يبدو أن قدر مصر منذ قيام شعبها بثورة (25) يناير المجيدة وحتى اليوم ،أن حكامها لايستطيعون لجم جبروت السلطة وبريقها فى نفوسهم، حين يتربعون على سدة الحكم ،ولذلك نراهم يسارعون بغلق ملفات أخطاء وجرائم من سبقهم، وبدون ان يقفوا على أسباب سقوطهم وغضب الشعب من أفعالهم، حتى يمكنهم تلافيها، وذلك بالإستجابة الفورية وبدون مماطلة لكل أمنيات الأمة المصرية ومطالبها المعلنة فى (العيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية)، وهو ماحدث- للأسف - فترة حكم المجلس العسكرى، وخلال عام حكم جماعة الإخوان ،وخلال الفترة الإنتقالية التى أعقبت ثورة (30) يونيو التصحيحية وحتى اليوم . المضحك والمبكى معاً ،أن حكامنا تعودنا منهم ،عدم الإهتمام بعبر التاريخ والجغرافيا ،والعزوف عن سبر أغوار تجارب الشعوب الحية للوقوف على أسباب تقدمها وتحضرها، وعدم الإلمام بواقعنا المصرى المعاصر ،والأبعاد الأربعة التى تنازع الإنتماء العربى لمصر، والتى حددها مفكرنا الجغرافى العظيم "جمال حمدان" فى البعد الأفريقى والأسيوى والنيلى والمتوسطى ،والتى يحاول كل بعد منها جر مصر فى إتجاهه، و عدم الإلمام بتأثيراتها فى تكوين الشخصية والهوية المصرية، ونتيجة لقصور حكامنا هذا ،ضاع الكثير من وقت الوطن فى صراعه مع الزمن ،لتعويض مافاتنا من تقدم، ولنفض لباس الجهل والفقر والتخلف عن جسد الأمة المصرية ،حتى تعيد من جديد بعث الحضارة المصرية العملاقة ،والتى تشهد عليها آثار الإمبراطورية المصرية العظيمة خلال فترة توهجها الحضارى والإنسانى فى العصر القديم وحتى ندلل على كل ماتقدم، فإننا نقر بأن الحضارة الغربية قد قدمت للبشرية الديمقراطية كنظام للحكم، والتى إستقرت أركانها وأسسها فى تخومها منذ قرابة قرنين من الزمان،وذلك بعد كفاح ونضال طويل، ساهم فيه المفكرون والفلاسفة منذ أرسطو وأفلاطون وحتى فلاسفة القرن الثامن عشر وماقبلهم كجان جاك روسو ووديدرو وفولتير وميرابو ومونتسكيو وهوبز ولوك ..الخ للإفصاح عن مطالب ومثل الطبقة الوسطى، التى تعد قاطرة التقدم الحضارى والتنموى فى أى مجتمع يبحث عن مكانة مرموقة له تحت الشمس . لكن حكامنا – اليوم – يضيعون الوقت، حين يحاولون إعادة إختراع العجلة من جديد ،بتطبيق نظم حكم عفا عليها الزمن وثبت فشلها ،ولايروج لها و يخدع الشعب بها سوى كل مطبل أومنافق أوفاسد، يزين لكل رئيس مصرى ، أن يكون مستبداً صالحاً وحاكماً منفرداً بالحكم ،حتى يستطيع إنتشال مصر من أزمتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأخلاقية ،و حتى يتحقق الإستقرار للبلاد، والقضاء على الفوضى والإرهاب الأسود، و حتى يعيد للدولة المصرية هيبتها ،حتى ولوكان الثمن، تقييد الحريات، والإعتداء على حقوق الإنسان وكرامته، وهى دعوة مغرضه – بلاشك - تجاوزتها الحضارة الغربية - مخترعة النظم الديمقراطية – حتى تستطيع الحفاظ على مستقبل الأوطان وإستقرارها وتقدمها ،على نحو ماشاهدته أوروبا زمن هتلر