تقرر إحالة كافة المتورطين في أعمال الشغب التي وقعت ليل الثلاثاء أمام مسرح البالون بالعجوزة وبميدان التحرير إلى النيابة العسكرية للتحقيق، فيما بلغ عدد المصابين في تلك الأحداث 590 مصابا، وقد صدرت أوامر من اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية لجميع قوات الشرطة بالانسحاب من ميدان التحرير وعدم التعامل على الإطلاق مع المتظاهرين. وحذر المجلس الأعلى للقوات المسلحة من استغلال دماء شهداء الثورة، بغرض إحداث الوقيعة بين الثوار والمؤسسة الأمنية في مصر، بينما اعتبر الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء أن ما جري يأتي في إطار مخطط لإحداث الفوضى بالبلاد، داعيًا شباب الثورة إلى الالتفات لهذا المخطط. وصرح مصدر أمني لوكالة أنباء الشرق الأوسط، فجر الأربعاء، أن قوات الأمن بمديرية أمن الجيزة ألقت القبض على 9 متهمين في أحداث الشغب بمسرح البالون، والتي أسفرت عن إصابة 9 أشخاص بإصابات متنوعة تم نقلهم على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم. وكانت شرارة الأحداث اندلعت أثناء قيام إحدى الجمعيات بتكريم 10 من أسر الشهداء بمسرح البالون بالعجوزة مساء الثلاثاء، حينما قامت مجموعة من الأشخاص بمحاولة اقتحام المسرح مدعين أنهم من أسر الشهداء، ولدى رفض منظمي الحفل مشاركتهم قاموا بمحاولة دخول المسرح عنوة وتحطيم زجاج بوابته. وأضاف مصدر أمني أن الخدمات الأمنية تمكنت من السيطرة على الموقف وضبط 7 من مثيري الشغب، وعقب ذلك قامت تلك المجموعة بالتوجه إلى منطقة ماسبيرو، حيث انضم إليهم بعض المعتصمين أمام مبنى إتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتوجهوا إلى مقر مبنى وزارة الداخلية بمنطقة وسط القاهرة حيث قاموا بأعمال شغب ورشق بالحجارة تجاه المحلات والسيارات، مما تسبب في إصابة بعض المواطنين من المارة وعدد من رجال الشرطة المعينين خدمات بتلك المنطقة. وأشار المصدر إلى أن قوات الشرطة تصدت لهم مما دفعهم إلى التوجه إلى منطقة ميدان التحرير واستمروا في إحداث أعمال شغب. ولفت إلى أن أجهزة الأمن تقوم بالتعامل مع الموقف وفقا لتطوراته، وحصر الإصابات والتلفيات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. من جهته، أعلن الدكتور عادل عدوي، مساعد وزير الصحة لشئون الطب العلاجي، أن إجمالي المصابين في الأحداث التي وقعت في ميدان التحرير ومسرح البالون بلغ 590 مصابا، تم تحويل 75 منهم إلى المستشفيات وباقي المصابين قامت سيارات الإسعاف وفرق المسعفين المتواجدة في مكان الحادث بتقديم الإسعافات اللازمة لهم. وقال إنه تم تحويل هؤلاء المصابين إلى 9 مستشفيات، وهم مستشفى المنيرة العام واستقبلت 33 مصابا، والهلال الأحمر 23 مصابا، وأحمد ماهر التعليمي 4 مصابين، ومستشفى القصر العيني الجامعي 4 مصابين، ومستشفي القصر العيني الفرنساوي مصابا واحدا، كما استقبلت مستشفى الدمرداش 7 مصابين، وكل من مستشفى العجوزة ومنشية البكري ومعهد ناصر استقبلت مصابا واحدا. وأوضح أنه لا يزال هناك 33 مصابا يتلقون العلاج بالمستشفيات، بينما خرجت باقي الحالات، بعد أن قامت الفرق الطبية بالمستشفيات بعمل الإسعافات والفحوصات والأشعة والتحاليل اللازمة لهم للاطمئنان عليهم واستقرار حالتهم. وأضاف، أنه يوجد في ميدان التحرير والمناطق المجاورة له نحو 23 سيارة إسعاف مجهزة بالمعدات والمستلزمات الطبية، تقدم خدماتها لإسعاف المصابين في موقع الحادث، ونقل الحالات إلى المستشفيات التي تستدعي حالتها تقديم الخدمة داخل المستشفى. وذكر مساعد وزير الصحة، أن الإصابات كانت ما بين جروح قطعية وكدمات وحروق واختناقات بسبب قنابل الغاز المسيلة للدموع وحالات اشتباه ما بعد الارتجاج، وإصابات بأجسام صلبة بالجسم والرأس وغيرها، مشيرا إلى أن الحالات التي استدعت إجراء جراحات قامت الفرق الطبية بالمستشفيات بعمل الجراحات للازمة لهم وإسعافهم فور دخولهم، وأن جميع المصابين بالمستشفيات حالتهم مستقرة وأصدر اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية أمرا لجميع قوات الشرطة بالانسحاب من ميدان التحرير وعدم التعامل على