يقول الكاتب والناقد والفيلسوف والشاعر اللبناني ميخائيل نعيمة "إذا سماؤك يوما تحجبت بالغيوم ... أغمض جفونك تبصر خلف الغيوم نجوم *** والأرض حولك إذا ما توشحت بالثلوج ... أغمض جفونك تُبصِر تَحت الثُلوج مُرُوج". مِثلي مثل الملايين من المصريين والأحرار حول العالم حينما يتابع أحدنا مايحدث في مصر الآن غالبا مايصاب بحالة من الغثيان الذي يتبعه غليان وقد يؤدي إلى انفجار بركاني شعوري في بعض الحالات النادرة كتلك الملبنية التي خرجت في ميدان التحرير لتقول لمبارك عُد فأيامك كانت سرور وعز وخير وخيار! ... محاولات العابثين ذوي النفس الطويل والذين يحلمون بأن تعود عجلة مصر للوراء ، هؤلاء محاولاتهم لاتعرف اليأس وتفكيراتهم لاتهدأ وتخطيطاتهم لاتنقطع وتنفيذاتهم شرسة لاتعرف الرحمة بل تنشر الدم والذعر في نفوس المواطنين ، أفعالهم هذه يقف إبليس مشدوهاً أمامها من فرط الدموية والشر والحقد الذي تحمله هذه القلوب وفكر هذه العقول ويتساءل هذا الابليس من أي مدرسة تخرج هؤلاء السوبر شياطين. فمن حرق الكنائس إلى استخدام الأسلحة الحية والمولوتوف الحارق ، والنشاط غير المسبوق لقُطاع الطرق والبلطجية وعمليات تهريب المحكومين من السجون ، وظهور السنج والسيوف بكثافة في الشوارع ، هذا فضلا عن توقف الكثير من القرارات الوزارية أو البطئ في تنفيذها ، فكل قلم يهم بالتوقيع على أي طلب أو قرار يفكر ألف مرة أن يكون مصيره في يوم من الأيام محط كاميرات الاعلام في أروقة المحاكم كما تترى على مسامعنا وأعيننا الآن ضحىً وعشياً. وكله كوم وعبير كوم تاني ... فتارة نسمع عبير تتصل ببرنامج فضائي –أو أن البرنامج هو من اتصل بها- لتخبرنا بأنها ضحية الكنيسة وأنها اتصلت بالمسجد لينقذها ووووو ، وتقلب القناة لتفاجأ بتلك العبير أو عبير أخرى –الله أعلم- تقول أنها لم تُسلم ، ولم تتصل بأحد ولم تطلب مساعدة من أحد ، وهو نفس ماحصل مع كاميليا ، وغدا تطلع علينا وفاء جديدة أو علياء أو أيا من تكون ، وممكن يطلع محمد ليقولوا أن المسجد أو الكنيسة عرضوا عليها أو عليه مليون جنيه مقابل التحول عن ديانته .... وكله في سبيل زعزعة استقرار وأمن هذا البلد الطيب أهله المتسامح شعبه. أنا ضد أن نحصر المشكلة في فريق طُرة وموبايلاته وفقط ، فهناك الآلاف من الطلقاء لديهم مصالح في عودة بِركَة (بكسر الباء) الفساد التي تعودوا على أن لا يسبحوا إلا فيها ومنهم رجال أعمال كُثُر لم يكونوا ثرواتهم المليارية إلا بالتحايل على القانون والاستثناءات الممنوحة للصحبجية ، هكذا نما هؤلاء وكبُروا في هذه البيئة العفنة ، ولن يبخل الواحد منهم برصد بضع ملايين لتنفيذ خططهم لضخ الدم في عروق النظام البائد وعودته للحياة من جديد!!! وهنا أستعير قول قيس وهو يموت في "مجنون ليلى" بتصريف "من كان في النَزعِ لايَرجِعُ ... لقد بقِيت خَفقَةٌ في القَلبِ،سيلفظها ثم يُوَدِعُ" ، وها نحن في انتظار أن