"التعليم العالي": التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات    رئيس جامعة سوهاج: جاهزون لاستقبال العام الدراسي الجديد    قبل انتخابات النواب.. الهيئة الوطنية تتيح خدمة مجانية للاستعلام عن الناخبين    حصيلة الإنتربنك تسجل 400 مليون دولار خلال تعاملات اليوم    صرف رواتب شهر سبتمبر للعاملين بالدولة الأربعاء المقبل    لأول مرة.. خدمة لشراء الهواتف المحمولة المستعملة والدفع لاحقا    محافظ كفرالشيخ يتسلم «أطلس نخيل البلح والتمور في مصر» من ممثلي منظمة فاو    الاحتلال يغلق معبر الكرامة بعد إطلاق نار في محيطه    غزة.. ارتفاع عدد وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 435 شهيدا    الأمين العام لجامعة الدول العربية يستقبل ملك إسبانيا ويعبر عن التقدير لمواقف مدريد المبدئية من القضية الفلسطينية    مشاهدة مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد اليوم في دوري أبطال أوروبا عبر القنوات الناقلة    تقارير: مورينيو يوقع على عقود تدريب بنفيكا    موعد مباراة مانشستر سيتي ونابولي اليوم في دوري أبطال أوروبا عبر القنوات الناقلة    الخطيب يستقر مبدئيا على الترشح لانتخابات الأهلي    "إحماء والمحاضرة الأخيرة".. حافلة الزمالك تصل ملعب مواجهة الإسماعيلي    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    تجديد حبس البلوجر أم سجدة 45 يوما في اتهامها بغسل أموال متحصلة من محتوى خادش    نظام امتحانات أولى بكالوريا.. تفاصيل توزيع الدرجات وآلية النجاح    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    سرقة وصهر الأسورة الأثرية بالمتحف المصري.. قانوني يكشف العقوبة المنتظرة    صفعة على وجه الحضارة.. القصة الكاملة لسرقة إسورة أثرية من المتحف المصري وصهرها    الإنسان وتحولات الواقع.. معرض صور على هامش فعاليات مهرجان ميدفست    «بطة بلدي».. رجال هذه الأبراج يعشقون الكسل و«الأنتخة»    قصة مدينة عملاقة تحت الأرض.. يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    نائبة وزير الصحة: نستهدف الوصول بمعدل الإنجاب إلى 2.1 في 2027    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    أيمن بهجت قمر ينعى الإعلامية يمنى شري: «كانت إنسانة رائعة وجميلة»    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    مقتل 3 عناصر شرطة وإصابة 2 في إطلاق نار بالولايات المتحدة الأمريكية (تفاصيل)    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبيي .. ماذا بعد سيطرة الجيش السوداني ؟
نشر في المصريون يوم 08 - 06 - 2011

مرةً أخرى تعود قضية منطقة أبيي الغنيَّة بالبترول المتنازَع عليها بين شمال السودان وجنوبه إلى صدارة الأحداث، ولكن تأتي هذه المرة بشكلٍ أكثر مأساوية من المرات السابقة؛ حيث قام الجيش السوداني الشمالي بالسيطرة على المنطقة بعد أن تعرَّضت قواته لاعتداء أودَى بحياة 22 جنديًّا عند انسحابهم من المنطقة على أيدي من قال جيش الشمال إنهم قوات من الجيش الجنوبي الذي نفى ذلك أولا ثم قال لاحقًا أنه عمل محدود لأحد جنوده, وهو ما كان يستدعي التحقيق وليس الهجوم الكاسح المدمِّر من جيش الشمال، متهمًا الشمال بأنه كان يعد العدة منذ وقتٍ مبكر للاستيلاء على المنطقة التي دخلها في فترة وجيزة, وأنه ربما خلق المبرِّر من أجل احتلال المنطقة، وقد فرَّ في أعقاب ذلك عشرات الآلاف من المواطنين المدنيين من أبناء المنطقة تجاه الجنوب، وتوالت الإنذارات والمطالبات الدوليَّة للجيش الشمالي بالانسحاب من المنطقة فورًا، كما صدرت اتهامات من جهات دوليَّة للقوات الشماليَّة بارتكاب جرائم عند دخولها المنطقة.
ولم يكن ما جرى في أبيي على مدار الأسبوع الماضي سوى نتيجة طبيعية لأجواء التوتر وانعدام الثقة وانسداد أفق الحل السياسي بين الطرفين الحاكمين في شمال السودان وجنوبه طيلة السنوات الست الماضية من عمر اتفاقيَّة السلام، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة بسبب قرب الإعلان رسميًّا عن انفصال دولة الجنوب في التاسع من يوليو المقبل، دون أن يكون قد تَمَّ حل أي من القضايا العالقة بين الطرفين.
وقبل أسابيع كانت هناك تصريحاتٌ ناريَّة من الرئيس السوداني عمر البشير حول منطقة أبيي وأنها شماليَّة وأنهم مستعدون للحرب من أجلها وكان ذلك ردًّا فيما يرى على محاولة الجنوب ضم منطقة أبيي في دستوره.
