الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار    عودة بيدري وأراوخو لتدريبات برشلونة    برلماني أوكراني يدعو إلى تصنيف زيلينسكي كإرهابي    الذهب يهبط 105 جنيهات لعيار 21 بسبب ارتفاع الدولار    منتخب مصر يكتفي بالتعادل 0-0 أمام أنجولا بكأس أمم أفريقيا    وزير الثقافة يُعلن إقامة النسخة الثانية من "عيد الثقافة" بدار الأوبرا 8 يناير    الدكتورة نيرفانا الفيومي للفجر..قصر العيني يؤكد ريادته في دمج مرضى اضطراب كهربية المخ مجتمعيًا    أول تعليق ل ترامب بعد محاولة استهداف أوكرانيا ل مقر إقامة بوتين    مفتي الجمهورية: القضاء المصري يُمثِّل أحد أعمدة الدولة المصرية وحصنًا منيعًا للعدل    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    تنوعت بين مزاعم الجماعة الإرهابية والتطرف .. محاكمة 254 معتقلاً في 4 قضايا "إرهاب" إحداها منذ 30 عاماً    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    بحكم محكمة.. هيفاء تغنى فى مصر    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم بيت عزاء للفنان الراحل محمد بكري    محمد إمام: أحمد شيبة وعصام صاصا هيغنوا تتر مسلسل الكينج في رمضان 2026    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    شتيجن في أزمة قبل كأس العالم 2026    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    الشيخ خالد الجندي: عقوق الوالدين له عقوبتان فى الدنيا والآخرة    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    واشنطن بوست: صور أقمار اصطناعية تكشف توسع الصين في تصنيع الرؤوس النووية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    وزير الاستثمار يبحث مع وزير التجارة الإماراتي سبل تعزيز التعاون الاقتصادي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    هل حساسية البيض تمنع تطعيم الإنفلونزا الموسمية؟ استشارى يجيب    "الزراعة" تنفذ 8600 ندوة إرشادية بيطرية لدعم 100 ألف مربي خلال نوفمبر    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الإصطناعى    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات الإثنين للجلسة الثانية على التوالى    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    عاجل- مدبولي يترأس اجتماعًا لتطوير الهيئات الاقتصادية وتعزيز أداء الإعلام الوطني    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    ارتفاع جماعي في مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    الجيش الصيني يجري مناورات حول تايوان لتحذير القوى الخارجية    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    عقب انتهاء الفرز.. مصرع مستشارة وإصابة موظفتين في حادث مروري بقنا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    كأس أمم أفريقيا.. التعادل يحسم مواجهة الكاميرون وكوت ديفوار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أرشح البرادعي رئيسا للجمهورية
نشر في المصريون يوم 15 - 05 - 2011

مصر في الفترة المقبلة تعيش مرحلة انتقالية ، لا تحتاج إلى أيديولوجيات ولا إلى زعامات كاريزمية آسرة ، ولا تتحمل صدامات سياسية حادة بين قوى وتيارات لها حضور في الشارع الثائر، وإنما مصر بحاجة إلى إدارة هادئة وصبورة وتملك حدا أدنى من القبول في الداخل والخارج ومؤمنة بالحريات العامة وسيادة القانون وبأن الديمقراطية هي ضمانة الاستقرار والعدالة الحقيقية في البلد فتعمل على ترسيخها وتحصين مؤسساتها ، وبشكل عام تحتاج مصر في المرحلة المقبلة إلى روح ليبرالية وطنية حقيقية جادة ومتواصلة مع الواقع بكل تياراته ولا تحمل ضغينة أو صدام أو تاريخ من التوتر مع فئة أو جماعة أو قوة وطنية وتعرف أن وجودها في رأس هرم السلطة كان بإرادة المجتمع بجميع أطيافه وبتوافق وتوازن يرتضيه الجميع حتى تعبر بلادنا تلك الفترة الحرجة إلى دولة الديمقراطية والمؤسسات وسيادة القانون ، ومن هنا كان تقديري بأن الدكتور محمد البرادعي هو الشخصية الأقرب لتلك المرحلة .
