سعر الدولار عامل كام؟.. تابع الجديد في أسعار العملات اليوم 20 يونيو    القناة 12 الإسرائيلية: 67% من الإسرائيليين يعتقدون أن إسرائيل قادرة على الانتصار على حزب الله لو اندلعت الحرب    في هانوي.. انطلاق المباحثات الثنائية بين الرئيس الروسي ونظيره الفيتنامي    مقتل شخصين إثر حرائق الغابات في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية    اجل.. تركي آل الشيخ ينعي مشجعتي الأهلي ويدعو أسرتيهم لأداء العمرة    فيلم "ولاد رزق 3" يتخطى 114 مليون جنيهًا منذ عرضه بالسينمات    أم طبخت ترابا وفتيات انتحرن، مسؤول أممي يكشف عن مآس يعيشها السودانيين بسبب الحرب    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    في ختام أسبوع العيد.. سعر الذهب اليوم الخميس 20 يونيو 2024 وعيار 21 الآن    النشرة الصباحية من «المصري اليوم»: سحب 4 أدوية من الأسواق.. الموت يخطف عروس المنيا.. حصيلة مرعبة في وفيات الحجاج المصريين.. سبب عدم خروج صلاح أمام غينيا بيساو.. والأرصاد تحذر من طقس اليوم    صحة قنا تكشف حصيلة مخالفات الأغذية والمشروبات المضبوطة خلال أيام العيد    عاجل:- وفاة العديد من الحجاج غير النظاميين خلال موسم الحج 1445ه    عاجل:- استقرار أسعار الحديد والأسمنت في مصر بعد عيد الأضحى    اسعار حفلات عمرو دياب في مراسي الساحل الشمالي    بعد تصريحات اللاعب| هل يرفض الأهلي استعارة «تريزيجيه» بسبب المطالب المادية؟    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    إلى أين تتجه التطورات على حدود إسرائيل الشمالية؟    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    سنتكوم تعلن تدمير مسيّرتين ووحدة قيادة تابعة للحوثيين في اليمن    حماس: تأكيد جديد من جهة أممية رفيعة على جرائم إسرائيل في غزة    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    العطلة الطويلة جذبت الكثيرين إلى المصايف| أين قضى المصريون الإجازة؟    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    إيقاف قيد نادي مودرن فيوتشر.. تعرف على التفاصيل    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    بعد بيان الأبيض.. اتحاد الكرة يبحث عن حكم أجنبي لإدارة قمة الأهلي والزمالك    وزير الداخلية السعودي: موسم الحج لم يشهد وقوع أي حوادث تمس أمن الحجيج    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    «إن كنتم تناسيتم ذلك أنا لم أنسى».. تعليق مثير من محمد عواد بعد إحالته للتحقيق    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    «المالية»: حوافز ضريبية وجمركية واستثمارية لتشجيع الإنتاج المحلي والتصدير    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تامر حسني يشعل حفله بكفر الشيخ رابع أيام عيد الأضحى (صور)    بعد نجاح زراعته في مصر.. هل الكاسافا هو البطاطا؟ الزراعة تجيب    «من أجل كايزر تشيفز».. بيرسي تاو يضع شرطًا مُثيرًا للرحيل عن الأهلي (تفاصيل)    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    كندا تبدأ بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    تطورات جديدة| صدام في اتحاد الكرة بشأن مباراة القمة    وزير الرياضة ينعي مشجع نادي الزمالك    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمعة الغضب الثانية.. وعبثيَّة المرحلة الانتقاليَّة
نشر في المصريون يوم 30 - 05 - 2011

رغم أن كثيرين أعلنوا تخوُّفهم من الدعوة التي انطلقت قبل أيام مضت لجعل جمعة 27 مايو ثورة غضب ثانية، إلا أن نتائجها جاءت في مجملها مخيبةً لآمال مطلقي دعوتها ومعبِّرة عن حالة التشرذم والاستقطاب الذي صبغ المشهد المصري بألوانه القاتمة وحرم المصريين من فرحتهم الطبيعيَّة من إسقاط النظام القمعي الديكتاتوري والتطلع لبناء نظام ديمقراطي على أُسُس سليمة.
