حزب الإصلاح والنهضة يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة عن «الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي»    القمة العربية.. الرئيس السيسي: القضية الفلسطينية لا حياد فيها عن العدل والحق    غدًا.. انطلاق فعاليات الأسبوع التدريبي ال37 بمركز التنمية المحلية في سقارة    رئيس الوزراء: منجم السكري مشروع ضخم يوفر آلاف فرص العمل    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    القمة العربية ال 34.. نائب مجلس السيادة السوداني يدعو للمساهمة في إعادة إعمار السودان    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    نهائي مصري خالص للسيدات والرجال ببطولة العالم للإسكواش بأمريكا    الزمالك يفاوض ميشالاك على مستحقاته تجنباً لإيقاف قيد جديد    عاجل.. ريال مدريد يتعاقد مع صخرة دفاع بورنموث    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    ضبطيات تموينية مشددة وموسم توريد ناجح لقمح الدقهلية    تحذير هام من الأرصاد بشأن حالة الطقس خلال الساعات القادمة    المشدد 3 سنوات للمتهم بهتك عرض طفل بحلوان    تعليم الوادى الجديد: تنظيم مراجعات نهائية للإعدادية بالتعاون مع الأوقاف    حكايات من قلب التاريخ فى اليوم العالمى للمتاحف :همسات الأساطير تفتح أبواب «خزانة الأسرار»    رئيس المجلس الرئاسى فى اليمن: ندعم خطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي في سبتمبر المقبل    عيد ميلاد الزعيم.. يسرا تتربع على عرش سينما عادل إمام ب17 فيلمًا    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    وزير الأوقاف: الطبيب البيطرى صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الله    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    في يومه العالمي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل وكيفية تجنبه    محافظ أسوان يشيد بإجراء أكثر من 20 عملية جراحية والتعاقد مع 200 استشاري    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    أول رد من جورج وسوف على شائعات وفاته    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    حريق يلتهم 37 خيمة بمخيم للنازحين السوريين شمالي لبنان    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    رئيس الوزراء يستمع لشرح تفصيلى حول التشغيل التجريبى للأتوبيس الترددى    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    ريفيرو يبدي إعجابه بثنائي الأهلي.. ويكشف عن رأيه في الشناوي (تفاصيل)    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير: اعتصام "رابعة" لم يكن مسلحا وإفراط فى استخدام العنف
عن أحداث العنف بمصر لعام 2013
نشر في المصريون يوم 18 - 06 - 2014

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريرا حول عدد من أحداث العنف السياسي التي ضربت مصر بقوة في الأسابيع التي سبقت وتلت عزل حكومة الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013، وحملت الدولة المسئولية الأساسية عما قد يكون أسوأ اعمال عنف في تاريخ مصر الحديث من حيث عدد الضحايا الذي تجاوز الاف القتلي والجرحى. وقدمت المبادرة المصرية تقرير "أسابيع القتل: عنف الدولة والاقتتال الأهلي والاعتداءات الطائفية في صيف 2013" إلى اللجنة القومية المستقلة لجمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق التي واكبت ثورة 30 يونيو سنة 2013 وما أعقبها من أحداث -- وذلك بناء على طلب اللجنة في اجتماع معها في وقت سابق هذا العام.
