هاجم الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، منددًا بماذكره الأخير بأن خيرة أئمة الأزهر الشريف دعوا إلى فصل الدين عن الدولة فى مصر منذ القرن التاسع عشر حتى الآن. وقال شومان، فى مقال نشرته جريدة "الأهرام"، معقبًا على مقال لعصفور نشرته ذات الصحيفة بتاريخ 24 يونيو 2014 على صفحة كاملة عن "صراعات الخطابات الدينية فى مصر"، إن وزير الثقافة حشر فيه عددًا من خيرة أئمة الأزهر الشريف وشيوخه فى زمرة من يسميهم التنويريين الذين دعوا إلى فصل الدين عن الدولة فى مصر منذ القرن التاسع عشر حتى الآن. وفندَّ وكيل الأزهر ما ادعاه عصفور فيما يتعلق برفاعة الطهطاوي ، ومحمد عبده، وشلتوت حتى شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب. وقال إن "الدكتور عصفور هو واحد من الذين يبشرون بالتنوير الغربي القائم على الفلسفة الوضعية التي أثمرت العلمانية - التي فصلت الدين عن الدولة - وأحيانًا فصلته عن الحياة، وهو دائم الدعوة إلى "مدنية الدولة" التي تعنى - عنده - علمانيتها، وكثيرًا ما كتب - فى الأهرام - أن "المدنية" عنده هي العلمانية، ولكن لأن مصطلح العلمانية قد أصبح سيئ السمعة فإنه يستخدم مصطلح المدنية بمعنى العلمانية"! وتابع: "لم يقف الدكتور جابر عصفور فى مقاله هذا عند حدود ظلم الراحلين من علماء الأزهر الشريف ، وإنما سولت له نفسه ظلم شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب، فحشره فى زمرة التنوير بين الداعين إلى مدنية الدولة بمعنى علمانيتها، ولقد نسى الدكتور عصفور أو تناسى أن الدكتور الطيب قد رفض عند وضع وثيقة الأزهر، وأثناء وضع الدستور مصطلح "المدني" و"المدنية" لإدراكه أن هذا المصطلح فى معناه الأوروبى الحالي هو المقابل "للديني"، ولأن البعض فى بلادنا ومنهم الدكتور عصفور يستخدمونه بمعنى "علماني" و"علمانية" . وأشار إلى تجاهل عصفور أن "الدكتور أحمد الطيب هو صاحب كتاب "التراث والتجديد: مناقشات وردود" وفيه أبلغ رد على دعاة التنوير الغربي والحداثة الغربية والتأويل العبثي للنصوص الدينية، الذين يريدون تفريغ الإسلام من الدين والوحي والغيب والإعجاز، وتحويل الإلهيات إلى إنسانيات، ووضع الفيزيقيا محل الميتافيزيقيا، وتحويل الدين إلى أيديولوجية، والانتقال من العقيدة إلى الثورة، وعلمنة الدين وأنسنته، لتصبح الإنسانية بهذا الغلو اللاديني بدون إله"! وشن وكيل الأزهر هجوما عنيفا على وزير الثقافة، قائلاً إن وزارته أصدرت هذا العام كتابًا فى سلسلة مكتبة الأسرة التى تباع بأقل من سعر التكلفة، لأنها مدعومة من أموال دافعي الضرائب، جاء فيه من الفجور اللاديني ما لم يسبق له مثيل فى تاريخ الخطابات الدينية فى أي بلد من بلاد الإسلام. وواصل: فقد نشرت وزارة الثقافة فى هذا الكتاب: "إن القرآن لا تزال توجد فيه حتى الآن الأخطاء النحوية واللغوية"! وعلى هذا الدرب - درب خطاب الغلو اللادينى - سارت مجلات وزارة الثقافة؛ ففى افتتاحية الفكر المعاصر عدد خريف 2013 نقرأ: "أن الإسلام فى حقيقته دين علماني، وأن الحضارة الإسلامية لم تزدهر إلا بفضل علمانيتها"! وشدد شومان على أن "عصفور" تجاهل فى حديثه عن الخطابات الدينية هذا الخطاب الديني لوزارة الثقافة القائم على نشره بأموال الدولة تلامذته ومريدوه، وهو خطاب بلغ فى الغلو اللاديني الحد الذي يستفز الكثيرين فيدفعهم إلى الغلو الديني، الأمر الذى يزرع الأشواك ويضع الألغام على طريق الوسطية الإسلامية التي يعمل الأزهر الشريف على إشاعتها وتنميتها وتزكيتها، سعيا إلى تحجيم غلوي: الإفراط والتفريط فى الفكر الديني والخطاب الديني.