السلطات تسكت آخر مصدر مهم للمعارضة رد الفعل الدولي العنيف وراء مهلة التضامن حقوقيون: التأجيل بمثابة اللمسات الأخيرة على حملة المداهمات طويلة الأمد
علَّقت صحيفة "الجارديان" – البريطانية – على استجابة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، لمطلب المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى بمنح مهلة جديدة حتى نوفمبر المقبل لمؤسسات المجتمع المدني لتوفيق أوضاعها، ورأتْ بأنَّ هذا القرار كان نتيجة رد الفعل الدولي العنيف على قرار إغلاق السلطات المصرية لمقرات العشرات من الجمعيات الأهلية التي ترفض الرضوخ للقوانين المستهدفة لأنشطتها واعتبرت المهلة تأجيل للإغلاق الحتمي للمقرات. وأشارتْ إلى أنَّه يوم غد 2 من سبتمبر كان آخر موعد أمام الجمعيات غير الحكومية للإعلان عن رأيها النهائي بشأن القبول بتدخل السلطات في عملها أو الرفض وغلق مقراتها. ورأي حقوقيون محليون ودوليون بينهم منظمة العفو الدولية "أمنيستي" بأنَّ المهملة بمثابة اللمسات الأخيرة على المُداهمات طويلة الأمد المُستهدفة للمعارضة، ومحاولة إسكات الأصوات المعارضة الباقية، ونقلت عن محمد زراع، مدير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمهدد أيضًا بالإغلاق قوله "لا تزال هناك حرب مُعلنة على الجماعات الحقوقية المستقلة... إنَّ السلطات إنَّما تسعى لإغلاق الفضاء العام الذي فُتح بفضل ثورة ال25 من يناير، إنَّهم يريدون إسكات ما تبقى من الأصوات المعارضة المطالبة بمحاسبة كل من ينتهك حقوق الإنسان". ورأتْ "الجارديان" أنَّ وصول جماعة "الإخوان المسلمين" إلى سُدة الحكم لم يوقف تلك التهديدات المستهدفة للجماعات الحقوقية؛ بل على العكس حاول "الإخوان" إلزام الجمعيات بقانون أكثر صرامة – على حد وصف الصحيفة – من قانون 2002، وتابعت القول بأنَّ تلك المساعي أحبطتها الإطاحة بالرئيس الإخواني "مرسي" الصيف الماضي؛ إلاَّ أنَّ خلفاءه العسكريين قاموا بصياغة قانون صارم آخر تضخ له المنظمات بمجرد انتخاب البرلمان الجديد. واعتبرتْ الجماعات الحقوقية آخر مصدر مهم لمعارضة الحكومة الحالية الساعية لإسكات المعارضة بحظر تظاهرات الشوارع واعتقال الصحفيين وآلاف المتظاهرين وعشرات الآلاف من السياسيين. وذكرتْ أنَّه منذ 2002، تخضع المنظمات الحقوقية غير الحكومية للعمل وفقًا لقانون يُعطي الحق للسلطات في مراقبة والاعتراض على أي نشاط تقوم به، ومنع الحصول أي تبرع أو منحة من الخارج، ويقول المعارضون بأنَّ القانون يهدف إلى عرقلة أنشطة المنظمات والتي تمولها المنظمات الدولية بشكل أساسي وغير المُواتية في معظم الأحيان للحكومة، وأضافت أنه من أجل التحايُل على هذا القانون، فإنَّ الكثير من تلك المُنظمات تُسجل على أنها شركات للمحاماة أو جماعات بحثية للعمل بصورة أكثر حرية. ولفتتْ إلى أنَّه في يوليو، سعت الحكومة للقضاء على هذه الثغرة القانونية، وأمرت جميع الجماعات المرتبط عملها بأي شكل من الأشكال بأنشطة حقوقية بإعادة تسجيلها وفقًا لقانون 2002 خلال فترة لا تتجاوز 45 يومًا. ونقلتْ عن "حسيبة حاج صحراوي"، نائب مدير منظمة العفو الدولية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا قولها في بيان لها "إنَّ المهلة التي تلوح في الأفق هي حُكم بالإعدام على المنظمات الحقوقية المستقلة في مصر... إنَّ المهلة ليست تمكين الجمعيات من توفيق أوضاعها كما يزعمون؛ بل تُمهد الطريق لإغلاق تلك الجمعيات المنتقدة للسلطات". وقال الصحيفة "البريطانية" إن الحكومة المصرية تنفي أنَّها تحاول كبح جماح المعارضة، وتقول بأنَّها تسعى للقضاء على الثغرات القانونية وقال أيمن عبدالموجود، من وزارة التضامن الاجتماعي التي أصدرت القرار " هذا الأمر ليست له علاقة بالقضاء على المعارضة... فقط أي كِيان يُمارس الأنشطة الحقوقية ينبغي تسجيله بوصفه منظمة حقوقية لا شىء آخر، لماذا كل هذا القلق الذي يشكله التسجيل لهم". لكن الجماعات الحقوقية تقول بأنَّ مخاوفهم واضحة: إنَّ تسجيل جمعياتهم بمقتضي قانون 2002، يجعلهم يرضخون لأهواء الوزارة التي من الممكن أنْ تعرقل أنشطتهم.