استفزتني كما استفزت الملايين غيري تلك الصور المشينة واللقطات الكارثية لواقعة تعرض فتاة التحرير للتحرش والاعتداء من قبل أشباه الرجال عديمي المروءة والشرف، وأضم صوتي للجميع أن يحكم على من ثبت بالفعل تورطه في هذا العمل بالإعدام فورا دون معارضة للحكم أو استئناف..لكن دعونا نستغل هذه الواقعة التي تمثل وصمة عار على جباهنا جميعا نحن المصريين لنخرج منها ببعض التساؤلات الهامة... أولا:أين كانت قوات الأمن أثناء اعتداء هؤلاء الذئاب على تلك الفتاة؟ علما بأن الوقت الذي أخذه هؤلاء الكلاب لسحب الفتاة من قلب الميدان وإخضاعها للنزول أسفل نفق محطة مترو السادات وسط صيحات وصرخات عالية ليس قليلا، ومن ثم فمعنى هذا أن تلك المنطقة كانت خاوية تماما من رجال الأمن، وأنشغل الجميع بالرقص على أنغام بشرة خير وتسلم الأيادي وسط تمايل الفتيات يمينا ويسارا وتركوها ضحية لحفنة من أنصاف الرجال يفعلون بها مايفعلون وهم على ثقة أنه لا أمن ولا مراقبة في هذه الأوقات...حتى أن رجل الأمن الوحيد الذي ظهر بالمشهد جاء متأخرا بعدما فعل الذئاب فعلتهم، ليقابل بتكريم من الرئيس والوزير في الوقت الذي لم يتلقى الغافلون جزاء تقصيرهم فيما حدث.. ثانيا:شعور فظيع انتابني حين رأيت وسائل الإعلام بشتى أنواعها تكرس صفحاتها ومواقعها وشاشاتها للمطالبة بالقصاص وإعدام تلك الذئاب، لان ماحدث جريمة ولا يمكن السكوت عنها، كل هذا جميل، لكني تساءلت بيني وبين نفسي، أين هذا الإعلام مما تتعرض له اخواتنا داخل الأقسام والمعتقلات؟ أين هذا الإعلام من سحل الفتيات المحجبات الحافظات لكتاب الله في الشوارع والميادين؟ أين هذا الإعلام من الأحكام الجائرة التي تواجه الفتيات حين يعبرن عن أرائهن، مع العلم أنهن لسن من الإخوان فحسب، فهناك ماهينور المصري وغيرها...
ثالثا: تناولت بعض الصحف خبر زيارة الرئيس السيسي لضحية التحرش بالتحرير، فتلك لفتة إنسانية جميلة من رئيس الدولة الذي من المفترض أن يمثل جميع المصريين، لكن في نفس الوقت هتف هاتف برأسي سائلني : لماذا لم يقوم الرئيس بزيارة المغتصبات داخل أقسام الشرطة والمعتقلات؟ لماذا لم يرسل ببرقية اعتذار لهن لما تعرضن له على أيدي حفنة قليلة من أشباه الرجال أيضا داخل جهاز الداخلية؟ أليسوا مصريون أيضا سيادة الرئيس؟ أولست أيضا أنت رئيس لكل المصريين؟ ! رابعا: من الأمور الغريبة التي ضحكت لسماعها أن هناك من يقول أن المتهمين في تلك الجريمة هم من الإخوان أرادوا أن يعكروا صفو الاحتفال بفوز السيسي برئاسة الجمهورية، فلم أتمالك نفسي من الضحك الاشبه بالبكاء، فطالما وصلنا الى هذه الدرجة التي نأبى فيها أن نعترف بأخطائنا ونلقيها على شماعة الأخر، فلن نتحرك خطوة للأمام، ثم إني خاطبت زميلي الذي قال لي هذا قائلا " أليس من الأولى بمن أراد تعكير الصفو أن يلقي بقنبلة فوق هذه الجموع الغفيرة ويفر هاربا ليحصد فيها مثلا المئات من القتلى بدلا من أن يلقي بنفسه في التهلكة بفعلته هذه؟ فصمت ولم يجيب..وقتها أيقنت أن الفارق بيننا وبين أن ننهض بشعبنا وأمتنا كبير جدا جدا...لك الله يامصر..وحفظك من كل سوء وشر..