كيف يكون الاستثمار فى التعليم ضارا، مصطلح يبدو للوهلة الأولى غير منطقى ذلك لأن الكثير ممن يقع نظرهم على هذا العنوان سيستغرب هذا الأمر ولكن الاستثمارات الضارة التى أقصدها فى هذا الموضوع وهى كثيرة في بلادنا منها مصانع الشيبسى واللبان وكثير من المنتجات غير ذات الفائدة ناهيك عن عدم مطابقتها للمواصفات العالمية وما تحتويه من مواد ضارة مثل مكسبات اللون والطعم والرائحة ولكن كلامنا هنا سيركز فقط على الاستثمار الخطأ في التعليم وفي الحقيقة إن الاستثمار في التعليم هو من أهم وأفضل الاستثمارات في التنمية المستدامة للمجتمع على المدى المتوسط والبعيد ولكن الخاطئ والضار هنا هو كيفية الاستثمار والتي تقوم على الربح كهدف استراتيجي مضمون للمستثمر سواء كان هذا المستثمر فردا أومؤسسة أو دولة فالمفروض ان هذا النوع من الاستثمار مبني على ألا ربح أو عوائد مادية مرتفعة من ورائه ولكن كل الأرباح و العوائد تعود مرة أخرى على التعليم والبحث العلمي في المؤسسات والجامعات والمعاهد العلمية والمدارس. موضوع الاستثمار فى التعليم والأمثلة على ذلك عديدة جدا في العالم من حولنا وخذ مثلا على ذلك جامعات النخبة فى العالم كله، الكثير منها تعتمد هذا النوع من الاستثمار ولو ركزنا على الولاياتالمتحدةالامريكية وهى من أهم وأكبر البلاد فى العالم التى تعتمد هذا النوع من الاستثمار والتى يوجد بها العديد من الجامعات والمعاهد الخاصة وكثير من الجامعات التى تسمى بجامعات النخبة أو ب elite universities وهي جامعات مصاريفها باهظة الثمن وتعليمها متميز لا يقدر عليها سوى الأغنياء لكنها في المقابل كم المنح الدراسية التي تعطيها هذه الجامعات في التعيلم الجامعى أو التعليم ما بعد الجامعى للحصول على الدرجات العلمية مثل الماجستير والدكتوراه يفوق التصور وبالتالي ناتج هذه الجامعات وهو المنتوج البشري المستهدف يفوق في قيمته أي ربح أو عائد مادي مهما بلغ ولو قارنا تلك الجامعات وخريجيها والعائد من ورائها على المجتمع الأمريكي نجد أاننا نظلمه بمقارنته بمنتوج البوتيكات المسماه بالجامعات الخاصة أو المدارس المنتشرة في بلادنا، وبالتالي فان العائد هنا يتمثل في بضعة ملايين من الدولارات تضاف الي ثروات المستثمرينفى التعليم المتضخمة أصلا والذي امتلكها بعضهم بتسهيلات هي فى الواقع غير شرعية عن طريق الحصول على الأراضى بتسهيلات أضرت بمصلحة الدولة وبالتالي أصبحت الثروات مركزة في يد مجموعة صغيرة تملك وتدير كل شيء في البلاد لحسابها الخاص، وغالبية من الشعب تسير بسرعة رهيبة إلى هوة سحيقة من الفقر والجوع والمرض والتحلل الاجتماعي والذي ان لم يتوقف الآن سيدمر المجتمع كله تلقائيا وبالتالي يجب سرعة اعادة النظر في كل تلك الأمور لإعادة قطار الانهيار السريع إلى عقاله والعمل على اصلاحه مرة أخرى كي تبدأ مجتمعاتنا بالنهوض من جديد والا سيندم الجميع أشد الندم بعد فوات الاون، وسنذكر هنا بعض الاصلاحات التى قد تساعد فى تحسين أحوال التعليم فى المراحل التعليميةالمختلفة سواء كانت الجامعية أو ماقبلها ومنها : 1- المناهج الدراسية والكثير من تلك المناهج جيد جدا ولكن الخطأ في طريقة التدريس المتبعة والقائمة علي حفظ المعلومات بالتلقين ونظام مذاكرة يعتمد س و ج وليس فهمها أو تدبر معانيها. 2- اهمال اللغة العربية والتربية الدينية وبدونهما وبدون الفهم الجيد والصحيح لهما لا نستطيع نحن العرب فهم العلوم الأخرى ولاحظوا ان معظم المتفوقين في بلداننا نجدهم يفهمون اللغة العربية فهما صحيحا. 3- الغاء الكتاب المدرسى والجامعى في كثير من المواد والاعتماد على الكتب المرجعية والتي يمكن تداولها بين الطلبة الحاليين والذين سيلحقونهم في الأعوام التالية أو توفيرأعداد كافية منها في المكتبات لتسهيل الاضطلاع والاستعارة. 