فبدلًا من الاستعداد لأول انتخابات برلمانيَّة نزيهة على مدار أكثر من ستين عامًا تحول المشهد المصري إلى حالة عبثيَّة شديدة الخطورة تكاد تعصف بالحلم الديمقراطي، ولم تكن جمعة الغضب الثانية إلا تجليًا من تجليات العبثيَّة الواضحة بعد أن أراد منظموها أن تتحوَّل إلى جمعة للانقلاب على الخيار الديمقراطي ومصادرة إرادة الشعب المصري التي عبَّر عنها من خلال استفتاءٍ حرٍّ نزيه، فالمرحلة الانتقاليَّة الحالية انتقلت من مرحلة يُراد منها تهيئة الأجواء للانتخابات القادمة إلى مرحلة لتكسير العظام ووأد الأمل الديمقراطي واغتيال حلم الشعب المصري... هذه التجليات العبثيَّة يمكننا رصدها من خلال التحليل الدقيق لمجمل ما تمرّ به مصر من أحداث.
أولًا: جاءت الدعوة لجمعة الغضب الثانية كمحاولة للضغط على المجلس العسكري للالتفاف على نتائج الاستفتاء الأخيرة؛ وذلك بالمطالبة بتأجيل الانتخابات البرلمانيَّة ووضع الدستور قبل الانتخابات البرلمانيَّة، أو إجراء الانتخابات الرئاسيَّة قبل البرلمانيَّة، وهي إجراءاتٌ تعارض نتائج الاستفتاء الأخيرة التي حدَّدت حزمة من الإجراءات تبدأ بالانتخابات البرلمانيَّة ثم الانتخابات الرئاسيَّة ثم اختيار مجلس تأسيسي من البرلمان المنتخب لوضع دستور جديد، وكان يجب على القوى الديمقراطيَّة الالتزام بنتائج الاستفتاء بدلًا من تحريض المجلس العسكري للانقلاب على الخيار الشعبي، والمفارقة المدهشة هنا أن المجلس العسكري رفض رفضًا قاطعًا الالتفاف على نتائج الاستفتاء وأعلن وبكل وضوح التزامه بنتائجه.
ومن جانبه اعتبر الدكتور حسن أبو طالب المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسيَّة والاستراتيجيَّة مطالب المتظاهرين اليوم الجمعة بمثابة ردة على نتيجة الاستفتاء الذي اقترع عليه المصريون، واستغرب من مطالبات الإسراع بمحاكمة الرئيس الأسبق ومعاونيه، وهو مطلب غير عادل لمن يطالبون بالعدالة.
ثانيًا: كانت أبرز مطالب جمعة الغضب الثانية تشكيل مجلس رئاسي مدني لإدارة شئون البلاد عوضًا عن المجلس العسكري، وهي الدعوة التي لاقت استهجانًا واسع النطاق؛ إذ تمثل محاولة مفضوحة لفرض أشخاص بأعينهم على المجلس الرئاسي كنجيب ساويرس الملياردير المعروف وبعض الأطياف العلمانيَّة المتحالفة معه والمرتبطة ارتباطًا واضحًا بأجندات خارجيَّة، ورغم أن هذا المطلب يشكِّل خروجًا على نتائج الاستفتاء الأخير إلا أنه من جانب آخر يمثل عبثًا واضحًا من الناحية الإجرائيَّة المتمثِّلة في كيفيَّة اختيار أعضاء المجلس الرئاسي وهل ستكون بالانتخابات؟ وكيف لو أتت الانتخابات بوجوه من خارج اللوبي العلماني – الساويرسي؟ هل سيستلزم الأمر الدعوة إلى جمعة غضب ثالثة على أساس أن الشعب المصري لا يدرك مصلحته وواقع تحت تأثير وسطوة الإسلاميين؟!! ولماذا لا نوفر على أنفسنا كل هذا العبث ويذهب الشعب بعد أشهر قليلة لاختيار رئيسه القادم عبر انتخابات حرَّة ونزيهة؟!! هذه العبثيَّة دعت الليبرالي المعروف د. وحيد عبد المجيد لأن يقول في جريدة المصري اليوم (الجمعة 27/5) { لا يفكر المطالبون بمجلس رئاسي في الصيغة التي يحكم بمقتضاها وآليات اتخاذ القرار في داخله، وطريقة حلّ الخلافات التي لا بدَّ أن تظهر بين أعضائه تجاه بعض القضايا، ولا حتى في كيفيَّة اختيار هؤلاء الأعضاء الذين لا يزيدون على أربعة أو خمسة في الوقت الذي قد يجد فيه عشرات أنهم جديرون بعضويته}.
