شهد اليوم الثاني من الاقتراع الرئاسي في مصر، يوم الثلاثاء، "إقبالا محدودا" (أقل من المتوسط) في أغلب فتراته قبل أن يتزايد الإقبال التصويتي بشكل نسبي خلال الساعة الأخيرة من اليوم، وفق ما رصده مراسلو الأناضول في لجان اقتراع بمختلف المحافظات المصرية التي أغلقت أبوابها في الساعة ال9 مساءً بالتوقيت المحلي (18 ت.غ). كما تواصل الغياب الشبابي عن مشهد الانتخابات لليوم الثاني على التوالي في أغلب مراكز الاقتراع، بينما بقى التواجد النسائي وكبار السن هو المسيطر على العملية الانتخابية. وبحسب مراسلي الأناضول، فإن معظم المحافظات، شهدت إقبالا متزايدا في الساعة الأخيرة من الاقتراع، خاصة مع دخول وقت الغروب، وانخفاض درجات الحرارة، التي كانت مرتفعة طوال اليوم. وكانت محافظاتالمنيا (وسط)، والبحر الأحمر (شرق)، والسويس (شمال شرق)، والاسكندرية (شمال)، والغربية والمنوفية والدقهلية والبحيرة (بدلتا النيل)، من أبرز المحافظات التي شهدت تزايدا في عدد الناخبين خلال الساعة الأخيرة. وفي ظل هذا الإقبال التصويتي "غير المرض"، وفق تصريحات من مسؤولين وسياسيين وإعلاميين، صدرت تصريحات حكومية من مسؤولين رسميين بالدولة، لدعوة الشعب للنزول والمشاركة في الانتخابات، مثل ما صرح به رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي، عندما دعا الشعب إلى المشاركة في اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية، والنزول للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي وصفها بأنها خطوة لإكمال بناء مؤسسات الدولة. كما دعا محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في بيان له، اليوم، المواطنين بتحمل متاعب اليوم والنزول للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية، لحماية مصر من الفوضى. كذلك صدرت تصريحات مماثلة من محافظين (حكام أقاليم) وشخصيات عامة وأحزاب لدعوة الناخبين للمشاركة في الانتخابات. ونقلت وسائل إعلام مصرية، عن مصادر لم تسمها، تهديدا لمقاطعي العملية الانتخابية بالإحالة للنيابة، أو تغريمهم 500 جنيه (نحو 72 دولارا)، وهو الأمر الذي لم يتم تأكيده أو نفيه من اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات. وتيسيرا على الناخبين، أعلنت وزارة النقل في بيان لها، اليوم، أنه تقرر عدم توقيع أي غرامات على من لم يتمكن، اليوم، من الحصول على تذكرة ركوب في قطارات السكة الحديد، تيسيرًا على جميع المواطنين للوصول إلى مقارهم الانتخابية. كما رصد مراسلو الأناضول وشهود عيان، قيام عدد من شيوخ المساجد، خاصة في قرى الوجه البحري ودلتا النيل (شمال)، بحشد المواطنين للتصويت في الانتخابات. وقبل قرابة ساعتين من غلق باب الاقتراع والاستعداد لبدء فرز الأصوات، قررت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات مد فترة التصويت ليوم ثالث لتنتهي يوم غد الأربعاء بدلا من مساء اليوم الثلاثاء، كما كان مقررا. وبحسب بيان للجنة العليا، جاء قرار التمديد "نظرًا لموجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد"، بالإضافة إلى "ازدياد إقبال الناحبين في الفترة المسائية، حيث أن مواعيد التصويت كانت تنتهي في التاسعة مساءً، ويصعب مدها لأوقات متأخرة من الليل لعدم إجهاد القضاة"، المشرفون على التصويت. وقال البيان إن قرار التمديد جاء "استجابة لرغبات فئات كثيرة من أفراد الشعب وخاصة الوافدين الذين لم يستطيعوا إبداء رغباتهم في الوقت الذي حددته اللجنة، لكي يتمكن من يرغب في الإدلاء بصوته في الموطن الانتخابي الأصلي الخاص به". وتنص المادة السابعة من قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور في وقت سابق من العام الجاري على أن "تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء"، كما تنص المادة 27 من القانون نفسه على أنه "يجري الاقتراع في يوم واحد أو أكثر، تحت الاشراف الكامل للجنة الانتخابات الرئاسية". حملتا المرشحين الرئاسيين بمصر عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي أعلنت بدورهما رفض قرار اللجنة. وقالت الحملتان في بيانين منفصلين، مساء اليوم، إنهما قدمتا اعتراضات رسمية للجنة العليا على قرار مد التصويت، لكن اللجنة أعلنت في بيان لاحق رفضها لاعتراضات المرشحين. حملة السيسي بررت اعتراضها على مد التصويت لليوم الثالث، لعدم وجود مبرر لذلك، وعدم استشارة المرشح الرئاسي (السيسي) قبل اتخاذ هذا القرار". وفي تصريح للأناضول عبر الهاتف، قال محمود بكري، المسؤول بغرفة عمليات حملة السيسي، إن "الحملة تدرس عدم إرسال مندوبيها لمراكز الاقتراع غدا، في حال تعنت اللجنة ورفضها الاعتراض المقدم