وأكد التقرير أن الدولة هى المسئول الأساسى عن إنتهاكات حقوق الإنسان سواء بمشاركة قوات الأمن بشكل مباشر او بتقصيرها عن حماية الأرواح والممتلكات للمواطنين من الاعتداءات الواقعة من جهات غير رسمية
كما حمل التقريرأيضا المسئولية لأعضاء جماعة المسلمين للعنف المباشر ضد منشآت عامة أو ممتلكات خاصة ، او توظيف الخطابة للحض على الكراهية والتميز الطائفى
ووصف التقرير الأحداث فى أربعة أجزاء من تناول فض إعتصامى ميدان رابعة والنهضة ،وذلك لأنهما الحدثان الأكبر والتى شهدت العديد من الضحايا
يرى التقرير فى الجزء الاول أن عدد الضحايا فى 11 ساعة يصل 499 شخص وفق الطب الشرعى و932 وفق المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والاجتماعية وهو الرقم الأكثر دقة ،وميدان النهضة والذى توفى 87 شخصا
وأكد التقرير ان قوات الأمن فشلت فى التخطيط لعملية فض الإعتصام بغية تقليل حجم الخسائر
وأوضح التقرير أن قوات الأمن استخدمت القوةة المميتة بغير وجه حق فى أكثر من حالة إأستهدف عدد كبير من المعتصمين دون دليل على وجود سلاح معهم
ولفت التقرير الأنظار إلى ان الإخوان لم يبذلوا جهدا لتقليل عدد المتواجدين من أنصارهم فى الإعتصام مع بدء عملية الفض وحجم الخطر الذى يتعرض له المعتصمون ، ولا يمكن تحديد الوقت الذى بدء فيه المعتصمون إستخدام الرصاص ، ويشير التقرير إلى أن المعتصمين استخدموا الطوب والزجاجات الحارقة والأسلحة البدائية ،وان عدد أقل إستخدموا الذخيرة الحية ، ومن الواضح من شهود العيان ومقارنة الضحاي بين الجانبين أن اغلب الضحايا من المعتصمين وكانوا من العزل ، وإعتصام رابعة لم يكن اعتصاما مسلحا ، على الطريقة التي كان عليها اعتصام النهضة، كما أن تصريح وزارة الداخلية الرسمي، الذي قالت فيه إن قوات الشرطة عثرت على عشر قطع من السلاح الآلي و29 بندقية خرطوش يؤكد أن التعامل مع اعتصام رابعة لم يتطلب هذه الدرجة من التدخل العنيف والاستخدام المفرط للقوة المميتة." ويظهر أيضًا من مقاطع فيديو لعملية فض الاعتصام أن عددًا من القتلى لم يكن يشكل أي تهديد على الإطلاق، وأن "إطلاق الرصاص بصورة عشوائية لفترات طويلة من جانب قوات الشرطة أسقط الكثير من الأبرياء، كان بعضهم في أثناء محاولته الهرب أو الاختباء."
وتعتقد المبادرة المصرية أن قوات الأمن كان يجب عليها أن تراعي مبدأين رئيسيين في التعامل مع اعتصامي رابعة والنهضة، هما: التناسبية، وحسن الإدارة. وقال التقرير ان "من أهم قواعد حسن الإدارة في التعامل مع التجمعات والاضطرابات العامة، أنه في حالة اتخاذ قرار باللجوء إلى القوة ... ينبغي على الحكومات وضع مجموعة من الاستجابات وردود الفعل الممكن اتخاذها في أكثر من سيناريو مختلف, وكيفية التعامل مع كل سيناريو بالطريقة الملائمة والمتناسبة." ولا يبدو من الوقائع الواردة في التقرير أن قوات الأمن خططت بصورة جيدة لاحتمال محاولة صد الاقتحام، باستخدام الأسلحة النارية من قبل المعتصمين. ويظهر من الشهادات المتفرقة ومن إفادات المعتصمين أنفسهم أن إطلاق النار من جانب المعتصمين جاء فقط من ناحيتين، الأولي من بعض غرف داخل دار مناسبات رابعة العدوية، واالثانية من مبنى غير مكتمل الإنشاء، الذي يطل على شارع الطيران، المسمى بعمارة المنايفة.
وقد تحدث باحثو المبادرة إلى أكثر من 40 شخصًا، من ضمنهم متظاهرون ومصابون وأطباء ميدانيون ومسعفون وصحفيون ومراسلون تواجدوا بموقع الحدث، وأطباء باشروا علاج الحالات المصابة ومتطوعون ساهموا في حصر الجثث وفي توثيق الوفيات والإصابات ومسئولون حكوميون. كما قام باحثو المبادرة في المساهمة في حصر الجثث وفي تقديم المساعدة القانونية في مصلحة الطب الشرعي، والتواجد في المستشفيات وفي مشرحة زينهم وهو ما سمح لهم بمعاينة عدد من الجثامين وبالاطلاع على تقارير الوفاة وتقارير التشريح الظاهرية. وقد قام باحثو المبادرة ومحررو التقرير بمطالعة تقارير ميدانية عن الواقعة ومراجعة البيانات الرسمية وتصريحات المسئولين وقيادات وزارة الداخلية.