وفي الواقع فقد كانت هناك أعمال استفزازيَّة متبادلة وحرب بالوكالة يخوضها كل طرف ضدّ الآخر، ثم كانت الانتخابات الأخيرة في جنوب كردفان عاملا إضافيًّا في تأجيج العواطف حول منطقة أبيي التي كانت تابعةً للجنوب وتم ضمها إداريًّا إلى شمال السودان عام 1905 باختيار أهلها، وتم الاختلاف بشأن تبعيتها للشمال أو الجنوب أثناء مفاوضات السلام السودانيَّة عام 2005، مما اضطرَّ الوسطاء إلى إفراد بروتوكول خاص بها، ثم كان خلاف شريكي اتفاق السلام حول حدود المنطقة، والذي حددته لجنة من الخبراء الأجانب، مما دفع إلى تصعيد القضيَّة للتحكيم الدولي في لاهاي، وبقي أمر الاستفتاء الخاص بسكانها الذين عليهم أن يحددوا الجهة التي يرغبون في الانضمام إليها، والذي تم تأجيله بسبب عدم الاتفاق على من يحق له التصويت.
ولكن سيطرة الجيش الشمالي على المنطقة لا تزال رغم ذلك أمرًا محيِّرًا حيث كان يمكن احتواء ما جرى بوسائل أفضل وخسائر أقلّ وبدون ترويع الآمنين ووضع السودان في مواجهة مع المجتمع الدولي، وقد رفض المسئولون السودانيون في الشمال لقاء وفد مجلس الأمن الذي تزامنت زيارته للسودان مع الأحداث، كما طالبوا بإنهاء مدة بعثة الأمم المتحدة، بينما طالب الجنوب بتمديدها وفق الفصل السابع كما أنه غير معلوم حتى الآن ما هو الهدف من سيطرة الجيش السوداني على وجه التحديد، وهو على ما يبدو ليس حلا وسيبقى غير مقبول من جهات عديدة، وسيضطرُّ إلى مغادرة المنطقة إن عاجلا أو آجلا لأكثر من سبب؛ أولا أن وجوده غير شرعي أو قانوني بموجب اتفاق السلام الذي ينصُّ على إدارة مشتركة من الجانبين الشمالي والجنوبي لهذه المنطقة وثانيًا لأن قرار حلّ إدارية أبيي المشتركة وتعيين حاكم عسكري من قِبل الرئيس السوداني عمر البشير وحده أيضًا غير قانونيّ؛ حيث إن من يتخذ أي قرار في هذا الشأن مؤسَّسة الرئاسة فقط؛ أي الرئيس ونائباه ومن بينهم نائبه الأول رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت، وثالثا لأنه قد يستفز الطرف الجنوبي للدخول في مواجهات وحرب قد تشعل الوضع في السودان كله، ولن تبقى محصورةً فقط في هذه المنطقة الحدوديَّة، رغم أن حكومة الجنوب تسعى الآن لضبط تصرفاتها وردود فعلها، ويبدو أن جلّ تركيزها يصبُّ الآن على الدفع باتجاه يوم التاسع من يوليو لإعلان استقلالها الذي سيجعلها في موقفٍ تفاوضي أقوى وهي ترى أن المؤتمر الوطني يريد استخدام ورقة منطقة أبيي كأداة ضغط وابتزاز له لتقديم تنازلات في القضايا الأخرى المهمَّة بالنسبة له، وخاصة البترول الذي ينتج 80% منه في الجنوب، وقد جعلت حكومة الجنوب القضية بين الشمال والمجتمع الدولي، ورابعًا لأن القوى الدولية -وخاصة الولايات المتحدة- لن تقبل بانهيار اتفاق السلام الذي كانوا شهودًا عليه، والانفصال السلمي للجنوب الذي قاموا برعايته، وإدارة الرئيس باراك أوباما التي تقف الآن على أعتاب الانتخابات تعدّ الانفصال السلمي للجنوب واحدًا من أعظم إنجازاتها، ولن تفرِّط في ذلك بسهولة، وربما استخدمت في ذلك العديد من أدوات الضغط على الخرطوم، ومن بينها ما أشارت إليه سوزان رايس المندوبة الأمريكيَّة في الأمم المتحدة والمؤسَّسة التي أقامها الممثل الأمريكي جورج كلوني لمراقبة السودان بالأقمار الصناعيَّة من وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيَّة وتطهير عرقي في أبيي.
ويبقى أن التصعيد الأخير مثل قمَّة جبل الثلج دلالة على أن الأوضاع في السودان لا تسير على ما يرام، لا بين شماله وجنوبه ولا داخل كل طرف على حدة، وأيضًا كدلالة قاطعة على أن مستقبل العلاقة بين شمال السودان وجنوبه لن تكون علاقة سلميَّة بأي حال من الأحوال إذا ما سارت الأمور على ما هي عليه، وإذا ما استمرَّت ذات السياسات القائمة التي تغلب الآني على الاستراتيجي وقد زعم طرفا الحكم في السودان أنهما سيضحيان بوحدة البلد من أجل السلام، ولكن إذا بالشعب السوداني يكتشف الخديعة وأن وحدته ضاعت مقابل سلام موهوم، وأن من ضيَّع الوحدة لا يبدو أنه سيأتي بسلام، وقد انتهت مباحثاتُ نائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار في الخرطوم بالفشل، وهذه التطورات تخلّف بلا شكّ للمواطنين -في المنطقة التي توصف بالغنية بالبترول- الموت والخراب والدمار ولا تترك للسودانيين جميعًا في شمال السودان وجنوبه سوى مشاعر المرارة والحزن والأحقاد... في بلد تفرض عليه المصالح المشتركة وحركة البشر واعتبارات التاريخ والجغرافيا الحوار والتواصل والتعاون والوصول إلى صيغة تحفظ السلام وحياة وحقوق سكان أبيي من المسيرية والدينكا وباقي سكان المناطق الحدوديَّة، ومعهم حياة ومصالح جموع السودانيين في سائر أنحاء الشمال والجنوب، والتي ستبقى متصلةً في كل الأحوال، وما دون ذلك خلاف لطبائع الأشياء.
المصدر: الاسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.