البرادعي يتميز بعدة سمات لا تتوافر مكتملة في بقية المرشحين ، ربما أولها أنه الوحيد الذي لم يشتبك مع عصر مبارك بكل أخطائه وخطاياه وحساباته ورجاله ومؤسساته الأمنية والسياسية والمالية ، وبقية المرشحين كانوا جزءا من نظام مبارك ، بعضهم كان يلعب مع أجنحة في السلطة وبعضهم كان في قلب السلطة وبعضهم كان على حوافها وبعضهم كان أسير جبروت تلك المنظومة فحاول التوافق معها ، البرادعي كان من خارج المنظومة بكاملها ، ومتعاليا عليها ، ولم يلوث بفساد ، ولا يدين بأي جميل لنظام مبارك ، كما أنه من قبل أن تطأ قدمه مصر في رحلة العودة وقد خاض صراعا مريرا مع منظومة مبارك الأمنية والإعلامية والحزبية ، وبالتالي فهو يمثل قطيعة مع هذه المنظومة ورجالها بالكامل ، والمنصب الجديد أفضل ما يمكن أن يحصنه هو تلك القطيعة مع نظام مبارك ورجاله ودوائره .
البرادعي لا يخفي تمثله لرؤية ليبرالية صارمة ، تؤمن بدولة القانون والعدل والحريات العامة والديمقراطية ، عاش عمره كله في توافق مع عالم يقوم على ذلك ، وهذه المنظومة الليبرالية الجادة وليست الانتهازية والمهمومة بوطنها هي بالضبط ما تحتاجه مصر الآن في مرحلة البناء والتحول نحو الديمقراطية ، لكي تموت في بلادنا إلى الأبد هيمنة المؤسسة الأمنية وأذرعها المختلفة على النشاط السياسي والأهلي والإعلامي والثقافي والديني وجميع مناحي الحياة ، ولكي تعود إلى المجتمع هيبة القانون وهي الضمانة الحقيقية لوجود دولة ونظام وأمن وأمان ، وفي التراث الإسلامي : "إن الله يقيم دولة العدل ولو كانت كافرة ولا يقيم دولة الظلم ولو كانت مسلمة" ، وتلك الليبرالية الوطنية الجادة هي الضمانة أيضا لترسيخ حق الجميع في المشاركة وترسيخ حرمة صندوق الانتخاب وتحصين صوت المواطن وجعله هو وحده المرجعية التي تحدد حكومته ونظامه السياسي ، وإذا كانت جميع القوى الوطنية تستفيد من تلك الروح إلا أن البديهي أن التيار الإسلامي هو أول مستفيد من تلك النقلة الجديدة ، لأنه التيار الذي عانى أكثر من غيره من التهميش السياسي والاستباحة الأمنية .
الليبرالية لها جوانب قد لا نرتضيها ، ولكن أي تيار آخر ستجد عنده بعض تلك الجوانب التي قد لا ترتضيها حتى بين الإسلاميين وبعضهم البعض ، غير أن البرادعي ليس على رأسه بطحة اتهام بالتطرف أو التشدد أو غير ذلك ، بحيث يضطر إلى أن يقول أنه سيختار نائبه قبطي ونائبته امرأة ، هو ليس مضطرا إلى ذلك ، لأن تاريخه بعيد عن هذا التحيز ولا يحمل عبء تاريخ من الشك والممارسات المضطربة من قبل الآخرين ، والبرادعي ليس ابن أي تيار سياسي أو حزبي مصري أو قوة شعبية من الذين أفرزتهم حقبة مبارك وما قبلها ، وهو ما يجعله على مسافة واحدة من الجميع ، وتصبح قوته في منصب الرئاسة من قوة التوافق حوله بين أكثر من قوة سياسية وشعبية ، وهذه ضمانة أخرى ، كما أن هذه الوضعية تجعله أقرب للتوافق أيضا مع القوات المسلحة وأقل إزعاجا أو إثارة للقلق معها ، وهذا شرط ضروري لعبور المرحلة الانتقالية بأمان ، لأن القوات المسلحة كما كانت شريكة في الثورة ونجاحها فهي شريكة وضامنة للانتقال الآمن لمصر إلى الديمقراطية ، وقد برهن رجالها على أمانتهم ومصداقيتهم منذ اللحظة الأولى .