وإضافة لعنف الدولة وخاصة قوات الشرطة التي استخدمت القوة بصورة مفرطة، يظهر التقرير اهمية دراسة النمطين الآخرين من العنف خلال فترة الدراسة وهما "العنف الأهلي" و "العنف الطائفي".
ويوضح التقرير ان أعمال العنف الأهلي، أي العنف بين مجموعات مدنية غير ذات صفة رسمية، سواء كانت منظمة كتشكيلات ما يعرف "بالبلطجية" المأجورين، أو منتمية إلى تيار سياسي، او غير منظمة، قد استشرت في الفترة محل الدراسة. وعلى الرغم من تواضع مستويات التسليح المستخدمة في هذه الصدامات، إلا أنها قد أدت إلى حصد أرواح عشرات من المصريين وجرح مئات وفقدان عديدين لممتلكاتهم. وتؤدي أعمال العنف الطائفي، أي ممارسة العنف ضد المنتمين إلى جماعات دينية بعينها دونما تمييز، وعلى أساس هويتهم الدينية، إلى تحميل الضحايا مسئولية مواقف سياسية معينة (حقيقية أو مفترضة) اتخذتها قيادات هذه الجماعات والطوائف.
وقد تداخلت هذه الأنماط الثلاثة من العنف عبر الحوادث المختلفة التي يتعرض لها التقرير الذي ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول، يغطي الفترة من 30 يونيو 2013 حتى 5 يوليو 2013 التي اتسمت بهيمنة العنف الأهلي. الجزء الثاني، يغطى الفترة من 8 يوليو حتى 14 أغسطس التي اتسمت بهيمنة عنف الدولة. والجزء الثالث، يغطى الفترة من 14 أغسطس حتى 17 أغسطس التي اتسمت بهيمنة العنف الطائفي.
ويخرج توثيق كل أحداث العنف في هذه الفترة بشكل منضبط عن قدرة أي منظمة حقوقية أو مؤسسة بحثية منفردة، لا يمكنها أن تقدم سوى مؤشرات قد تسهم في فهم ما يجري حتى الآن. ولذا لم يتعرض التقرير إلى أحداث وقع فيها مئات القتلى والجرحى مثل أحداث رمسيس ومسجد الفتح والنزهة والألف مسكن (القاهرة) والعمرانية وكرداسة (الجيزة) وكوم الدكة (الإسكندرية) والسويس وعدة أماكن أخرى في مصر، لم يتمكن باحثو المبادرة ساعتها من القيام برصدٍ تفصيلي مباشر لها وقت تفاقمها.
وتناول الجزء الأول من التقرير أربع وقائع شهدت تصاعدًا غير مسبوق لأحداث العنف الأهلي (اشتباكات بين أفراد وجماعات مدنية غير ذوى صفة رسمية)، وقعت في الفترة من 30 يونيو إلى 5 يوليو، وأسفرت عن مقتل 53 شخصًا وإصابة المئات، وهي الأحداث التي كان غياب الدولة عاملًا أساسيًّا في تفاقمها. وثق الجزء الأول أحداث المقطم التي وقعت في يوم 30 يونيو، والمعروفة باسم "اشتباكات مكتب الإرشاد"، التي استمرت لأكثر من 16 ساعة، وانتهت بمصرع سبعة أشخاص وإصابة 31 شخصًا. وثق هذا الجزء أيضًا أحداث منطقة بين السرايات، التي وقعت يوم 2 يوليو، واستمرت حوالي 18 ساعة ونتج عنها وفاة 25 شخصًا وإصابة آخرين، وأحداث سيدي جابر في يوم 5 يوليو، التي استمرت لمدة 9 ساعات وأسفرت عن وفاة ستة عشر شخصًا. وأخيرًا، أحداث المنيل، في يوم 5 يوليو، التي استمرت قرابة العشر ساعات، وأدت إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل (بالإضافة إلى وفاة شخص أصيب في الأحداث وتوفي بعدها ب41 يومًا) وإصابة ما لا يقل عن 103 شخص.
