استكمالاً لنصائحه لجماعة "الإخوان المسلمين"، التي دعاها فيها إلى هيكلة أوضاعها، طرح القيادي الإسلامي، الشيخ عبود الزمر، على الجماعة وإن كان لم يسمها بعض "الإرشادات" لتقويم تجربتها خلال الفترة الماضية، من خلال الاعتراف مقدمًا بارتكاب أخطاء، للعمل على تلافيها في المستقبل. وساق الزمر من القرآن الكريم ومواقف النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ما يؤكد على ضرورة إعادة النظر والاعتبار، وأن السلف الصالح كانوا يقوّمون أعمالهم ويعيدون النظر من جديد في بعض الأمور برؤية جديدة، مدللاً أيضًا بعملية التقويم من جانب كبار القيادات العسكرية في مؤسسات الجيش المصري في أعقاب نكسة يونيو 1967، دون مشاركة القادة المشاركين في تلك الحرب. ويضع الزمر في مقاله الأحدث ب "المصريون"، تحت عنوان "إرشادات على طريق تقويم التجارب"، الأطر الضرورية لعملية تقويم تجربة كيان أو حزب أو جماعة، والتي وضع على رأسها "المنهج المعتمد لديهم, وهو يمثل الرؤية التطبيقية لمجموعة الأفكار التي تعتنقها الجماعة في الواقع القائم, وهو ما ينبغي أن يكون معيار تقويمه هو الكتاب والسنة". إذ يقول إن "المنهج له أهداف وأسس ووسائل مشروعة فمتى حدث التوافق بين هذه العناصر والكتاب والسنة تأكدنا من صحة المنهج , أما إن وقع خلل في عنصر من عناصر المنهج السالف ذكرها لزم التنويه والتصويب كأن تكون هناك مثلاً وسيلة من الوسائل المستخدمة غير مشروعة". وأضاف: "ثم يبدأ الباحث بعد ذلك في تقويم الخطة العامة فيتساءل هل هناك خطة أم لا؟ فإن كانت موجودة نظر إلى أهداف الخطة ومراحلها ومسئوليات التنفيذ والتوقيتات, فمتى رأى ذلك متحققًا ومطابقًا للمنهج فهو حسن, ثم ينظر بعد ذلك إلى الأحداث التي يريد تقويمها ويتساءل هل هي داخل إطار الخطة العامة أم خارجها؟ وهل كان الخروج عن الخطة لضرورة شرعية أم أن فريقًا من العاملين تجاوز وخرج عن إطارها ؟!". ومضى الزمر قائلاً: "ثم ينتقل مسئول التقويم إلى القرارات فينظر في الحدث هل من أخذ القرار هو الجهة المسئولة أو الشخص المختص أم لا ؟ وهل روعيت جوانب القرار الثلاثة وهي ( الحكم الفقهي الأصلي – الواقع السياسي القائم – القدرة على التنفيذ ) فمتى تحققت الجوانب الثلاث فهو قرار مشروع". واستطرد: "أما إذا لم يتحقق جانب من الجوانب فإن هذا القرار يكون غير مشروع, ومثال ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع زعيم المنافقين حيث كان حكمه الفقهي القتل والقدرة التنفيذية متحققة في الصحابي عبد الله بن زعيم المنافقين، ولكن النبي رفض ذلك سياسة، وقال لئلا يقال إن محمدًا يقتل أصحابه وهو من فقه الواقع لصالح الدعوة إلى الله وهو العنصر الثاني من جوانب القرار المشار إليه آنفًا". وأردف الزمر قائلاً, "ثم ينتقل مسئول التقويم إلى أداء المنفذين فربما يكون القرار خاطئًا, ولكن المنفذين لهم حقوق ينبغي أن تثبت لهم فإن أدوا بكفاءة أشرنا إلى ذلك وإن أخطأوا أوضحنا ذلك في التقرير النهائي, ثم ينتقل المسئول إلى تقويم الآثار المترتبة على الحدث, فينظر على المستوى المحلى والدولي ويرصد السلبيات والإيجابيات, وهكذا نكون قد أشرنا إلى ميزان التقويم الخماسي ( المنهج – الخطة العامة – القرار – أداء المنفذين – الآثار المترتبة)". وقال الزمر: "فإذا انتهت لجنة التقويم من عملها يتم عرض النتائج الختامية على القيادة التي بطبيعة الحال تستفيد من هذا التقويم في رسم الخطة المستقبلية مع تلافي السلبيات التي وقع فيها الكيان أو المؤسسة, وتعميم النتائج على العامة والخاصة كل بحسب موقفه, فالخاصة لهم تفصيلات يتعلمون منها لإدارة مؤسساتهم بشكل أفضل, أما العامة فيكفيهم بعض القواعد المنهجية التي ترتقي بالفهم والوعي".