قال مرصد دار الإفتاء المصرية للفتاوى التكفيرية، إن تعامل جماعات الإسلام السياسي مع الدين على أنه إيديولوجية سياسية وتصدر غير المؤهلين للحديث عن الشريعة جعلتنا أمام تحد متزايد لنقل صورة الإسلام الصحيحة إلى العالم. واستعرض المرصد في تقريره الثالث حول "أثر الفتاوى المتطرفة على صورة الإسلام في الغرب"، نماذج من فتاوى القتل والعنف والخطف التي شهدها العالم في الماضي والحاضر وأثرها علي صورة الإسلام في العالم, والتي كان من أشهرها فتوى إهدار دم سلمان رشدي الكاتب البريطاني ذي الأصول الهندية وصاحب رواية "آيات شيطانية" والتي أصدرها الخوميني في أواخر الثمانيات، وهو الأمر الذي تناولتها وسائل الإعلام الغربية بنوع من التحيز الشديد والتعميم بأن الإسلام يدعو إلى قتل روائي بسبب كتابته، وهو ما أدى إلى صدور عدد من الترجمات لتلك الرواية وشن العديد من الكتاب والمفكرين الغربيين الهجوم المضاد ضد الإسلام والمسلمين باعتبار أن الإسلام يبيح قتل الكاتب سلمان رشدي. كما عرض التقرير لما تقوم به حركة "بوكو حرام" من انتهاك للحرمات واستباحة الدماء، وهو ما اعتبرته الدار استخدامًا صارخًا من قبل الجماعات المتطرفة لسلاح الفتاوى لتبرير عملياتها الإجرامية في حق الأبرياء. وذكر التقرير أن حركة "بوكو حرام" منذ إنشائها وهي تقوم باجتزاء النصوص الدينية من سياقها وتنزيل الأحكام والفتاوى في غير موضعها، وبدأت المجموعة بمهاجمة الكنائس والمدارس ومراكز الشرطة والجيش والدوائر الحكومية وخطف السياح واغتيال المسلمين الذين يوجهون نقدا للمجموعة. وأشار التقرير إلى أن عدد الذين قتلوا على أيدي جماعة "بوكو حرام" طبقا للإحصائيات الرسمية يقدر بنحو 10 آلاف شخص، من ضمنهم عدد كبير من الأطفال من طلبة المدارس، كما أثارت تلك الجماعة انتقادات دولية واسعة بعد خطفها لعشرات الفتيات من إحدى المدارس وهو الأمر الذي ظهر جليا من خلال متابعة مرصد دار الإفتاء لوسائل الإعلام الأجنبية حيث اتخذت البرامج الإخبارية والحوارية ما فعلته تلك الفئة الضالة ذريعة للنيل من رسالة الإسلام وتعاليمه وأشاد التقرير في هذا الصدد بما قام به الأزهر من وضع الأمور في نصابها بإدانة هذه الأفعال الإجرامية وأنها بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام الصحيح ومطالبته لتلك الجماعة الضالة بالإفراج الفوري عن الفتيات المختطفات. وأضاف أن تلك الفتاوى الضالة ودعوات القتل والخطف والتدمير من قبل جماعات إسلامية متطرفة تضعنا أمام مسؤولية تاريخية وهو ما يتطلب منا ممارسات ومبادرات حقيقية على أرض الواقع تهدف إلي الدخول في حوار مباشر مع أصحاب الرأي والفكر والإعلام في العالم الغربي. وعن أسباب ظهور الفتاوى المتطرفة والشاذة، ذكر التقرير أن من أهم تلك الأسباب هو تعامل بعض الجماعات والفرق مع الدين على أنه إيديولوجية سياسية، "وهو أكبر خيانة تمارس بحق الدين، لأنه في هذه الحالة، يختزل الإسلام في مجموعة من المبادئ السطحية ويضيق مساحته الرحبة ويميل بشكل دائم إلى العنف". وأشار إلى أن عنف هذه الجماعات المتطرّفة يحظى بتغطية إعلامية واسعة -خاصة في الغرب- تحجب أصوات الغالبية العظمى من المسلمين التي ترفض ممارسة هذا العنف مطلقا، وأحيانا تتعمد بعض الأطراف إبراز هذه الجماعات المتطرفة ودفعها إلى الواجهة بنيات أو غايات سيئة ترمي إلى تشويه صورة الإسلام الصحيح. واعتبر تقرير مرصد دار الإفتاء أن تصدّر غير المؤهلين للحديث عن الشريعة، من الأسباب الأساسية لتشويه صورة الإسلام. وشدد على أن وسائل الإعلام الغربية يجب أن تتحمل مسؤولية أخلاقية بإتاحة الفرصة لعلماء الأمة الراسخين لتوضيح حقائق الإسلام للعالمين بدلاً من استضافة أشخاص يتحدثون باسم الإسلام ولا يعرفون عن الإسلام إلا قشورا لا تسمن ولا تغني من جوع فيضلون ويضلون. وأوصى التقرير بضرورة الاهتمام بالتواصل والحوار مع العالمين، تواصلاً يهدف إلى البيان والتوضيح وليس الدفاع أو الهجوم وهو ما حث عليه الشرع الشريف، والدليل على ذلك أن القرآن الكريم حاور اليهود والنصارى وحاور منكري البعث ومنكري الرسالات السماوية، وحاور الجميع بمنطق العقل والحجة، فالحوار مفيد لنا باستمرار لأنه يعرض منطق الإسلام وحججه الواضحة. كما أوصى بضرورة تنسيق الجهود الإسلامية في مجال رصد الفتاوى المسيئة للإسلام والمسلمين والتعامل معها بشكل عملي وفقهي يقدم معالجة وافية وكافية لها ويرد كل ما يثار من شبهات حول صورة الإسلام والمسلمين. وتابع: "كما أننا بحاجة إلى أن نخاطب الغرب بلغة يفهمها ويتواصل بها، كما أنها لابد أن تكون عبر سبل وآليات تصل بالرسالة الإسلامية إلى عقر دار المجتمع الأوروبي والأمريكي لإزالة اللبس وسوء الفهم عن الإسلام والمسلمين.بالإضافة إلى إعداد دراسات معمقة لأسباب ظواهر التكفير والتطرف والتي تغذي الحركات الإرهابية حول العالم، وتدفع الكثيرين إلى اللجوء إلى العنف وحمل السلاح والصدام مع العالم من حوله".