وقد انحصرت المواجهات في هذه الايام الستة بالكامل "تقريبًا" بين المدنيين، بعضهم مع بعض, أو ما يعرف في التغطية الإعلامية ب"الأهالي"، سواء كانت بين مظاهرات مؤيدة للرئيس مرسي ومعارضة له، أو بين مظاهرات سياسية وسكان المناطق التي تمر بها (الذين يشار إليهم في بعض الأحيان ب"الأهالي" وأحيانًا أخرى ب"البلطجية" على حسب الراوي)، كما يظهر من التحقيق في هذه الأحداث ومتابعة الدوي الإعلامي الذي أحدثته بأنها قد شهدت نقلة نوعية من حيث شكل المواجهات ونطاق العنف والأدوات المستخدمة في معارك الشوارع حيث تم استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة بكثافة من أطراف أهلية في الأساس, ضمت أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة وأسلحة نارية بدائية الصنع (مقاريط) بالإضافة إلى الأسلحة الآلية. ولا تخلو واقعة واحدة من الوقائع المذكورة في التقرير من استخدامٍ للرصاص الحي في قلب أحياء سكنية في وضح النهار, وهو ما نتج عنه سقوط عدد كبير من الضحايا في هذه الأحداث.
وقعت أولى المواجهات بين الدولة والمتظاهرين المناصرين للرئيس المعزول مرسي، والتي مارست فيها أجهزة الأمن عنفا مفرطا خارج دار الحرس الجمهوري بتاريخ الثامن من يوليو, وقتل فيها على الأقل 61 مدنيًّا بالإضافة إلى ثلاثة من قوات الأمن. وقد استمرت حوادث العنف الأهلي، التي عادةً ما كانت تصاحب المظاهرات والمسيرات المطالبة بعودة الرئيس المعزول, واستمر سقوط الضحايا فيها في حين عجزت الدولة عن أداء دورها في التدخل لحماية أرواح المواطنين.
وانتهت مظاهرات 26 يوليو المعروفة باسم جمعة التفويض من اجل تأكيد الدعم الشعبي لسياسات الحكومة المؤقتة باشتباكات في مناطق عدة، نتج عنها سقوط 16 شخصًا على الأقل في الإسكندرية، ثم تصعيد في المسيرات المؤيدة للرئيس المعزول في اليوم التالي تعاملت معه قوات الشرطة بالقوة المفرطة مما نتج عنه مقتل 91 على الأقل بالإضافة إلى واحد من رجال الشرطة، واستمر التصعيد في مستوى العنف على هذا النحو حتى قرار فض اعتصامات رابعة والنهضة بالقوة في الرابع عشر من أغسطس.
ويرصد التقرير تصاعد تحريض قادة في تحالف دعم الشرعية الداعم للرئيس المعزول مرسي ضد قيادات كنسية وروحية قبطية عقب قيام القوات المسلحة بعزله في 3 يوليو. وقام أنصار الرئيس المعزول خلال مسيراتهم في عدة محافظات بكتابة عبارات عدائية أو مسيئة للمسيحيين والقيادات الدينية، وذلك على جدران الكنائس ومنازل وممتلكات مواطنين أقباط. اكتملت تلك الدائرة بوقوع اعتداءات على المؤسسات الدينية وممتلكات الأقباط في عدة محافظات، خصوصًا محافظة المنيا.
وأعقب فض اعتصامي رابعة والنهضة موجة من العنف الطائفي وأعمال انتقام غير مسبوقة ضد الأقباط، وذلك في عدد كبير من المحافظات، وبنمط سائد من الاعتداءات، يبدأ بتوجه مسيرات ترفع شعارات مؤيدة للرئيس المعزول إلى كنائس أو ممتلكات لمواطنين أقباط وتنتهي عادة إما بإحراق كامل لهذه المنشآت أو نهبها أو إتلاف أجزاء منها. ويحدث ذلك عادة في ظل غياب شبه كامل لقوات الأمن أو قوات الإطفاء والحماية المدنية أو القوات المسلحة. وفى بعض الحالات تصدى المواطنون من المسلمين والأقباط بأنفسهم لهذه الاعتداءات عن طريق تشكيل لجان شعبية لحماية الكنائس.
