ما زال الهوس العلماني يصرخ بإعلامه الفاسد وكذبه الفاضح ومكره الخبيث وماله الملوث لعزل الإسلام عن حياة المصريين، والنيل من استقرار أمن الوطن ونمو اقتصاده. حتى سقطت ورقة التوت وانكشف المستور ، واستبان مدى حقد الفئة الباقية منهم وكرههم لدين الله وحملة رسالته. إن هؤلاء الحفنة يإعلامهم السفيه التي زادها الله تعالى مرضا لا يعرفون للأخلاق سبيلا ولا للقيم مكانا ولا احترام إرادة الشعوب منهجا. فقد عمدوا إلى تخوين الإسلاميين من أبناء مصر كرها وحقدا لشرع الله. وقد قابل الإسلاميون السيئة بالحسنة مرات ومرات ورفعوا شعار المشاركة لا المغالية والتسديد والمقاربة والتجميع لا التفريق ولكنهم قابلوا الحسنة بالسيئة والمشاركة والتسديد بالتعالي والغرور وسلكوا مسلك إبليس مع أبي البشر من قبل كبرا وعلوا حتى طف الصاع من سلوكهم البغيض وفكرهم المريض وكرهم لكل خير وليد. إن الكلمة والمسئولية أمانة ولكن هؤلاء لا يعرفون حتى معنى الأمانة ، ودرجوا على التهويل والتخوين ، فقاموا بدور الطابور الخامس بصورة تشمئز منها النفوس السوية والعقول السليمة وقد نفثوا سموهم واستخدموا مكايدهم لتعويق الثورة حتى باتوا هم الوجه الكالح الحقيقي للثورة المضادة. فعلى المستوى السياسي رفعوا شعار الدستور أولا ومجلس رئاسي ضاربين عرض الحائط برأي الأغلبية وحينما لم يجدوا لصراخهم نصيبا لدى المجلس العسكري خرجوا فيما سميت جمعة الغضب الثانية وتفاخروا بأعدادهم التي ادعوها، ومع ذلك يناقضون أنفسهم فإذا قيل لهم : انتخابات مجلس الشعب ستكون أولا ، تصيبهم ارتكاريا الإنتخابات ويشتد صراخهم لفرض وصايتهم على الشعب والالتفاف على خياراته. بل تجاوزا الخطوط الحمراء لشعب مصر المسلم حينما وصفوا الدولة المدنية التي يريدونها بأنها دولة بلا دين لها ، ووصلت الجرأة بأحدهم أن يقول ما دخل الله في السياسة في مسرحية هزلية بطلتها كومبارس مشهود لها بالتمتمة والتلقين والتلون المفضوح والارتكاريا من الدين.. غلت ألسنتهم ولعنوا بما قالوا. وعلى المستوى الأمنى صوروا مصر كأنها غابة من البلطجية لا أمن فيها ولا أمان ثم تباكوا على السياحة وهم بقولهم هذا أول من حاربوا السياحة وأشاعوا الرعب بين الناس. وكأننا أيام المخلوع كنا نعيش في أمن أحسن حالا وعافية أكثر وضعا وهو الذي اقتطع ما يزيد على ميزانية التعليم والصحة معا لتحقيق أمنه وحاشيته والتضحية بأمن المواطنين وترسيخ سياسة زوار الفجر. وعلى المستوى الاقتصادي أشاعوا أن البلد في مرحلة الإنهيار والاقتصاد في خبر كان والإفلاس قاب قوسين أو أدنى من خزينة البلاد وهو أمر لا حقيقة له ولا برهان عليه فخنق ولو جزء ضئيل من فساد النظام المخلوع كفيل بتوفير موارد تلبي المطلوب ، ومن السنن الطبيعية أن الاقتصاد يقوم على الثقة وكم من اقتصاديات قوية دمرتها تصريحات سلبية لهذا أو ذاك أو بفعل الاشاعات المغرضة. وما عليه الاقتصاد المصري في الوقت الراهن شئ طبيعي في ظل مرحلة انتقالية يحتاج فيها الاقتصاد لبعض الوقت للتعافي، فليس من المنطق لمريض أصابه مرض عضال لأكثر من ثلاثين عاما أن تعالجه جرعات من الدواء في أيام معدودات، علما بأن مقومات العلاج موجودة وعوامل النهضة متوافرة ، ومصر بمواردها البشرية والمادية قادرة على الانتقال من مرحلة الفساد إلى مرحلة النهضة والعمران . إن المتعلمنين الذين يريدون لمصر دينا غير الإسلام باسم الدولة المدنية التي يجهلون حقيقتها وهويتها، ويتغامزون على الإسلام وأهله، لن ينالوا خيرا ، وسيرتد عليهم مكرهم، فمصر دولة مدنية إسلامية وستظل كذلك بشعبها وهويتها وعروبتها وصبغتها الإسلامية إلى قيام الساعة مهما صرخ المتعلمنون أو أنفق المال الطائفيون والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. كلمة أخيرة : رحل عن عالمنا الأستاذ الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ، وقد عرفته عالما متواضعا مجاهدا يحمل فكرا مضيئا ولا يخشي في الله لومة لائم. فقد كان له دورا بارزا في الجانب التنظيري والتطبيقي للاقتصاد الإسلامي، حتى أنه كشف بصورة علمية رصينة مثالب سعر الفائدة ، وحلل بصورة واقعية الأزمة المالية العالمية، وكان رائدا في اعتباره الإنسان أساس التنمية في المنهج الإسلامي ، ووضع أسسا عملية لإدارة الدولة في ظل اقتصاد إسلامي، وكان له دورا بارزا في إنشاء وتفعيل المصرف الإسلامي للاستثمار والتنمية (الذي اندمج فيما بعد)، كما عمل مديرا للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية بجدة أثري فيها المعهد ثراء علميا يشهد به الجميع. وقد كان خير من يشجع طلابه لدراسة الاقتصاد الإسلامي ، وقد سعدت بأن كان مناقشا لي في أطروحتى للدكتوراه ، وشاركت معه في العديد من المؤتمرات ، وقد كان بحق قامة فكرية للاقتصاد الإسلامي يدافع عنه ويزود ويتعبد في محرابه ويعلم تلاميذه دون كلل أو ملل بتواضع جم وخلق رفيع. رحم الله أستاذي الأستاذ الدكتور عبد الحميد الغزالي رحمة واسعة وجزاه خيرا بما قدم من علم نافع وعمل صالح وأنزله سبحانه وتعالى منازل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون. www.drdawaba.com