنيابة العامة، واجتاز كل الشروط والاختبارات الأمنية، لتنقلب البلاد رأسًا على عقب ويرحل رئيس فالثاني ويبقى هو منتظر لرئيس يوافق أن يمضى ورق تعيينه ليحل عضو جديد فى السلك القضائي. تخرج أبو بكر فى كلية الحقوق بجامعة أسيوط دفعة 2010، وعمل منذ تخرجه كمحامٍ تحت التدريب ثم عمل محاميًا رسميًا وحصل على عضوية نقابة المحامين، معلقًا على شرط تعلم والده بأنه شرط مجحف. وقال إن والده سعى طوال فترة حياته بأن يرى فى ولده ما لم يستطع هو تحصيله، خاصة أن الأب كان ناجحًا في دراسته حتى السنة الثالثة من الجامعة، إلا أن ظروف وفاة الجد اضطرت والد أبو بكر لترك دراسته، مقتنعًا وقتها أنه يستطيع أن يحصل ما فاته فى العام الأخير من الجامعة عبر القراءة والتوسع فيها، ولكن يبدو أنه لم يكن يتوقع أن قراره بترك الجامعة منذ 25 عامًا سيدفع ثمنه ابنه حين يقدم في النيابة العامة وترفض أوراقه بحجة أن الوالد لم يحصل على مؤهل عالٍ. ويضيف أبو بكر ل"المصريون" أنه بالنسبة للشروط الأخرى بخلاف تعليم الأب فهو مستوفى الشروط بداية من تقارير الأمن الوطني، وحتى الوضع الاقتصادي، خاصة أنه ينتمي لأكبر عائلات أسيوط المالكة للأراضي والأبراج السكانية، علاوة على الدخل المرتفع الذي يتجاوز الآلاف شهريًا. البرنس: "سألوني والدك متعلم قلت لا فقالولى روح شوفلك مكان تاني" "روح شوفلك مكان تاني" هكذا كانت الجملة التى تلقى بها البرنس محمود، أحد المستبعدين، قرارًا بأن وجوده لم يعد مرغوبًا فيه وعليه فورًا أن يبحث عن وظيفة أخرى، ولكن يبدو أن هذا المستشار الذي أخبره بتلك النصيحة لم يكن يعلم أنه يشغل أعمال حرة تدر عليه دخلاً يبلغ السبع آلاف جنيه، ويملك من الأراضي ما يكفل له ولأولاده حتى الجيل الثالث نوع من المعيشة المتميزة اقتصاديًا. إذا هو الطرف الميسر مديا الباحث فقط عن وجاهة اجتماعية، ولكن هذا البحث قوبل بنوع من التفرقة التي وصفه في حديثه ل"المصريون" بالعنصرى وغير العادل. وقال البرنس إنه أثناء مقابلته بأحد المستشارين في مجلس القضاء الأعلى سأله عن تعليم والده أو والدته فأخبره أنهما لم يكملا تعليمهما، مشيرًا إلى أنه فاجأه بأن يبحث عن مكان آخر فسلك القضاء لا يناسبه. ويتابع البرنس ذو العائلة صاحبة النفوذ فى قنا، إن إخوته يعملون في بنوك بوظائف مرموقة ويملكون مناقصة أسمنت تدر دخلاً متميزًا للعائلة، مشيرًا إلى أن آخر أمنيات والديه اللذين توفيا أن يروه ملتحقًا في النيابة العامة، مرددًا آخر ما قالته والدته: "نفسى أشوفك فى النيابة"، متنهدًا: لم يكونا يعلمان أنهما سيكونان سببًا فى منع تنفيذ حلمهما. وشدد: "هما ليسا لهما ذنب فى شيء، فقط لدينا نظام اختيار عنصري يعتمدون عليه ولا نفهم المعزى منه". شاهد الصور: