شيء مذهل ما تقرأه أو تشاهده هذه الأيام في مصر من جهود محمومة لمجموعة محددة من الصحفيين يمثلون ما يمكن وصفه "باللوبي" المنظم لمحاصرة رئيس الوزراء المكلف إبراهيم محلب الذي يبدو أنه مرتبك في تشكيل الحكومة الجديدة لمنح المستشار أحمد الزند وزارة العدل ، لوبي أحمد الزند والذي يتلخص في حوالي ستة صحفيين نصفهم في جريدة واحدة معروفة ، لا يترك يوما واحدا من نشر مقال أو الحديث لفضائية يدعو فيها ابراهيم محلب لاختيار المستشار أحمد الزند وزيرا للعدل في الحكومة الجديدة ، والكلام رخيص جدا في تسويق الزند واستماتة مثيرة في ترويجه وصلت إلى حد التلويح بتهديد محلب أو اتهامه بالخوف من "نجومية" أحمد الزند و"الكاريزما" الطاغية التي يملكها !! ، وتلمح تلك الصحيفة واللوبي الداعم للزند إلى أنها قد تتخذ مواقف عنيفة من حكومة إبراهيم محلب إذا لم يأت بالزند وزيرا للعدل ، ويبدو أن تردد محلب وارتباكه زود الطمع فيه وقد لاحظت أن حملة محاصرته بالزند تتزايد مع الوقت ، خاصة وأن حقيبة العدل من الواضح أن عليها صراعا كبيرا أكبر من أي وزارة أخرى بما في ذلك وزارة الإعلام التي تحير محلب حتى الآن ، والتي وصلت حيرته فيها إلى حد أن طرح عليه بعضهم الصحفية نشوى الحوفي لتولي المنصب !! . المشاركون في موجة 30 يونيو يعرفون جيدا أن الفيلم انتهى ، والليلة خلصت ، والتحالفات التي شكلت حراك ذلك اليوم لم تعد قائمة ، بل وهي أصبحت معسكرات متصارعة وعدوانية أحيانا في خصومتها مع بعضها البعض ، وحاجة "المؤسسة" إلى جهودهم لم تعد قائمة ، ولكن المشكلة أن كل قطاع منهم يعتبر أنه شريك في "النصر" على الإخوان ونزعهم من السلطة ، وبالتالي فلديه فواتير واجبة السداد ، وهم لا يصرحون بذلك بصريح العبارة حتى لا يحرجوا السيسي أو يستفزوه ، ولكن رسالتهم وصلت له بوضوح كاف ، وقد رد عليها بشكل أكثر جرأة من جرأتهم هم وقال أنه ليس مدينا لأحد وليس عليه فواتير يسددها لأحد ، وكرر ذلك حتى قبل الانتخابات ، وكلامه يحمل قدرا كبيرا من الواقعية والصحة ، لأن الليلة كانت ليلة المؤسسة ، تخطيطا وترتيبا وحسما ، وكون بعض الراقصات أو المطربين أو المدعوين يشاركون في حفل زفاف لا يعني أنهم جزء من العرس نفسه أو أنهم من أهل البيت ، إضافة إلى أنه رغم استعانة أصحاب "الليلة" ببعض المطربين والراقصات والمهرجين والبلطجية أحيانا ، إلا أنهم يحافظون دائما على نفض أيديهم منهم سريعا ، والتطهر من الانتساب إليهم ، لأنهم غالبا ما يمثلون عبئا أخلاقيا أو إنسانيا أو اجتماعيا عليهم ، وهو ما لا يريد البعض أن يفهمه جيدا ، والسيسي لكي ينجح فهو يحتاج إلى التخفف من الشركاء المزعومين وأصحاب "الحقوق التاريخية" في 30 يونية !! ، لأنهم أصبحوا عبئا عليه ، عبئا سياسيا وعبئا أخلاقيا وعبئا نفسيا أيضا ، ولذلك أعتقد أن أي محاولات لفرض شخصية مثل أحمد الزند على السيسي ستبوء بالفشل ، وأن اللوبي الذي أصابه السعار حاليا من أجل تمكين الزند من كرسي وزارة العدل لن يفلح في فرض إرادته على السيسي ولا على محلب ، ومحلب يفهم ذلك جيدا ، لأنه ببساطة وجود الزند في هذا الموقع يضر جدا بالسيسي ومشواره ، ويحمله فاتورة كراهية عميقة يحظى بها الرجل سواء في أوساط شعبية أو حتى بين القضاة ، على النحو الذي كشف عنه استطلاع رأي قضائي نشر مؤخرا . أيضا لم يعد يخفى أن المستشار الزند دخل في خصومات عديدة ومتشعبة مع زملائه القضاة وهناك عشرات البلاغات والبلاغات المضادة بينه وبين رؤساء محاكم فضلا عن إعلاميين وسياسيين في مكتب النائب العام ، كما أن هناك لغطا واسعا حول قضيته التي تداولتها جهات التحقيق أكثر من مرة وهناك من يتحينون الفرصة لفتحها من جديد ، كما أن اشتباكه السياسي وظهوره الإعلامي وطريقته في التعليق على الأحداث وتوريط مصر في أزمات دولية وصلت إلى حد صدور بيان رسمي من مجلس التعاون الخليجي يندد بتصريحاته التي طالب فيها بغزو دولة قطر ، رغم أن كثيرين من القضاة يحالون للصلاحية حاليا بدعوى ظهورهم الإعلامي وحديثهم في السياسة ، كل هذا لا يناسب شخصية مرشحة لإدارة مرفق العدالة ، وأعتقد أن هذا "السي في" إذا أضيف لما سبق فإنه يجعل من الزند أسوأ اختيار مفترض لتولي وزارة العدل في الحكومة المصرية .