ثالثًا: حاول الداعون إلى جمعة الغضب الثانية تدارك العبث الواضح في جملة مطالبهم والتي أدت إلى إعلان القوى الإسلاميَّة من الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعة الإسلاميَّة مقاطعتها، وذلك بإلغاء مطلب تشكيل مجلس رئاسي والإعلان عن حزمة من المطالب لا يختلف أحد على جديتها والالتفاف حولها مثل المطالبة بتسريع محاكمة الفاسدين وتطهير الجهاز الإداري للدولة وإقالة بعض المسئولين في الحكومة الحالية، أبرزهم يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء، والذي تُعزى إليه قيادة قوى الثورة المضادة داخل الحكومة، ولكن اللافت للنظر أن هذه الحزمة من المطالب جاءت متأخرة ولم تستطع إقناع القوى الإسلاميَّة من تغيير موقفها.
وبالرغم من ذلك فإن منصة ميدان التحرير في جمعة الغضب شهدت ترديد ذات الدعاوى المتعارضة مع إرادة الشعب المصري من وضع الدستور قبل الانتخابات أو تأجيل الانتخابات البرلمانيَّة برمتها.
رابعًا: تمثل الدعوة إلى تأجيل الانتخابات البرلمانيَّة قمَّة العَبَث في المشهد المصري، خاصة وأن هذه الدعوة تنطلق من حناجر طالما تغنَّت بالديمقراطيَّة ونعت على مناوئيهم (الإسلاميين) كفرهم بالخيار الديمقراطي؛ ففي الوقت الذي تناضل فيه القوى الديمقراطيَّة في العالم من أجل انتخابات حرة ونزيهة تؤسِّس لإرادة شعبيَّة حقيقية نجد أن مصر تتفرَّد بهذا المشهد العبثي من جانب القوى الديمقراطيَّة التي تطالب بإلحاح بتأجيل الانتخابات لمدة سنة أو سنتين أو رهن استعدادها لإجراء الانتخابات، ولم يستحِ البعض من الدعوة إلى تسليم السلطة للجيش وتسمية المشير حسين طنطاوي رئيسًا للبلاد!! سبب الفزع والهلع يشرحه د. وحيد عبد المجيد في مقاله "لماذا يخشون الديمقراطيَّة" بقوله: "يظل القاسم المشترك الأساسي بين المطالبين بتأجيل الانتخابات هو الخوف، معلنًا أو مستترًا، من إجرائها في سبتمبر المقبل، وبلغ خوف بعضهم مبلغًا غير معقول عندما دعوا لأن يكون تأجيل الانتخابات أحد مطالب "مليونية" اليوم، وهذه سابقة لا بدَّ أن يسجلها التاريخ؛ فلم يحدث أن دعا ديمقراطيون إلى مظاهرات ضدّ إجراء الانتخابات.
المعتاد هو أن يتظاهروا سعيًا لإجرائها ولانتزاع ضمانات تكفل سلامتها وحريتها ونزاهتها، والمعتاد، أيضًا، أن يتظاهر خصوم الديمقراطيَّة ضد الانتخابات.
