كتب د.ايهاب احمد "الصحة والفراغ" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس،نستمتع بهما ونتفنن فى إهدارهما دون استفادة حقيقية ولهذا كثيرا مانندم ونعض أناملنا على مافرطنا وضيعنا وعلى ما أهدرنا وأهملنا.. لقد عشت أيامى المنصرمة طريح الفراش أسير الألم،لا أقوى على النوم وكنت أتمنى أن أغمض عينى لأنام كما ينام الناس،أدعو فى جوف الليل ربى أن يهدى ليلى وأن ينم عينى،تقلبت كثيرا وجافى النوم عينى ليالى حتى يأتى الصباح فيهدنى التعب فأسرق بعضا من الوقت لأنام على جراء التهاب حاد أصاب الشعب الهوائية وارتفاع فى الحرارة استعصى على النزول أسبوعا كاملا، ولقد كان كثير من تفكيرى منصبا على مقالة كتبها الدكتور جمال حشمت فى زيارته الأخيرة للراحل الأستاذ عادل عيد وهو على فراش الموت وكيف كانت الممرضات يعاملنه بطريقة لاتليق برجل مثله ملأ الأسماع والأبصار وطالما صال وجال تحت قبة البرلمان وتذكرت ماقاله للدكتور عن هذه المعاملة وقارنت كثيرا بين هذا النوع من الممرضات وبين نوع آخر من الممرضات سهرن الليل معى ، لا أنقطع عن عيونهن لحظة واحدة ولاتكاد تمر نصف ساعة كلما غفوت توقظنى إحداهن لتقيس الحرارة أو الضغط أو لتعطينى الدواء أو لعمل الكمادات حتى بلغ بى الأمر أننى كنت أستحى منهن من كثرة مايعانينه من تعب وأستحى أن اسألهن ان يقدمن شيئا لكن الإبتسامة المعهودة كانت تعلو وجوههن دائما وهن يذكرننى أن مايفعلنه هو دورهن وأنهن لايفعلن مايوجب الشكر، تحسرت على الممرضات فى بلدنا وزادت حسرتى على الطبيبات أيضا من بنى جلدتنا حيث صادف أحد الأيام ان كانت الطبيبة المناوبة مصرية وهى فى مستشفى خاص، بلغت الحرارة معى مبلغها فطلبت من الممرضة أن تتصل بالطبيب المناوب لتأخر الوقت فقال لها أعطيه بانادول خافض للحرارة فطلبت منها أن تعطينى السماعة فصحت فى وجه الطببيبة أن هذا لايليق بها أن تفعله ،درجة الحرارة تقارب الأربعين وتقول أعطيه هذه الحبوب فى نفس الوقت الذى إذا كان الطبيب فيها أجنبيا لايتوانى عن خدمتك، فقلت هذا هو أحد اسرار تخلفنا، لأننا لانقيم للإنسان وزنا ولأن الكثيرين يعملون مرغمين دون حب للمهنة وربما امتهن الكثيرون منا مهنا طلبا للقمة العيش لاحبا وكرامة ولهذا يقتل الإبداع، إن المريض فى لحظات مرضه يكون كالطفل، يحتاج إلى رعاية خاصة وعناية خاصة ومعاملة خاصة،لكن من اين لنا أن ناتى بهذا إذا كان المريض فى مستشفى خاص فما بالك بالمستشفى الحكومى الذى يخدم الفقراء ومحدودى الدخل حيث يعمل الطبيب فى يومه دقائق معدودة ولاتراه إلا متجهما فى وجه مرضاه وعابثا لأنهم فقراء ولايستطيعون التداوى فى عيادته الخاصة، لا أقول متجنيا بقدر ما أقول منصفا ومعبرا عن واقع نعيشه جميعا ونحياه كل يوم... وانقضت أيام المرض الطويله بعد أسبوعين وأحمد الله على تمام العافية وكلى أمل أن تتحول الممرضات فى مستشفياتنا إلى أمثلة حية لملائكة الرحمة ولاستشعار الأجر العظيم فى مهنة سامية وإنسانية لايمكن أن يكافئهن عليها أحد من الناس.... كتب د.ايهاب احمد