ركز البحث في قمة رؤساء وممثلي الطوائف الدينية الاسلامية والمسيحية في لبنان على تثبيت الوحدة الوطنية في لبنان بالتزامن مع ما تشهده العديد من الدول العربية من احداث. وأدان المشاركون في القمة الاحداث التي اخذت بعدا طائفيا في مصر ومن قبلها العراق. وجاءت القمة بدعوة من البطريرك بشارة الراعي – بطريرك انطاكيه وسائر المشرق للموارنة الذي دعا في كلمة الافتتاح الى تفعيل التعاون بين السلطة الروحية والسلطة السياسية حيث قال: "بما ان القمة الروحية المسيحية - الاسلامية حاجة من اجل تعزيز الثوابت الوطنية وتحقيق الاهداف المشتركة لمتابعة الامور والخيارات التي تترجمها في الاعمال والممارسة والمواقف، فلا بد من ان تعقد لقاءات دورية نتفق عليها، وبما ان لبنان يميز بين الدين والدولة ويحترم الاديان عقيدة وممارسة، بات من الواجب قيام تعاون وثيق بين السلطة الروحية والسلطة السياسية من اجل الخير العام وخيرهما المشترك على قاعدة التفاهم والاحترام المتبادل". واضاف "من شأن القمة الروحية أن تشدد على القيم الروحية والاخلاقية في الممارسة السياسية وان ندافع عن الثوابت الوطنية والوحدة الداخلية والاهداف المشتركة". البيان الختامي للقمة الروحية في لبنان ويبدو ان الابتعاد عن مناقشة القضايا الخلافية جعل من مدولات القمة تجري بسلاسة اذ خرج المجتمعون بعدها ليأخذوا صورة تذكارية في اجواء سادتها ابتسامات علت وجوه الحاضرين. وفي تصريح ل بي بي سي، اعرب الشيخ حسن عواد - رئيس المحاكم الجعفرية في لبنان عن الامل في " ان يؤسس هذا اللقاء لمرحلة جديدة في خدمة لبنان وان تكون هذه القمة ممتدة في المرحلة القادمة وان تعطي موقفها المناسب في القضايا التي تهم لبنان بما فيه مصلحة ابنائه جميعا". وصدرعن القمة الروحية لاحقا بيان ختامي تلاه محمد السماك :الامين العام للجنة الحوار المسيحي-الاسلامي. وناشد المجتمعون فيه القادة السياسيين المعنيين للاسراع في تأليف الحكومة اللبنانية اليوم قبل الغد وذلك في ظل حساسية المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية. ورفض المجتمعون كل اشكال النزاعات الطائفية وأبدوا" قلقهم واستنكارهم الشديدين لتداعيات الاحداث التي اتخذت بعدا طائفيا في جمهورية مصر العربية الشقيقة، ومن قبلها العراق، والتي طالت العديد من المسيحيين ووصلت الى حد الاعتداء الاثم على الكنائس، واكدوا موقفهم الثابت، وهو ان اي اعتداء على اي بيت من بيوت الله او على مقدس من مقدساتنا الدينية، هو بمثابة اعتداء عليها جميعا". اهمية الدولة كما شدد البيان الختامي على ما سماه الثوابت الوطنية في مقدمتها :" الوحدة الوطنية بين اللبنانيين جميعا، والتحذير من حال التشرذم الداخلي التي يضعف استمرارها، مناعة لبنان ويطعن في صدقية رسالته، وفي قدرته على مواجهة تحديات التطورات التي تشهدها المنطقة العربية، الامر الذي قد يعرضه لا سمح الله الى ان يدفع مرة جديدة الثمن الباهظ من امنه وسلامته واستقراره". واوضح البيان اهمية الدولة اللبنانية لاستقرار لبنان بتأكيده على :"اعتبار الدولة اللبنانية مصدر قوة للبنانيين جميعا والحاضنة لهم، مما يفرض على المواطنين توطيد ثقتهم بها، ودعم مؤسساتها، ومن القيادات السياسية الارتفاع في اختلافاتها وفي تباين وجهات نظرها، لغة ومضمونا، وسيلة وهدفا، الى المستوى الذي يُمكن لبنان من مواجهة الصعوبات السياسية والاقتصادية التي يواجهها، ومن الاستجابة لمقتضيات العيش الوطني الذي من دونه يفقد لبنان جوهر كيانه". وخلصت القمة الى ضرورة "التزام ثقافة الحوار" أساسا للبت القضايا اللبنانية الكبرى، وعلى تأكيد التزام لبنان بميثاقه الوطني ووثيقة الوفاق في الطائف والمواثيق العربية والدولية في اطار جامعة الدول العربية ومنظمة الاممالمتحدة، مما يجنبه الدخول في الخلافات والصراعات والمحاور الاقليمية والخارجية بصورة مباشرة وغير مباشرة. الدعوة لقمة دورية كما جدد المجتمعون التأكيد "على سيادة لبنان وحريته واستقلاله، وحق الدولة في تحرير اراضيها التي تحتلها اسرائيل، وثمنوا دور قوات اليونيفيل في جنوب لبنان داعين الأممالمتحدة والمجتمع الدولي الى الضغط على إسرائيل لحملها على تنفيذ القرارات الدولية التي تطالبها بالإنسحاب الفوري وغير المشروط من كل الأراضي اللبنانية، واحترام سيادة لبنان على أرضه ومياهه وفضائه". وشدد البيان الختامي على "أهمية حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي هو مفتاح السلام والأمن والإستقرار، بما يضمن تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة". وتوجهت القمة الروحية بمناشدة الى جميع اللبنانيين، وبخاصة الشباب، التمسك بأرضهم في الوطن، والتشبث بقيمهم الإيمانية وبقيم وطنهم وثقافته المنفتحة على التنوع، مبتعدين عن أخطار التزمت والتطرف الديني الذي يشوه صورة الآخر ويروج للتقوقع والإنغلاق ويزعزع الثقافة الوطنية المشتركة المبنية على اعتبار العيش معا قيمة إنسانية سامية. وحذرت من الإستسلام الى تجربة الإنطواء على الذات في مجموعات طائفية متجانسة ومنقطعة عن التواصل في ما بينها، لأن في ذلك تقطيعا لأوصال المجتمع ولجذور الوحدة الوطنية". وقد أقر المجتمعون مبدأ عقد لقاءات دورية للقمة الروحية، والتوجه بمبادرة روحية وطنية لمعالجة الخلافات السياسية الداخلية. واخيرا يمكن القول ان المشاركين في القمة الروحية الاسلامية- المسيحية قد أكدوا على ضرورة تفعيل دور رجال الدين في تعزيز الاستقرار في الداخل ، ووجهوا رسالة الى الخارج تؤكد ان العامل الديني يمكن ان يكون مصدر تنوع واتفاق وليس بالضروة مصدر تنازع واختلاف.