وهذا هو ما حدث عام 1954 عندما خرجت، أو أُخرجت في رأى البعض، مظاهرات ضد الديمقراطيَّة والانتخابات، ولذلك كله، ولغيره، يخاطر دعاة تأجيل الانتخابات البرلمانيَّة المقرَّر إجراؤها في سبتمبر بصورتهم في الشارع، ويضعون أنفسهم في موضع من ينقلب على الديمقراطيَّة بالرغم من أنهم ديمقراطيون حقًّا! وقد يُنظر إليهم كما لو أنهم مستعدون للعصف بالديمقراطيَّة إذا لم تأتِ بهم إلى السلطة مثلما فعل فصيل صغير من الليبراليين في مرحلة دستور 1923، فقد تحالف حزب الأحرار الدستوريين مع قوى غير ديمقراطيَّة، وتواطأ مع القصر لإلغاء نتائج أكثر من انتخابات خسرها عبر حلّ البرلمان، كما شارك في تزوير بعض الانتخابات من أجل الوصول إلى السلطة".
هذه الفوبيا المرضيَّة تحتاج إلى دراسة جدية في البحث عن أسباب تجذُّر الحسّ الديكتاتوري داخل النخب الديمقراطيَّة، ولماذا تمارس النخب العلمانيَّة السياسة كما تمارسها النخب السلطويَّة الحاكمة؟ ولماذا هي ديمقراطية على المقاس فإذا ما اتسع الثوب الديمقراطي ليشمل جميع الأطياف هدمنا المشهد على من فيه؟!!
خامسًا: يمثل الإعلام المصري مظهرًا آخر من مظاهر العبث في المشهد المصري بشقيه (الرسمي والخاص) ولم يتجاوزْ حالة الاستقطاب الحاد في المشهد المصري، فالآلة الإعلاميَّة تشكِّل رأس الحربة في التمهيد للانقلاب على الخيار الديمقراطي عبر الترويج للمطالب الداعية إلى استبدال مطالب معينة بحزمة الإجراءات التي تَمَّ الاستفتاء عليها، كما أنها تعمد إلى بثّ حالة من الفزع والترويع في المجتمع المصري من الإسلاميين عبر تسليط الأضواء على حوادث فرديَّة لا تعبِّر عن الاتجاه العام داخل التيار الإسلامي، أو نسبة حوادث بعينها إلى التيار الإسلامي وخاصة السلفي منه، دون انتظار لنتائج التحقيقات كما هو معمول به في كل دول العالم، والتي غالبًا ما تخرج بتبرئة التيار السلفي.. هذه الحالة الإعلاميَّة المرضية خلقت حالة من البلبلة في المجتمع المصري دفعت المجلس العسكري لمطالبة الإعلام بأن يتقي الله فيما ينشر من أخبار.
وقد وضح في جمعة الغضب كيف اصطفَّت وسائل الإعلام خلف عمليَّة الحشد الجماهيري، وهي التي وقفت موقفًا مائعًا في أيام الثورة الفعليَّة بدءًا من 25 يناير ومرورًا بأيامها العظيمة.
وبالجملة فإن جمعة الغضب الثانية رغم اتفاق معظم المراقبين والمتابعين على عدم تحقيقها لأهدافها إلا أنها عكست حالة المأزوميَّة التي تعانى منها الحالة السياسيَّة المصريَّة والعبثيَّة التي تصبغ المشهد برمته، كما أنها أكَّدت على المعنى الذي قرَّرته جمعة الغضب الأولى وما تلتها من أحداث أن تحديات المشهد المصري أكبر من أن ينفرد بها فصيل بمفرده وأن حالة التوحُّد التي صنعتها أيام الثورة الأولى ما زلنا في احتياج إليها لنعبر بها المرحلة الانتقاليَّة نحو تأسيس مجتمع ديمقراطي يقوم على التعدديَّة واحترام حقوق الإنسان.
المصدر: الاسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.