الدعوة تلجأ لساحات المحاكم.. والأوقاف ترد: لدينا أحزاب سياسية تستخدم جمعيات دينية كأجنحة دعائية.. وتوقعات بدخول وسطاء لحل الأزمة فى الإعادة إفادة تعلمنا، وفى التكرار تتثبت المواقف وتبنى الأوصال، ولكن يبدو أنه ليس فى كل الإعادة خير كما يقال ولا فى كل التكرار بناء للمواقف والعلاقات، فربما تلجأ لتكرار شىء هو ليس فيك، وأحيانًا تعيد من كلامك لتثبت واقعًا منفيًا عنك، هكذا كان الوضع بالنسبة للدعوة السلفية التى أشبعتنا حديثًا عن لقاءات واجتماعات تعقدها مع مسئولي الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف لتخرج عقب كل اجتماع بالتلويح بأن ثمة توافق قريب فى الأفق. وفجأة وبدون مقدمات يرفع الدكتور ياسر برهامى، الغطاء عما كان يقال فى الكواليس ليكشف نوعًا من الخلاف المخفى عن العيون والظاهر أخيرًا على الشاشات، ليقول بملء فمه سنلجأ للمحاكم للحفاظ على حقوقنا فى صعود المنابر، لترد الأوقاف فى بيان رسمي هناك أحزاب لا تسميها تستخدم الأجنحة الدينية كدعاية لها. وقال البيان الصادر عن وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ردا على تهديدات برهامى برفع قضايا للحصول على ما أسماه بتعنت وزارة الأوقاف ورفضها لمنح تراخيص الخطابة رغم حصوله على شهادة من قبل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع دمنهور أفصح عنها للإعلام، وأوضح البيان أننا عانينا معاناة شديدة ومازلنا نعانى من توظيف الدين لأغراض حزبية وانتخابية، مبررًا ذلك لأن بعض الأحزاب السياسية لا تزال تتخذ من بعض الجمعيات الدينية أجنحة دعائية لها، تخدم أهدافها السياسية. وأوضح الوزير، فى بيان رسمى، أن تعدد الجمعيات الدينية يشكل خطرًا داهمًا على وحدة نسيج المجتمع المصرى، من حيث محاولة كل جمعية فرض رؤيتها الفكرية والمذهبية على المجتمع، ودخولها فى صراعات فكرية تصل أحيانًا إلى درجة المواجهة وأحياناً أخرى إلى تكفير الآخر أو استباحة دمه. وأضاف "أنه إذا كان الأزهر الشريف هو المسئول دستوريًا عن جميع الشئون الإسلامية، والأوقاف هى الجهة المنوط بها الدعوة والخطابة فى ضوء المنهج الأزهرى الوسطى وضوء قانون ممارسة الخطابة وأداء الدروس الدينية بالمساجد، فإنه من غير المنطقى الترخيص لأى جمعية أهلية بممارسة أنشطة دعوية حدد القانون الجهات المنوطة بها والمسئولة عنها". وتابع: "ينبغي أن تتفرغ للجمعيات الأهلية لمهامها الاجتماعية والإنسانية والتنموية والإغاثية شأن سائر منظمات المجتمع المدنى العاملة فى هذه المجالات، أما أن تتخذ هذه الجمعيات أو بعضها من العمل الاجتماعى غطاءً لتمرير أجندات فكرية أو دينية أو طائفية أو مذهبية، أو أن تكون أجنحة دعوية لبعض الأحزاب السياسية تتم العودة من خلالها مرة أخرى إلى المتاجرة بالدين ولى أعناق نصوصه، فهذا خطر داهم يجب التنبه له. يذكر أن الدعوة السلفية أعلنت على لسان مشايخ لها وتصريحات للدكتور ياسر برهامي، نائب مجلس إدارة الدعوة السلفية، قال فيها لموقع "أنا السلفي" أن الأوقاف تتعنت ضده رغم أنه حاصل على شهادة أزهرية هو وغيره من باقى مشايخ الدعوة. وتوعد برفع دعوى قضائية تطالب فيها الوزارة بتطبيق القانون ومنحه ترخيص صعود المنابر. فيما علق أسامة محروس، النائب البرلماني السابق عن حزب النور، قائلاً: إن الحزب لا يتفهم حتى الآن أى مبررات تسوقها الدولة وبما فيها وزارة الأوقاف لمنع مشايخهم حتى الأزهريين منهم لصعود المنابر. وأوضح أن الدولة مطالبة بأن تفرق بين من ينشر الفكر التكفيري المتطرف ومن يرفضه ويعاون النظام على محاربته. وحذر من انتشار الفكر المتطرف فى المنطقة العربية، المحيطة بمصر، قائلا إن رجال الدين عليهم أن يتعاونوا فى كيفية حماية الشباب منه وعدم منحه الفرصة للدخول إلى مصر خاصة الشباب المعارض لمصر. من جانبه قال الشيخ على عبد المهدي، وكيل وزارة الأوقاف، فى تصريحات خاصة ل"المصريون" إن إعلان مشايخ الدعوة السلفية عن شهادتهم الأزهرية ليس كافيًا لمنحهم التراخيص. وأوضح أن الوزارة شكلت لجنة تقوم باختبار كل من يتقدم بطلب للحصول على تراخيص خطابه، وبناء على تلك الاختبارات سيتم منحهم أو منعهم من صعود المنابر، ولفت إلى أنه ليس كل من يحمل الشهادات الأزهرية له حق الخطابة ولكن يجب أن يكون له مراجعة لمواقفه السابقة من الأديان الأخرى، أو الجماعات التكفيرية، وبث البلبلة فى المجتمع. وشدد على أن برهامى له رصيد غير موفق، قبل 30 يونيو وهو ما يبرر رفض الوزارة رغم حصوله على الشهادة الأزهرية، لافتَا إلى أن أى تحرك قضائي لن يؤدي إلى شىء فقط وسيطعنون على قرار وزير الأوقاف بقصر الخطابة على الأزهريين ولكنهم لن يستطيعوا أن يعيدوا النظر فى القانون الصادر عام 1996 والمؤدي لنفس الشىء. وبخصوص الضبطية القضائية قال إن الوزارة عاملة على توسيع نشاطها فى مسألة الضبطية القضائية، وذلك بناء على نفس القانون السابق الذكر، مشيرًا إلى أن الاستخدام سيكون فى إطار التجاوزات وليس كما يفعل رجال الشرطة فى القبض على المواطنين. من جانبه قدر خالد الزعفراني، الخبير فى شئون الإسلام السياسية، الأزمة الواقعة بين الأوقاف والدعوة السلفية بأنها طارئ وسرعان ما سيتم إعادة المياه فيها إلى التوافق والاتصالات، مشيرًا إلى أن الدعوة السلفية عاقلة وتستطيع أن تعمل فيما هو متاح لها. ورجح أن تشهد الأزمة الحالية دخول وسطاء من يريدون توحيد الخطاب الديني والاتفاق على مواجهة الخطاب الديني المتطرف المنتشر خارج مصر وداخلها بدرجات متفاوتة.