تنوعت أشكال استهداف المواطنين على الهوية الدينية، لتبدأ من الاحتجاز والإيذاء البدني والخطف والقتل. ووفقًا للوقائع التي وثقتها المبادرة المصرية فإن الأسابيع الستة بين عزل مرسي وصبيحة يوم فض اعتصام رابعة العدوية شهدت 10 قتيلًا، منهم تسعة أقباط ومسلم واحد. وكان القتيل المسلم أحد المهاجمين لمنازل الأقباط في قرية دلجا بمحافظة المنيا في أثناء مظاهراتٍ مناصرة للرئيس المعزول مرسي، حيث وقعت هجمات على مبنى تابع للكنيسة الكاثوليكية ومنازل أقباط. وقتل الأقباط التسع في عدة محافظات، منهم أربعة قتلوا في إطار اعتداءات طائفية في قرية نجع حسان بمحافظة الأقصر، واثنان تم استهدافهما في محافظة شمال سيناء، الأول منهما كان رجل دين مسيحي، والآخر تاجر خُطِفَ تم عُثِر على جثته في وقت لاحق، وواحد في كل من محافظات المنيا وسوهاج والقاهرة.
وفي تلك الفترة الزمنية القصيرة تعرضت 43 كنيسة لاعتداءات مختلفة، من بينها 27 كنيسة نهبت وحرقت بالكامل أو تم ذلك بأغلب مبانيها، بينما تعرضت للنهب أو التدمير أو الإتلاف الجزئي في الأبواب والنوافذ نحو 13 كنيسة، وتم إطلاق النار على 3 كنائس. وطالت موجة الاعتداءات 7 مدارس و6 جمعيات مسيحية منها مركزان طبيان وملجأ للأطفال، هذا إضافة إلى حرق سبعة مبانٍ خدمية والاعتداء على عشرة منازل لرجال دين مسيحيين.
واتسم نمط تعامل أجهزة الأمن مع موجة الاعتداءات على المواطنين الأقباط والكنائس، التي تلت احتجاجات 30 يونيو بالبطء والفشل معًا، حيث فشلت في الحيطة والتدخل الوقائي قبل وقوع الأحداث لاسيما في ظل الإشارات المختلفة للتوتر الطائفي واكتساب خطاب التحريض ضد الأقباط أرضية عند أنصار الجماعات الإسلامية، ثم فشلت هذه الأجهزة في التدخل السريع لمنع تفاقم هذه الأحداث، وتأخرت في تلبية استغاثات المواطنين.
وينتهى تقرير المبادرة المصرية بعدة توصيات تعتقد المبادرة ان تنفيذها يستلزم رغبة سياسية وتغييرات في أسلوب ونطاق عمل الأجهزة الأمنية والقوانين الحاكمة لها وإعلاء أوضح لمبادىء حكم القانون ومؤسساته.
وأعربت المبادرة المصرية عن أملها في أن "تتمتع مصر في المستقبل بمؤسسات أمنية وقضائية وسياسية قادرة على إدارة الصراعات المدنية بأساليب أنجع وأكثر سلمية، تحتكر فيها الدولة العنف ليس لممارسته خارج نطاق قانون عادل وقواعد واضحة، ولكن من أجل ضمان عدم استشراء العنف كوسيلة لحل النزاعات والحصول على الحقوق أو التعدي على حقوق الآخرين."

وفيما يختص ب"اللجنة القومية المستقلة لجمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق التي واكبت ثورة 30 يونيو سنة 2013 وما أعقبها من أحداث” أوصى التقرير بتمكين اللجنة من استدعاء كافة المسئولين في أجهزة الدولة وإلزامهم بالحضور لأخذ أقوالهم، ومنح اللجنة حق إلزام كل الجهات الحكومية والخاصة بتزويدها بكافة المعلومات والبيانات والمستندات والأدلة ذات الصلة التي تطلبها عن المهام المنوطة بها، ومنح اللجنة سلطة الاستدعاء والتفتيش والمصادرة، مع خضوعها للمراجعة القضائية، ووضع آليات لمتابعة وتنفيذ توصيات اللجنة فيما بعد انتهاء عملها ورفع تقاريرها بما يشمل إلزام السلطات القضائية بمتابعة التحقيق فيما توصي به اللجنة مما قد يكون مشتبهًا به كمخالفات قانونية، ووضع وتفعيل قانون واضح لحماية الشهود وحماية أعضاء اللجنة والمستندات الخاصة بها، واخيرا، إعلان تقرير اللجنة النهائي للرأي العام.
