استنكرت حركة "9 مارس" التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء على قانون تنظيم الجامعات، وقالت إنها تدخل "ضمن مناخ عام تتوجه فيه السلطة التنفيذية للتعامل مع الجامعات تعاملاً أمنياً صرفاً". وشددت الحركة، في بيان أعلنته اليوم في مؤتمر صحفي، على أن "الجامعة هي في الحقيقة الذخر الوطني الذي يجب الحفاظ عليه وتركه خارج الصراعات الآنية". وكانت الحكومة وافقت الأسبوع الماضي على مشروع تعديل قانون تنظيم الجامعات بما يسمح لرئيس الجامعة بفصل أعضاء هيئة التدريس بدلا من المجالس التأديبية في حال اشتراكهم في التظاهرات. وشهدت الجامعات العام الدراسي الماضي -خاصة جامعتي الأزهر والقاهرة- تظاهرات من الطلاب المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين للمطالبة بعودة الرئيس الأسبق محمد مرسي، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات فضلا عن إحراق عدد كبير من المباني والكليات. وأضافت الحركة أن التعديلات تعارض مباديء العدالة، وعلى الأخص المادة "95" من الدستور، التي تنص على أن "لا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي"، بينما يؤدي التعديل إلى توقيع عقوبة جسيمة هي العزل من الوظيفة دون حكم قضائي، بحسب البيان. وتابع البيان أن التعديلات تعارض المادة "22" من الدستور والتي "تكفل مسؤولية الدولة عن رعاية الحقوق الأدبية لأعضاء هيئة التدريس". وتضمنت التعديلات إضافة مادة جديدة برقم "104" تنص على أنه "لرئيس الجامعة أن يوقع جزاء العزل على كل عضو من أعضاء هيئة تدريس يرتكب أيًا من المخالفات المنصوص عليها في القانون إضافة إلى الاشتراك في مظاهرات تؤدي إلى عرقلة العملية التعليمية أو تعطيل الدراسة أو منع أداء الامتحانات أو التأثير عليها أو التحريض أو المساعدة على ذلك. وإدخال أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أي أدوات من شأنها أن تستعمل في إثارة الشغب والتخريب. والإضرار العمدى بالمنشآت الجامعية أو المباني التابعة لها أو ممتلكات الجامعة. والتحريض على العنف وممارسة أعمال الشغب في الجامعة." وقالت الحركة إن أسلوب إعداد وإقرار التعديل جاء مخالفاً للدستور وللتقاليد الجامعية، ومهدراً لاستقلال الجامعات، مشيرة إلى أن الأعراف الجامعية جرت على عرض مشاريع تعديل قانون الجامعات على المجالس الجامعية المنوط بها إدارة الجامعات من مجالس الأقسام والكليات ومجالس الجامعات. وأضافت "التعديل أعد سراً ولم يعلن على المجتمع الجامعي إلا بعد عرضه على مجلس الوزراء". وقال المحامي الحقوقي أحمد عزت إن التعديلات السابقة "غير قانونية"، مشيرا إلى أنها تخالف المادة "96" من الدستور، التي تنص على أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه". وأضاف عزت، في اتصال هاتفي مع أصوات مصرية، أن التعديلات المطروحة تسلب أعضاء هيئة التدريس حقهم في الدفاع عن أنفسهم أمام المجلس التأديبي في حضور محام معهم كما كان الوضع فيما مضى، وتعطي رئيس الجامعة سلطة مطلقة لعزلهم دون اتباع الإجراءات التأديبية أو القضائية. وتابع عزت أن الفصل من الجامعة كان سلطة ممنوحة لمجلس التأديب ولا تتم إلا بعد درجات من التقاضي تبدأ من المجلس يليها القضاء الإدراي ويكون الحكم النهائي للمحكمة الإدراية العليا. وقال إن القواعد الأولية في التشريع هي التدرج في العقوبة وليس إصدار حكم نهائي كما جاء في التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء، مضيفا أن رئيس الجامعة كان له حق فصل الطالب أو عضو هيئة التدريس ولكن في حالات قليلة ومحددة. وأشار إلى أن التعديلات اختزلت كل تلك الإجراءات والعقوبات التي من يمكن اتخاذها إلى منح صلاحية مطلقة لرئيس الجامعة بالفصل، معتبرا أن ذلك "يقوض النظام التأديبي العادل". ويأتي مشروع تعديل أحكام قانون تنظيم الجامعات عقب إقرار المجلس الأعلى للجامعات، في شهر يونيو الماضي، تعديلا قانونيا جديدا يمنح رئيس الجامعة سلطة "الفصل النهائي" للطلاب الذين يمارسون العنف أو الأعمال الإرهابية أو التحريضية أو التخريبية التي تضر بالعملية التعليمية أو الامتحانات أو الممتلكات الجامعية أو العامة أو الخاصة، وذلك بعد تحقيق تجريه الجامعة خلال أسبوع على الأكثر، ولا يجوز الطعن على هذه العقوبة إلا أمام "مجالس التأديب" بالجامعة ويكون حكمها نهائيا. وقال عزت إن التعديلات جردت مجلس التأديب من سلطاته في حل المنازعات دون اللجوء إلى القضاء، كما جرد أعضاء هيئة التدريس من حقهم في محاكمة عادلة. وأضاف "التعديلات منحت رئيس الجامعة سلطات مطلقة في عزل أعضاء هيئة التدريس والطلاب وحتما سيتم التعسف في استخدامها ضد من يعارضون النظام". واعتبرت حركة "9 مارس" إن السلطة الممنوحة لرئيس الجامعة من منطلق هذه التعديلات "من المحتوم إساءة استخدامها، وتحويلها لسلطة شخصية تستخدم لمنافع شخصية أو لتصفية حسابات خاصة أو بإيعاز من جهات غير جامعية، أو حتى للتعسف في استخدام تلك السلطة." وقال جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، في تصريحات صحفية سابقة "دائما نقول: لابد أن تخلع عباءتك الحزبية عند باب الجامعة لأنها مكان للعلم لكن للأسف عقب ثورة 25 يناير (2011) تحولت إلى ساحة للصراع السياسي." وكانت الحكومة قد عدلت كذلك قانون تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، الأسبوع الماضي، لمنع الاضطرابات داخل الجامعة. ونص التعديل على "فصل أي طالب أو عضو بهيئة التدريس إذا حرض أو دعم أو شارك في الاحتجاجات التي تعطل الدراسة أو إثارة الشغب أو التخريب."