البرادعي هو الوحيد الذي يحمل شخصية لها هيبة دولية واحترام كبير ، ليس فقط لأنه يحمل أرفع جائزة دولية ، جائزة نوبل للسلام ، وإنما أيضا لإدارته واحدة من أعقد المؤسسات الدولية لسنوات طويلة ، وبالتالي فهو وجه مقبول دوليا ، في مرحلة تحتاج مصر إلى إرسال رسائل إلى أكثر من طرف وجهة في الخارج تطمئنها على أن النظام السياسي الجديد له تاريخ من المسؤولية الدولية ، وأنه بعيد عن النزق والعشوائية ، وهذه الثقة تتيح لمصر سرعة التعافي خاصة على المستوى الاقتصادي ، والبرادعي في العلاقات الدولية أكثر شفافية من آخرين لا تنقطع صلاتهم بعواصم عربية وإسلامية مرفقة باتهامات لا داعي لسوقها هنا ، ولا ينبغي الاستخفاف بأهمية الرسالة التي يتوجب على مصر الثورة إرسالها إلى العالم ، لأن الجميع قلق من مصر الجديدة وتوابع ثورتها ونظامها السياسي الذي ما زال في رحم الغيب ، وينظرون بريبة وتوجس إلى كل خطوة تتم الآن ، والدول في مرحلة إعادة بناء منظومتها الداخلية تكون في حاجة إلى معادلة صفرية للصراعات الخارجية وإلا انتهينا إلى ما يشبه تجربة غزة أو السودان .
عندما نتكلم الآن عن مرشح مرحلي لرئاسة مصر الآن ، فمن المفهوم أننا لا نستحضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا عمر بن عبد العزيز ، ليس الرجل النموذج ، وإنما الأفضل الممكن ربما بين أفاضل آخرين لتلك اللحظة ، وبالتالي من حق الجميع أن يطرح تحفظاته على شخصية البرادعي لأخطاء رآها هنا أو تصريح لم يعجبه هناك ، ولكن التقييم يكون بإجمالي الحالة ، كما يكون من الأمانة مراعاة تطور وعي الرجل بطبيعة الخريطة السياسية والاجتماعية والدينية في مصر وبالتالي مسارعته لتصحيح بعض المواقف التي دفع إليها تشويش بعض من كانوا حوله ، مثل موقفه من المادة الثانية للدستور والتي سارع إلى تصحيح موقفه منها ودفاعه عنها ، وأيضا من المهم أن لا ننساق وراء خزعبلات النظام السابق ودعاية إعلامه السوداء ضد الرجل وحكاية أنه لا يعرف كيف يصلي وأن ابنته تسبح بالبكيني والحديث المختلق عن تواطؤه في الملف النووي الإيراني أو العراقي وأنه مدعوم أمريكيا وغير ذلك من أكاذيب الدعاية السوداء ، وعلينا أن نقيم الرجل بالمأمول من قدراته على العطاء لوطنه وإفادته في تلك اللحظة وليس بالتنقيب في سلوكه الشخصي ، ومن ثم فأتصور أن القوى الوطنية المصرية التي فجرت الثورة وفي مقدمتهم فصائل التيار الإسلامي والإخوان مدعوون إلى تعزيز تواصلهم مع البرادعي وحوارهم معه في شتى الملفات المطروحة ، لتقليل مساحات الاختلاف وتعميق الثقة وتصحيح الرؤية في بعض الأمور التي يشوبها سوء الظن ، .. مصر في تلك اللحظة التاريخية في حاجة إلى شخصية مثل البرادعي .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.