ولعل اضطرار اللجنة الى طلب تمديد فترة عملها التي كان من المقرر ان تنتهي في نهاية شهر يونيو الجاري وموافقة الحكومة، وفقا للجنة، على هذا التمديد يظهر حاجتها الى مزيد من الصلاحيات والقدرات من اجل القيام بعملها بشكل أفضل.
وتأمل المبادرة المصرية أن تنجح لجنة تقصي الحقائق في القيام بعمل استقصائي واسع النطاق لكونها لجنة ذات صلاحيات رسمية، على عكس المنظمات الحقوقية الأهلية التي تصل الى ما يتوفر لها فقط من الشهادات والمواد المتاحة. وتقدم المبادرة هذا التقرير إلى هذه اللجنة على أمل أن يساعد ليس فقط في كشف الحقيقة، ولكن في ملاحقة المسئولين عن مقتل وإصابة آلاف المصريين خلال هذه الأسابيع المعدودة. ونأمل أن يكون التباعد الزمني عن ذروة هذه الأحداث الدموية وقرب انتهاء خارطة الطريق المعلنة في 3 يوليو 2013 مقدمة لتوفير أجواءً أهدأ تسمح بالتعامل الجاد والمسئول مع تلك الأحداث.
واوصى التقرير بتشكيل لجنة مستقلة تضم خبراء أمنيين وقانونيين وممثلين للمجتمع المدني لاقتراح سياسات ونظم وتغييرات تقنية في أسلوب عمل الشرطة على أن تقدم هذه الاقتراحات للبرلمان القادم لوضعها في صورة قانون. وأدرج التقرير عددا من جوانب عمل الشرطة التي تحتاج لإعادة النظر ومنها تعديل القوانين المنظِّمة لاستخدام القوة والأسلحة النارية من قِبَل الشرطة بحيث تتوافق مع الحد الأدنى من المعايير والممارسات الفضلى الدولية، وإنشاء آلية رقابة مستقلة عن الجهاز التنفيذي للتحقيق في حوادث القتل أو الإصابة الخطرة، التي تنتج عن التعامل الشرطي، سواء وقعت في أماكن الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية أو في المجال العام (أي في الكمائن والشوارع والطرقات وأي مكان لا يتبع مباشرة جهاز الشرطة)، بهدف تعزيز المحاسبة والحد من ممارسات العنف غير القانوني والاستخدام المفرط للقوة وللرصاص.
ودعا التقرير إلى وضع التعديلات القانونية الملائمة للتعامل مع خطاب التحريض على العنف دون التعدي على الحق في حرية التعبير السلمي عن الآراء.
وقد اعتمد التقرير الذي جاء في 86 صفحة على تحقيقات باحثي المبادرة المصرية الذين راقبوا أحداث العنف وأجروا مقابلات مع شهود عيان وصحفيين وأطباء ميدانيين ومسعفين، وأطباء وعاملين في مستشفيات محيطة بأماكن الاشتباكات. ويعتمد التقرير أيضًا على التصريحات الإعلامية للمسئولين السياسيين والأمنيين، وعلى البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية ووزارة الصحة، وعلى مراجعة مدققة لمئات المواد المصورة سواء تلك المتاحة على الإنترنت على مواقع الصحف والمواقع الإخبارية أو تلك التي أتيحت للباحثين من هواتف خاصة في أثناء جمع الشهادات أو من بعض الصحفيين. وقد واجهت عملية جمع الشهادات صعوبات بالغة بسبب هشاشة الوضع الأمني فى الكثير من أحداث العنف مما عرقل عملية الملاحظة المباشرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.