وموسولينى وستالين . إن معيار هيبة الدولة وقوتها، يكون فى مدى قدرتها على إحترام أحكام الدستور والقانون والحريات العامة والخاصة وحرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة ،وبدون ذلك تعد الدولة المصرية ،ضعيفة ومصابة بالهشاشة، التى لاتمكن الدولة من التصدى لأزماتها و للعدوان الخارجى أوالداخلى على السواء، مما يعرض لحمتها وجبهتها الداخلية للتفكك والإنقسام والتشرذم . ولأن الحريات كل لايتجزأ، ولايمكن فصل بعضها عن بعض، فليس هناك إلاحرية واحدة، وأن جميع الحريات متضامنه فيما بينها ،وأن إنتهاك إحداها هو إنتهاك لجميع الحريات، فماذا سيكون مصير حرية التفكير بدون الحرية الفردية ؟، وحرية التعبير عن الرأى بدون حرية الإجتماع والتظاهر والإعتصام السلمى ؟، وحرية المواطنين فى إختيار زعمائهم بدون حرية نقدهم ؟ ، وماذا سيكون مصير كل هذه الحريات بدون حرية الصحافة والميديا؟، التى تمكنا الشعب من إنتخاب ممثليه بحرية، وتقوما بدورهما العظيم ،فى تكوين الرأى العام ،وتهذيب ورفع مستواه ووعيه الثقافى والسياسى والإجتماعى والمعنوى، حتى تكون للأمة وسيلة فعالة ،تقوم بواجبها فى مراقبة الحكام مراقبة حقيقية ،بمناقشة أعمالهم فى إدارة الشئون العامة للبلاد ، وفى إنتقادهم إذا ماإرتكبوا أخطاء جسيمة كانت أو تافهة ،وفى إرشادهم لطرق الإصلاح التى تتطلبها المصلحة العامة، حتى تتلافى سوء إستعمال السلطة حيث "أن قدرة الدولة تستند على روحها الديمقراطية ،وإن النقاش الحر والنقد الحر( فى البرلمان وفى الشارع وفى الصحافة وفى التلفاز وفى الإذاعة ...الخ )هما بمثابة الدم الحى للديمقراطية "حسبما ذكر السياسى البريطانى "أتلى" فى أربعينات القرن الماضى . من هنا نستنكر ونحذر الرئيس " السيسى "، من الإستماع لجوقة المنافقين والفسدة ،الذين يعلمهم ويعرفهم الشعب المصرى ويحتقرهم فرداً فرداً، والذين أعطوا لأنفسهم الحق فى التحدث باسم الرئيس، والإيحاء لعامة الناس بقربهم من رأسه وأذنه ،ويعملون ليل نهار للوقيعة بينه وبين أصحاب الأقلام الحره والقامات المصرية الرفيعة والنظيفة ،حتى تخلوا الساحة لفسادهم وإفسادهم . الرئيس "السيسى" وقد إنتخبه الشعب رئيساً لكل المصرين موالاة ومعارضة ،وهو الذى تعهد برفع الظلم والإضطهاد عن كل وطنى شريف، والذى أعلن أنه ليس مديناً "بفواتير" لأحد غير الشعب المصرى ، مطلوب منه اليوم- قبل الغد -الإنتصار لباسم يوسف وبلال فضل وعلاء الأسوانى وفهمى هويدىوشباب ثورتى (25) يناير و(30 )يونيو وغيرهم من شرفاء هذا الوطن حتى لوهاجموه أوإنتقدوا سياساته ومواقفه أو توجسوا من رئاسته للدولة المصرية مخافة عسكرتها ،لأنه بدون معارضة قوية وشريفة ومسئولة لنظام حكمه، لن تنعم مصر فى عهده بنظام ديمقراطى حقيقى ، ولن يتقدم الوطن ويستقر ، و لن ينتصر فى كل معاركه الأنية والمستقبلية ، ضد الفساد والإرهاب والمرض و ضد كل قوى التخلف والجهل والعمالة والإتجار بالدين والإرتزاق بالسياسة .