الإطلاق مع المتظاهرين. وأكد فجر الأربعاء أنه سيقوم بنفسه بالتحقيق في أي تجاوز من قبل أفراد الشرطة في التعامل مع المتظاهرين بميدان التحرير، مشددا على أن الوطن يحتاج في تلك المرحلة الدقيقة للتعاون الكامل والوثيق بين رجل الشرطة والمواطن من أجل حماية الجبهة الداخلية للبلاد. وكان وزير الداخلية أكد خلال اجتماع عقده وزير الداخلية الأربعاء بكبار قيادات وزارة الداخلية للوقوف على الموقف بميدان التحرير، التزام قوات الشرطة الحكمة وأقصى درجات ضبط النفس في تعاملها مع الأحداث، مع العمل على تأمين المناطق المحيطة بالميدان والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة من أي أعمال تخريبية. وجاء في بيان لوزارة الداخلية أنه من خلال متابعة ما يشهده ميدان التحرير من أعمال شغب تلاحظ تزايد أعداد المتجمعين واستمرارهم في التعدي على المواطنين والمنشآت والسيارات، ورفضهم الانصياع لتعليمات الأمن بوقف ممارساتهم، وتعمدهم زيادة الاحتكاك برجال الشرطة. وأهاب البيان بمواطني مصر الشرفاء وشباب الثورة عدم الانصياع إلى الشائعات التي قد تردد في مثل هذه المواقف، والتي يروجها البعض لتحقيق مآرب خاصة وتتعمد إحداث وقيعة بين الشعب والشرطة. والتقى وزير الداخلية بمكتبه بديوان عام الوزارة الأربعاء وفدا من ائتلاف شباب الثورة لبحث الموقف بميدان التحرير. وأكد حسام الدين عمار المنسق العام لائتلاف شباب الثورة أن وزير الداخلية تفهم موقفهم بشكل كامل ووجه بسحب قوات الأمن من الميدان ووقف التعامل مع المتظاهرين إيمانا منه بروح ثورة 25 يناير وبتغيير الفلسفة الأمنية لوزارة الداخلية. واتهم عمار فلول النظام السابق بمحاولة الوقيعة بين الشرطة والشعب والإضرار بالأمن الداخلي للبلاد، خاصة في أعقاب إصدار محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حكما صباح الثلاثاء بحل كافة المجالس المحلية على مستوى الجمهورية. وأوضح أن شباب الثورة اتجهوا عقب لقاء وزير الداخلية إلى ميدان التحرير للقاء المتظاهرين بالميدان وتوضيح حقيقة الفتنة المدبرة لإجهاض الثورة والوقيعة بين الشرطة والشعب. وأهاب المجلس العسكري بالشعب المصري العظيم وشباب الثورة ومفجريها عدم الانسياق وراء الدعوات التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار مصر، وكذلك استغلال دماء شهداء الثورة بغرض إحداث الوقيعة بين الثوار والمؤسسة الأمنية في مصر لتحقيق هذه الأهداف. وأضاف في بيانه رقم 65 على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فجر الأربعاء، أن الأحداث المؤسفة التي شهدها ميدان التحرير الثلاثاء وحتى فجر الأربعاء لا مبرر لها إلا زعزعة أمن واستقرار مصر وِفق خطة مدروسة ومنظمة. في حين حذر الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء من أن هناك شيئا منظما لنشر الفوضى في البلاد، داعيًا شباب الثورة وغيرهم من أبناء الشعب المصري للمحافظة على ثورة 25 يناير المجيدة. وأضاف في تصريح عبر الهاتف مع برنامج "صباح الخير يا مصر" على التلفزيون المصري، أن هذا الموقف يعد محكا لشباب الثورة وغيرهم من القائمين عليها، مشيرا إلى أنه متابع للموقف منذ مساء أمس الثلاثاء، وأنه على اتصال دائم مع وزير الداخلية وجهات أخرى للوقوف على الأحداث أولاً بأول. وأشار إلى أنه ما زال ينتظر التحقيقات للوقوف على حقيقة الأوضاع، مطالبا شباب الثورة بمعرفة أن هذه ثورتهم ويجب عليهم بجانب الحكومة والشرطة المحافظة عليها، مؤكدا أن التحقيقات ستظهر من هو المسئول عما حدث وسيتم معاقبته، وقال: "كنا نتمنى أن تمر الأمور كما كانت تسير مؤخرا؛ حيث بدأ الأمن يعود بقوة وينتشر". وحول مطالب أسر الشهداء قال "إنه يتم تكوين صندوق بشكل مؤسسي من أجل استمرار الخِدمات لأسر الشهداء، ولدينا مجموعة من المشروعات، وهناك أطباء يرغبون في المشاركة في معالجة أسر الشهداء وندرس ذلك". وأضاف أن الشرطة كانت تقوم أمس الأول بحماية الممتلكات العامة، وأنها لم ولن تستخدم العنف إلا إذا ما كان هناك عنف في المقابل، مشيرا إلى أنه يقوم الآن بتطوير أداء الشرطة، وأنه يطلع على كافة وجهات النظر حول هذا الشأن.