من قبل المرشحين الوحيدين". في المقابل، اعتبرت حملة المرشح الرئاسي حمدين صباحى، في بيان، أنه "لا مبررات وأسباب حقيقية تدفع لقرار المد إلا كونه استجابة لضغوط تسعى في أغلبها لا لتمكين المصريين من حقهم في التعبير عن رأيهم وانما التدخل في أرقام ونسب المشاركة والتصويت في الانتخابات، خاصة في ظل تزايد واضح في حجم التجاوزات والانتهاكات الانتخابية وفى ظل المنع المستمر لمندوبينا من أداء مهامهم، والقاء القبض علي عدد منهم وهو ما اثر علي قدرتنا بشكل كبير علي متابعة العملية والتحقق من نزاهة تلك الانتخابات برمتها". وفي تصريحات لوكالة الأناضول عبر الهاتف، قال حامد جبر، عضو اللجنة القانونية لحملة صباحي، إن "انسحاب صباحي هو السيناريو الأقرب للحملة في التعامل مع اللجنة في حال رفضها الانصياع لرفض طلب حملتي المرشحين الرئاسيين (صباحي وعبد الفتاح السيسي)، خاصة أن غالبية أعضاء حملة صباحي يطالبونه بضرورة الانسحاب". ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من اللجنة العليا للانتخابات على ما ذكرته الحملتين. والإنسحاب من الانتخابات في هذا التوقيت ليس له أثر قانوني؛ حيث جرى إغلاق باب الانسحاب أمام المرشحين في وقت سابق على بدء التصويت. ومر اليوم بدون مشاكل أمنية واضحة، حيث لم يقع أي تهديد أو استهداف لمراكز الاقتراع، فيما وقع صباح اليوم انفجار محدود بمنطقة مصر الجديدة، شرقي القاهرة، جراء انفجار عبوة ناسفة بدائية، دون إصابات. وتفقد مديرو الأمن في المحافظات مراكز الاقتراع، للاطمئنان علي سير العملية الانتخابية، فيما قامت قوات شرطية بتوزيع المياه المعدنية المثلجة على الناخبين في عدد من المحافظات، نظرا لارتفاع حرارة الجو. من جانبه، أعرب "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، في بيان عن تقديره للشعب المصري "الواعي، خاصة الشباب، الذي أصر لليوم الثاني علي نجاح معركة اللجان الخاوية في مسرحية الرئاسة الهزلية والتي تمثل ولاشك عقاب شعبي منقطع النظير" للسلطة الحالية. وكان التحالف ذاته، ثمن، أمس، في بيان، ما وصفه ب"المقاطعة الشعبية الواسعة للمصريين في الانتخابات الرئاسية". وكان اليوم الأول من التصويت شهد إقبالا تراوح بين "المتوسط" و"المنخفض" في فتراته المختلفة، حسب رصد مراسلي الأناضول في المحافظات المختلفة. وبخلاف منح العاملين بالدولة اليوم الثلاثاء أجازة رسمية لتمكنيهم من التصويت، قال حسام جاويش، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، إن غدا الأربعاء هو يوم عمل عادي ولا إجازة فيه. وينتظر أن تبدأ عملية فرز أصوات الناخبين عقب إغلاق صناديق الاقتراع في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم غد الأربعاء، وذلك أمام ذات اللجان الفرعية التي جرت فيها عمليات الاقتراع، تمهيدا لإرسالها إلى اللجان العامة، التي ستحيلها بدورها إلى لجنة الانتخابات الرئاسية التي ستقوم بإعلان النتيجة النهائية بإعلان الفائز بمنصب رئيس الجمهورية في موعد أقصاه 5 يونيو/ حزيران المقبل. وتجرى الانتخابات، التي دعي إليها نحو 54 مليون ناخب، وسط إجراءات أمنية مشددة حيث تحولت مراكز الاقتراع إلى ما يشبه "الثكنة العسكرية"، وقد أحيطت بالحواجز الحديدية، كما تم وضع السواتر الرملية أمام أبواب المراكز، وانتشرت الدوريات الأمنية المشتركة بين الجيش والشرطة في محيطها. والانتخابات الرئاسية التي تم مدها ليوم ثالث، هي إحدى خطوات خارطة الطريق الانتقالية، التي أعلنها الرئيس المؤقت عدلي منصور في 8 يوليو/ تموز الماضي، بعد 5 أيام من عزل مرسي، وتشمل أيضا تعديلات دستورية (أقرت في استفتاء شعبي في يناير/ كانون الثاني الماضي)، وانتخابات برلمانية (تجرى في وقت لاحق من العام الجاري لم يتحدد بعد). وبحسب مراقبين، فإن الوصول إلى نسب مشاركة تتعدى انتخابات الرئاسة في عام 2012، يمثل تحديا للسلطة الحالية، ويعطي الرئيس القادم شرعية على المستويين الدولي والمحلي. وكان مرسي قد فاز عام 2012 بأول انتخابات رئاسية تشهدها مصر، عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس آنذاك، حسني مبارك، بعد حصوله على نسبة 51.7% من أصوات الناخبين بفارق ضئيل عن منافسه أحمد شفيق المحسوب على نظام مبارك. وشارك في جولة الاعادة للانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012 بين مرسي، وأحمد شفيق أخر رئيس وزراء عينه الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل الإطاحة به عبر ثورة شعبية في يناير/كانون الثاني 2011، نحو 26 مليون ناخب مثلوا نحو 51% من إجمالي عدد الناخبين المسجلين في ذلك الوقت الذين بلغ عددها أكثر من 50 مليونا.