يبدو أن "المصالحة الوطنية" باتت مصطلحًا غير مرغوب فيهما بمصر، فبعد أن غابت فكرة مصالحة الإسلاميين مع النظام مع أول سطر ألقاه الرئيس عبدالفتاح السيسي وقتما كان وزيرًا للدفاع يوم 3 يوليو، جاءت مبادرة البرلماني السابق محمد العمدة بعد الإفراج عنه للمصالحة بين الأطراف المتنازعة. غير إن المبادرة لم تحظ بالقبول، إذ أكد حزب "الفضيلة" السلفي أن فكرة المصالحة مع النظام الحالي مرفوضة من الأساس، ومصيرها الفشل، نافيًا أى تصالح مع من اعتبرهم مجموعة من المغتصبين والقتلة واللصوص، موضحًا أن أي مبادرة في الوقت الحالي ستكون التفافًا على الثورة وغطاء سياسي للحكم العسكري بعد أن عرته الثورة وكشفت سوأته. وأضاف الحزب في بيانه الصادر منذ قليل أن الشعب لن يتصالح على دماء آلاف المواطنين المصريين الذين استشهدوا على يد النظام الحالي بحسب ما جاء بالبيان، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي لا يحتاج لمصالحة بل يحتاج إلى قصاص عادل يتبعه رفع الوصاية العسكرية عن الشعب ومقدراته، قائلاً: "لا ننتظر مبادرة تستجدي من سلطة مغتصبة أن تعترف بممثلي الشعب الذي هو الأصل والأساس مقابل المساومة على بقائهم في السلطة". ودعا الحزب جموع الشعب المصري إلى التمسك بالثورة لينتزعوا حقوقهم مضيفا أن العسكر لم يعترفوا للشعب يوما بحق في الإدارة والحكم مؤكدا أن التفاوض معهم خيانة لدماء الشهداء ،وهو أشد قبحا من السكوت على الحق نفسه. واختتم الفضيلة بيانه قائلا: أيها الشعب الحر الأبي ما سلب بانقلاب لا يسترد إلا بثورة ،ومن قتل بالرصاص لن يرجع حقه إلا بالقصاص . بدوره رفض إمام يوسف، القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، أية مبادرة من جانب السلطة، مؤكدًا أن جماعة الإخوان المسلمين لم تتقدم بصياغة أي مبادرة للمصالحة كما أن الجماعة ستخسر شعبيتها إن أقدمت على ذلك. وأضاف يوسف أن "الحديث عن مبادرات المصالحة "صنيعة مخابراتية" لتهدئة الشارع خوفًا من اتحاد الأخير ضد النظام". ورفضت حركة "باطل" المعارضة مبادرة محمد العمدة، البرلماني السابق، المخلى سبيله منذ أيام، مشيرة إلى أنها "تهدف لشرعنة الحكم المغتصب وإهدار دماء آلاف الشهداء"، موضحة أن "المبادرة كان من الممكن القبول بها قبل ما وصفته بالمجازر البشرية في إشارة لفض الاعتصامات بالقوة". على الجانب الآخر، أشار نبيل زكى المتحدث باسم حزب التجمع، إلى أن مبادرة "العمدة" للمصالحة مرفوضة شعبيًاً، لافتًا إلى أن مشكلة الإخوان ليست مع النظام ولا الحكومة ولكنها أصبحت مع الشعب. وأضاف أن "جماعة الإخوان انتهت سياسيا ولا عودة لهم مرة أخرى للمشهد السياسي وأن أى محاولة للتصالح معهم ماهى إلا مجرد أوهام تبددت وستلقى بالرفض من قبل الشعب، مشيرا إلى أن الجماعة تعيش الآن من سكرات الموت". رسميًا، قال رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، إنه لا مجال للمصالحة في مصر مع من قتل وسفك دماء المصريين، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين موضحا أن فكرة المصالحة غير مطروحة مع الإرهاب الذي يعد دخيلا على مصر بحسب ما جاء في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم". وقال محلب: الإرهاب أصبح صناعة وتجارة تتنقل عبر الحدود من بلد إلى آخر والحل في التعامل مع مثل هذه الظاهرة لا يمكن أن يكون أمنيًا فقط، بل يجب أن يكون كذلك ثقافيا وتنويريا عبر خطاب ديني مستنير وتنمية اقتصادية تحارب الفقر.