4- الغاء الكتب الخاصة والملازم والقضاء على مافيا الكتب التي أاصبحت تباع في الاكشاك والكثير منها في صورة سؤال وجواب وتدريبات على الامتحان وأجزم بأن غالبية الكتب الموجودة وكل الكتيبات المتداولة فى الأكشاك تتحدث فقط عن ليلة الامتحان وكيفية الاجابة على الامتحان بطريقة مختصرة وميسرة ليس لها قيمة ولايوجد منها أي كتاب يتحدث عن اعمال العقل أو كيف تفهم المادة العلمية مما حدا بالتلاميذ فى المدارس والطلاب فى الجامعة إلى الهروب من المدارس والمحاضرات والإعتماد على الدروس الخصوصية والملازم المختصرة والتي أصبحت تكلف الأسر المصرية فقط على سبيل المثال مايوازي 17 مليار جنيه مصري بما يقابل 3 مليارات من الدولارات وذلك حسب احصاء رسمي صادر عن الجهات الرسمية قبل ثورة 25 يناير 2011. 5- الغاء الدروس الخصوصية والمجموعات المدرسية والجامعية والتى خلقت مافيا الدروس الخاصة ساهم النظام السابق فى تكوينها ورعايتها للهروب من أعباء زيادة رواتب أعضاء الهيئات التدريسية فى المدارس والجامعات وابتكر نظم وهمية لتنمية قدرات أعضاء الهيئات التدريسية من الكادر الخاص الى تنمية القدرات الذى أسندت فيه عملية التطوير بأن يعلم نصف الأعضاء النصف الآخر، هذا بالاضافة الى الحيل التي تتسبب في جمع الاموال من الطلاب سواء كانت فى صورة تبرعات أو أنشطة، واصلاح ذلك الخلل لن يتم بقرار وزاري أو جمهوري أو أي قرار آخر بل يتم عن طريق تجريم ذلك العمل الذي يدمر عقول التلاميذ ويقتل فيه الفكر والابداع وأنا اعتقد بأن تجريم هذا العمل وتطبيق العقوبات الرادعة مثل السرقة أو تجارة الممنوعات مع تطبيق كامل لهذا الأمر ومراقبة ذلك أمر سهل لاثبات جريمة اعطاء الدروس الخصوصية فى حق المدرس فى المدرسة أو عضو هيئة التدريس فى الجامعةمع تطبيق رادع لهذا العمل المشين، ويمكن تطبيقها كذلك على الطلاب كحرمان التلميذ الذى يثبت فى حقه تعاطى الدروس من دخول امتحانات المادة التى يثبت أنه أخذ فيها الدروس فى ذلك العام حتى يتم القضاء تماما على هذه الظاهرة اللعينة، وهل يعلم الساده وزراء التربية والتعليم والتعليم العالى أن كثير من المدرسين يعطون الدروس الخصوصية أثناء اليوم الدراسى بمعنى اثناء الفترة الدراسية بعلم مديرى المدارس والنظراء. 6- تحسين أحوال المدرسين والعاملين في التعليم ورفع دخول أعضاء الهيئات التدريسية فى المدارس والجامعات الى الحد الأدنى العالمى على أقل تقدير، وان تم ذلك عن طريق فرض رسوم اضافية على الطلبة القادر أولياء أمورهم ويمكن بهذه الطريقة جمع الكثير من الأموال ويحق لدافع هذا الرسم أخذ ايصال موثق من المدرسة حتى يتم خصمه من الضرائب المستحقة عليه سواء كانت ضريبة دخل أو ضريبة تجارية ان كان يرغب فى ذلك، وليس تطبيق هذه الرسوم تطبيقا أعمى فنجد أنفسنا في النهاية نستبدل الدروس الخصوصية الغير شرعية بضريبة أو رسم يضاف على كاهل الأسر التي لا يأخذ أبناؤها دروس خصوصية أصلا اما لمقدرة على التحصيل والفهم بأنفسهم أو لعجز ولاة الأمر على توفير قيمة الدروس الخصوصية. 7- انضباط العملية التعليمية من تقييم وتصحيح فما حدث في الفترة الاخيرة في التعليم الثانوي من تلاعب فى نتائج بعض أولاد الفاسدين من النظام السابق اصاب التعليم الجامعي في مقتل نتيجة لتدنى مستوى هؤلاء الطلاب ودخولهم كليات وتخصصات لا تؤهلهم امكانياتهم الضعيفة لاستيعابها بالاضافة الى الدبلومة الأمريكية والثانوية الانجليزية كأحد الأبواب الخلفية لدخول كليات القمة، مما أثر بدوره على مستوى خريجى كليات الطب والصيدلة. [email protected]