الفساد في مصر نوعان.. الأول: فساد الكبار الذي تختص به فئة الحيتان والديناصورات، وهؤلاء يسهل تحديد أسمائهم ومعرفة حجم أرباحهم الحرام، وأموالهم غير المشروعة. والثاني: فساد الصغار، وهذا تمثله فئة «كبار صغار» الموظفين أو «صغار كبار» الموظفين، فالفرق ليس شاسعا، وهنا تكون الكارثة التي تنخر كالسوس في أساس المجتمع، حيث منبع الفساد، وأصل الرشوة، وبيت القصيد.. ألا وهي «المحليات». بدءاً من سوء توزيع الاسمدة والتقاوي والكيماويات في الجمعيات الزراعية،.. وانتهاء بالاعتداء على أراضي الدولة، واغتصاب حقوقها، والتغاضي عن مخالفات البناء بدون تراخيص، وغض النظر عن أطنان من المخالفات تضيع ما بين مهندس الحي.. ورئيس الحي.. وحتى سيادة المحافظ الذي يتحصل على بعض سلطات رئيس الجمهورية بالتفويض حسب القانون. المحليات.. بداية التنمية الحقيقية، والمنقذ الفعلي لأي خطط استراتيجية، وبدونها «تقف المراكب السايرة»، هي أس البلاء ومنبع الفساد وتطهيرها ضروري.. ولا مناص منه إذا أردنا تغيير وجه مصر، وإزالة التجاعيد والأخاديد من وجوه مدنها ومحافظاتها. خلال أيام وقبل عيد الأضحى سيتقدم رئيس الوزراء بحركة المحافظين الجدد ليعتمدها الرئيس، وبالرغم من «الثورة» القادمة المتمثلة في تغيير حدود المحافظات، ورفع عددها إلى 32 محافظة بعد إعادة ترسيم حدودها، فإن الإجراءات في الترشيح – حسب ما تسرب حتى الآن – تميل ناحية الاعتماد على السادة «اللواءات» سواء من الجيش أو الشرطة،.. وأنا أتفهم أن «الأمن» و«الأمان» أولوية اليوم لدى صانع القرار، والمواطن العادي على حد سواء، وبالتالي يكون الاعتماد على المحافظين ذوي الخلفية العسكرية، وليس في ذلك بأس، ولكننا بحاجة لعقليات اقتصادية وتنموية وابتكارية يمكنها استيعاب خطط التنمية، وابتكار حلول للمشكلات، وجذب استثمارات للمحافظات سواء زراعية او صناعية او سياحية، ودعم افكار جديدة لمشروعات التنمية حسب ظروف وامكانيات كل محافظة، ورفع مستوى المواطنين وتوفير فرص عمل لهم، وذلك كله قد لا يتفق مع الصلابة الأمنية والعسكرية التي يتمتع بها السادة اللواءات ذوو «العسكرية الناشفة» كما نطلق عليها. والحل.. إذا كان ولابد من الاستعانة بالعسكريين في منصب المحافظ لتحقيق الأمن والأمان، فإن من المفيد تعيين «نواب» للمحافظ او رؤساء للمدن من غير العسكريين الذين يمثلون فكرا جديدا على مثل هذه المناصب، ومنحهم صلاحيات تسمح بالتجديد والابتكار، على ان يركز المحافظون «اللواءات» على جانب الامن والانضباط، ويتفرغ نوابهم ورؤساء المدن الكبرى للمهمة الصعبة: تطهير المحليات من الفساد الذي «عشعش» في جوانبها، على مدى عقود طويلة،.. وتحقيق التنمية ورفع مستوى معيشة المواطن. وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66