أظهرت حالة الهلع التي أصابت سكان العاصمة الجزائرية والمناطق المجاورة لها بعد الزلزال الذي ضربها، فجر اليوم الجمعة، أن ذاكرة الجزائريين ما زالت تحتفظ بذكرى الأحداث المأساوية التي نتجت عن الهزات الأرضية التي شهدتها البلاد خلال العقود الأربع الماضية خاصة زلزالي الأصنام أو (الشلف) عام 1980 وبومرداس والعاصمة عام 2003 بالنظر إلى حجم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي خلفاها. وكانت حالة الهلع بين سكان العاصمة الجزائر الأثر الأبرز الذي خلفه الزلزال الذي ضربها، فجر اليوم بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر حيث نزلت أعداد كبيرة منهم إلى الشوارع، مع تأكيدات رسمية حتى الساعة (10) تغ بعدم سقوط ضحايا أو انهيار للبنايات حتى القديمة أو "الهشة" منها. وكانت الساعة تشير إلى (5.11) صباح اليوم بالتوقيت المحلي للجزائر (4.11 تغ) عندما اهتزت الأرض بالعاصمة وبمحافظات وسط البلاد القريبة منها، لتتحول الشوارع وساحات الأحياء وحتى السيارات ملاذا ومقصداً للسكان الذين غادر أغلبهم مسكانهم خوفاً من تكرار حدوث الهزة الأرضية مرة أخرى بقوة أكبر، أو من هزات ارتدادية عنيفة. وأجمعت أحاديث السكان سواء التي رصدها مراسل "الأناضول"، بأحياء شرقي العاصمة مثل برج الكيفان والرويبة أو تلك التي نقلتها فضائيات وإذاعات محلية على أن هذه الهزة الأرضية أعادت إلى الأذهان مأساة الزلازل المأساوية السابقة التي ضربت البلاد. وبحسب مصادر في مصالح الحماية المدنية (الدفاع المدني)، فإن الأثر الأول الذي تم تسجيله بعد الزلزال هو حالات الفزع والتدافع الكبيرين بين سكان العاصمة إلى جانب تسجيل حوادث محدودة لقفز بعضهم من الشرفات والمنازل، دون أن تذكر تلك المصادر وقوع قتلى أو جرحى نتيجة ذلك. ويكشف هذا السلوك من السكان اليوم أن ذاكرتهم ما زالت تحتفظ بمأساة زلزال عام 2003 والذي ضرب العاصمة وبومرداس، حيث زاد عدد القتلى في ذلك الزلزال الذي بلغت شدته 6.7 درجات عن 2000 شخص، كما ناهز عدد الجرحى الثمانية آلاف، إضافة إلى تضرر وانهيار أكثر من ألف مبنى، فضلاً عن تضرر البنية التحتية بشكل كبير. ومازالت مئات العائلات التي فقدت منازلها في تلك الكارثة تقطن حتى الآن ببنايات مؤقتة سخرتها الحكومة آنذاك لإيواء المنكوبين من الزلزال، فيما تتواصل منذ سنوات عمليات ترحيلهم إلى مساكن جديدة فور إنجازها، حسب السلطات. وكان زلزال أكبر سبقه وضرب مدينة الأصنام والتي تسمى حالياً الشلف شمال الجزائر ديسمبر/كانون الأول عام 1980، وهو الزلزال الذي يعد الأكثر مأساوية في تاريخ الكوارث الطبيعية في البلاد حيث بلغت شدته 7.3 درجات على مقياس ريختر، وقتل فيه 2633 شخصاً وجرح 8369 آخرين فيما فقد المئات إضافة إلى تشريد أكثر من 6 ملايين شخص، وتدمير 70% من مساكن المحافظة، حسب إحصاءات رسمية وقتها. وأكد المركز الجزائري للبحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفزياء(حكومي)، في تقرير أصدره العام الماضي، أن الشريط الساحلي للبلاد (يضم العاصمة وبومرداس والشلف) يعد منطقة نشاط زلزالي سجلت ما معدله 80 هزة ارضية شهرياً خلال العامين الذين سبقاه، إلا أن قوة تلك الهزات لم تتجاوز 4 درجات على مقياس ريختر. وتعد البنايات القديمة أو "الهشة" التي يعود تاريخ بناؤها إلى فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر بين عامي 1830 و1962 أكبر هاجس يثير فزع السكان مع كل زلزال يحدث كونها أكثر عرضة للانهيار، كما أن هذا الهاجس يؤرق السلطات أيضاً التي لم تتمكن حتى اليوم من القضاء عليه من خلال توفير مساكن بديلة لقاطني تلك المساكن وذلك بفعل أزمة السكن الخانقة التي تعيشها البلاد. وتقدر السلطات الرسمية في الجزائر عدد البنايات القديمة التي تعود للفترة الاستعمارية المذكورة بالعاصمة بنحو 12 ألف بناية تقرر خلال السنوات الماضية، إجراء خبرة فنية عليها وترميم ما يمكن ترميمه وترحيل قاطني البنايات الآيلة إلى السقوط إلى مساكن بديلة، بحسب تصريحات سابقة لمحافظ العاصمة السابق محمد الكبير عدو. ووضعت الحكومة الجزائرية مع وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة عام 1999، برامج للقضاء على أزمة السكن في البلاد ومنها مشكلة المساكن القديمة، إلا أن هذا البرنامج ما يزال العمل عليه متواصلاً دون أن يعلن عن انتهائه حتى اليوم، وذلك بفعل تفاقم أزمة السكن في البلاد خلال السنوات الأخيرة . وقال وزير السكن الجزائري عبد المجيد تبون في تصريحات صحفية في أبريل/ نيسان الماضي إن "هناك عجزا في مجال السكن في حدود 700 ألف وحدة سكنية، والحكومة رصدت حوالي 63 مليار دولار للقضاء على هذه الأزمة، وسيتم تغطية حوالي 95 %من الطلب في مجال السكن في آفاق عام 2018