يلفظ هذا القلب الأسود خفقته الأخيرة ، وتعود مصر إلى رونقها وبهائها ووحدتها الوطنية ، تعود أقمارها ونجومها ومُرُوجها كما تشير أبيات ميخائيل نعيمة التي تصدرت هذه السطور. أجزم يقيناً –بمشيئة الله تعالى- أن هذه المحاولات البائسة من هذه الثعابين السامة لن تهدأ إلا عندما يكون هناك برلمان حقيقي ورئيس جديد لمصر ، وقد طالعت اليوم وكلي أسى الاقتراح الذي تقدمت به لجنة الحوار الوطني إلى المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات البرلمانية إلى مابعد سبتمبر ولأجل غير مسمى بداعي انتظار الاستقرار الأمني والذي في رأيي لن يتأتى هذا الاستقرار بأي حال إلا بالانتخابات البرلمانية كخطوة استباقية تقضي على آمال هؤلاء الثعابين وتكسر حدة شوكتهم وشراستهم وعلى العكس فتأخير الانتخابات يطيل الفترة الانتقالية مع كامل تقديرنا لدور الجيش المثالي ويطيل معه آمال هذه الثعابين في عودة النظام من جديد حتى ولو في شكل أشخاص آخرون وفي سبيل ذلك سينفقون الملايين على تنفيذ آمالهم ، لكن سينفقونها ثم تكون عليهم حسرةً ثم يُغلبون. مصر ستتخطى بفضل الله ثم بجيشها وشرطتها وحكومتها وكل الشرفاء الذين يعملون في خندق واحد ، ستتخطى حتما هذه الفترة العصيبة وتمر إلى بر الأمان" وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم" الروم. فقط نحتاج أن نُغمض أعيننا قليلاً لنرى إيجابيات ثورتنا المجيدة التي غالباً لانراها ونحن فاتحي أعيننا ، نُغمضها لنرى كيف يُسابق الجيش والحكومة الزمن لانعاش الاقتصاد المتهاوي ، وكسب الدعم المادي والمعنوي من دول العالم ، وعودة علاقة مصر الطيبة مع دول منبع النيل الذي هو شريان الحياة لمصر ، واصلاح ذات البين في الصف الفلسطيني الذي هو عمق مصر الاستراتيجي من الشرق ، ومد جسور التفاهم والتعاون مع السودان العمق الاستراتيجي من الجنوب ، ومحاربة ذيول الفساد وثعابينه الصفراء والقضاء على فجوات الثقة بين الحكومة وبدو سيناء وأهل الصعيد في الداخل المصري ، وتطهير الوزارات والإعلام ، ،،،،،،، انهم يحاربون على جبهات مختلفة وبكل اخلاص وثقة في النصر مع أنهم يعلمون أنهم هنا في مرحلة تسيير أعمال مؤقتة ، وهذا هو التفاني في حب مصر وانكار الذات الذي يُظهر معادن المصريين الحقيقية وقت الحاجة ، وليس هناك عاقل يلومهم في هكذا سلوك حتى وان شابهم بُطئ أو تأخير قرارات فالحِمل جِد ثقيل ، ونحن يجب أن نتحمل معهم توابع النزع الأخير لفلول الفساد. ننتظر موقنين ، عاجلا غير آجل عودة الوطن إلى مواطنيه ، وعودة الأمن إلى ساحاته وشوارعه ليلا كما نهاراً ، وعودة عجلة الانتاج والسياحة إلى الدوران بسرعات أكثر بكثير من ذي قبل ..... وأخيرا ننتظر عودة المصري اللي على حق اللي دايما بيقول للفتنة لأ .... المصري الذي كلما تعب وأنهكته حيل العابثين ، أغمض عينيه وأخذ شهيقاً عميقاً واستمتع بفيلم النجوم والمروج. م/ صلاح شطا